معارضة الداخل تنضم إلى الرافضين لمبادرة الأسد

الائتلاف يلتقي «أصدقاء سوريا» غدا لبحث تطورات «الثورة»

TT

في مفاجأة قوية، أعلنت المعارضة السورية في الداخل أمس رفضها الحل الذي اقترحه الرئيس السوري بشار الأسد للازمة في بلاده الأحد، وذلك بالتوازي مع استمرار ردود الفعل الدولية المستنكرة لمحتوى الخطاب الرئيس السوري بشار الأسد حول رؤيته لحل الأزمة السورية. وفي خطوة تهدف إلى مزيد من الإجراءات لإنقاذ السوريين من آلة القتل النظامية، يجتمع الائتلاف الوطني غدا الأربعاء في لندن مع كتلة أصدقاء سوريا لبحث تطورات «الثورة». وقال حارث النبهان، عضو الائتلاف الوطني السوري، لـ«الشرق الأوسط» إنه سيتم بحث حلين؛ الأول هو استمرار الثورة، والثاني حل سياسي يتضمن خروج الأسد من السلطة. بينما قال قياديون بالإتلاف إن معنويات نظام دمشق منهارة، خاصة بعد الخطاب الأخير للرئيس السوري.

وقال حسن عبد العظيم، المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي (الذي يمثل أهم تجمع للمعارضة السورية في الداخل)، في مؤتمر صحافي عقده في دمشق «لن نشارك في أي مؤتمر للحوار الوطني قبل وقف العنف أولا وإطلاق سراح المعتقلين وتأمين الإغاثة للمناطق المنكوبة المتضررة وبيان مصير المفقودين».

وأوضح عبد العظيم أن «أي تفاوض، وليس حوار، يجب أن يكون بإشراف مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي»، مؤكدا أنه لن يكون هناك «حوار أو تفاوض بيننا وبين النظام مباشرة»، لأن «مرحلة الحوار السياسي والحل السياسي فات أوانها وزمانها ومكانها». وفي بيان للهيئة تلته أمين سرها رجاء الناصر، اعتبرت أن خطاب الأسد جاء «ليقطع الطريق على ما حمله الإبراهيمي من مبادرة لحل سلمي يجري العمل على تحقيقه، وعلى مساعيه لتأمين توافق دولي أميركي لضمان نجاح هذا الحل».

من جانبه، يجتمع الائتلاف السوري المعارض والكتلة الأساسية لأصدقاء الشعب السوري غدا في لندن لبحث تداعيات وتطورات الأزمة السورية وطرق توصيل المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين السوريين في الداخل من النازحين، وفي الخارج ممن لجأوا للمخيمات في دول الجوار السوري. وقال حارث النبهان إنه توجد مساع للتواصل مع عدة دول إقليمية «لاستجلاب أكبر قدر من المساعدات للثورة السورية»، موضحا أن خطط الائتلاف في المرحلة المقبلة تحمل حلين: «السيناريو الأول هو استمرار الثورة في طريقها وزيادة عدد الانشقاقات وتراجع القوات الحكومية شيئا فشيئا، وهو الأمر الأكثر تكلفة على الشعب السوري. والسيناريو الثاني هو الدخول في حل سياسي دبلوماسي يفرض رحيل الأسد طوعا.. وهذا ما نسعى إليه في اجتماع الكتلة الأساسية لأصدقاء الشعب السوري في لندن».

وأكد الائتلاف السوري «عدم أهلية بشار الأسد لشغل منصب رئيس دولة يدرك المسؤوليات الجسام التي تقع على عاتقه في فترة حرجة من تاريخ بلده»، وأنه «غير قادر على الشروع في حل سياسي» يقدم مخرجا للبلاد ولنظامه بأقل الخسائر. كما يرى الائتلاف في كلمة الأسد إجهاضا استباقيا للحلول الدبلوماسية العربية والدولية على حد سواء، في حين يؤكد الائتلاف التزامه بأي حل يوقف حمام الدماء ويضمن تحقيق ثوابت أساسية تم التوافق عليها بين معظم مكونات الثورة والمعارضة، ومن أهمها تنحية الأسد وإنهاء نظامه الأمني.

ودعا الائتلاف الوطني السوري في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، المجتمع الدولي إلى التعامل مع المسألة السورية باعتبارها عملية لإنقاذ الشعب السوري والمنطقة «من طاغية أعماه جشعه ونرجسيته وتشبثه بالسلطة عن رؤية الواقع وأصبح خطره يهدد الأمن الإقليمي والدولي، بعد أن قام بسفك دماء ما يزيد على 60 ألفا من مواطنيه، وتدمير قطاعات واسعة من البنية التحتية لبلاده».

وأثار خطاب الأسد يوم أول من أمس ردود فعل غاضبة لدى المعارضة السورية، وقال جبر الشوفي مدير مكتب المجلس الوطني السوري الذي يشكل الأغلبية في الائتلاف الوطني السوري، لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السوري حشد الجمهور أمام الأسد أثناء إلقائه لخطابه في محاولة منه لرفع معنوياته المنهارة ومستعينين بقوتهم من المبادرات السياسية التي طرحها الموفد العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي والمواقف الروسية والإيرانية الداعمة لنظام الأسد.

وعلى الصعيد الدولي، أعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو أن «تصريحات بشار الأسد تعكس مجددا إنكار الواقع الذي يتمسك به لتبرير قمع الشعب السوري». وكانت واشنطن اعتبرت أن خطاب الأسد «هو محاولة جديدة يقوم بها النظام للتمسك بالسلطة، ولا يقدم أي شيء ليمضي الشعب السوري قدما نحو تحقيق هدفه المتمثل في انتقال سياسي». واعتبرت الخارجية الأميركية أن مبادرته «منفصلة عن الواقع»، و«تقوض جهود الوسيط (الدولي) الأخضر الإبراهيمي، وستكون نتيجتها الوحيدة استمرار القمع الدامي للشعب السوري».

وعلى الجانب الآخر، وبعد إشادة الأسد بالدول التي دعمت دمشق وهي روسيا والصين وإيران، نقلت قناة «برس تي.في» الإيرانية أمس عن علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، أنه ألقى اللوم على «دول ترعى جماعات إرهابية في سوريا لإراقة الدماء هناك». وقال لاريجاني - خلال اجتماع مع فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري في طهران - إن «الخطوات التي اتخذتها هذه الدول لإضعاف دمشق ستخلق تحديات أمنية في المنطقة». فيما قال الناطق باسم الخارجية الصينية هونج لي إن بلاده سترحب بأي حل يكون مقبولا من جانب كل الأطراف في سوريا بهدف إنهاء العنف في البلاد، داعيا «كلا من الحكومة والمعارضة في سوريا إلى إبداء أولوية للمصالح الأساسية وطويلة الأمد للشعب السوري وإنهاء العنف سريعا».

إلى ذلك، وجه البابا بنديكتوس السادس عشر أمس نداءات ملحة للتوصل إلى حل متفاوض عليه للنزاع في سوريا، معتبرا خصوصا أنه «لن يكون هناك منتصرون وإنما فقط خاسرون» إذا استمر القتال في هذا البلد.