مقتل رضيع ورجلين بسبب عاصفة نادرة في لبنان

أمطار غزيرة تمتد إلى الأردن وسوريا وفلسطين والعراق

سيارات وسط فيضانات تغطي الطريق الرئيسي للعاصمة اللبنانية بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

قتل طفل ورجلان أمس بسبب عاصفة قوية تجتاح لبنان خلفت أضرارا مادية بالغة في المزروعات والممتلكات والسيارات والطرق والبنى التحتية، فيما تتوقع مصلحة الأرصاد الجوية استمرارها خلال الأيام المقبلة. وشهدت منطقة الشرق الأدنى أمس أمطارا وانخفاضا شديدا لدرجات الحرارة، إذ شهدت كل من لبنان وسوريا والأردن وفلسطين والعراق اضطرابات جوية وفيضانات.

وقد ضربت عاصفة نادرة، وصلت منطقة شرق البحر المتوسط، لبنان بدءا من بعد ظهر السبت، وشلت العاصفة الحركة كليا في بعض المناطق اللبنانية، فيما شهدت مداخل العاصمة بيروت ازدحاما شديدا لنظرا لصعوبة المرور مع تراكم مياه الأمطار. ويشرح محمد فارس، رئيس فرع الأرصاد الجوية في مطار بيروت لـ«الشرق الأوسط» أن «الثلوج ستنهمر على لبنان بشدة، مما سيخفض درجة الحرارة على الساحل غدا لتصل إلى 9 درجات، فيما تغطي الثلوج الجبال اليوم على ارتفاع 700 متر وتنهمر على ارتفاع منخفض غدا لتطال مناطق على ارتفاع 500 متر وما دون. وستصل درجة الحرارة في بعض المناطق الجبلية إلى صفر». وتتوقع الأرصاد الجوية أن تخف حدة العاصفة يوم الخميس حيث سيشهد لبنان هطول أمطار متفرقة، على أن تبقى درجات الحارة متدنية جدا. «وتساقط على لبنان خلال يوم السبت وحده 139 مليمترا من المياه، أي ما يوازي نصف المعدل السنوي العام المقدر بـ367 مليمترا في السنة»، بحسب محمد فارس، وشرح قائلا: «إن نسبة الأمطار التي تساقطت على لبنان لغاية يوم أمس بلغت 644 ملم، أي أنها وصلت إلى ضعف المعدل السنوي فيما فصل الشتاء ما يزال في بداياته». وبحسب فارس «فإن سرعة الرياح وصلت إلى 100 كيلومتر في الساعة، فيما سرعتها عادة تتراوح بين 20 و60 كلم في الساعة. ووصل موج البحر إلى ارتفاع ثمانية أمتار نتيجة الرياح العاتية».

وتصل هذه العاصفة الاستثنائية في مواصفاتها إلى لبنان وشرق المتوسط آتية من روسيا بدل العواصف ذات المصدر التركي التي اعتاد عليها المتوسط. ويصف فارس هذه العاصفة بالـ«نادرة».

ونظرا لسوء الأحوال الجوية، وكثافة الأمطار وشدة الرياح، وما تسببت به من إغلاق لطرقات، فقد أصدرت وزارة التربية اللبنانية مذكرة يوم أمس تقضي بإغلاق المدارس الرسمية والخاصة اليوم وغدا نظرا لأن «لبنان يتعرض لظروف مناخية نادرة لم يتعرض لها منذ عشرات السنين، وحيث إن العاصفة الثلجية والأمطار الغزيرة تصيب كل المناطق اللبنانية» وتركت الوزارة للجامعات أن تأخذ قرارها بالتعليم أو إقفال أبوابها.

وتسببت العاصفة أيضا بأضرار جسيمة طالت شبكة التوزيع الكهربائي على مستوى التوتر المنخفض والمتوسط مما حرم بعض المناطق من التيار الكهربائي. وسجل انزلاق لسيارات، وحوادث سير. وأصدر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أمرا قضى برفع الجهوزية بنسبة 90% في القطاعات العملانية من أجل البقاء على أتم الاستعداد للتدخل الفوري واتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية التي من شأنها تسهيل حركة السير على مختلف الطرقات، والحؤول دون تعرض المواطنين للخطر لا سيما قاطني المناطق الجبلية وسالكي طرقاتها. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية أمس أن المياه التي فاضت في الوادي الفاصل بين بلدتي جدرا وسبلين في جنوب لبنان، جرفت خيما تقطنها مجموعة من البدو، ما تسبب بمقتل الطفل يوسف ركان فضل البالغ من العمر ستة أشهر الذي جرفته السيول نحو البحر، ولم تتمكن القوى الأمنية من العثور على جثته.

وقتل صباح أمس جوزيف أنطوان صفير، عمره 67 عاما بعد انزلاق سيارته بفعل السيول على طريق المنصورية شمال شرقي بيروت، بحسب الوكالة. كما أن سائق حافلة صغيرة قتل جراء حادث سير بين حافلته وسيارة في منطقة ضهر البيدر الجبلية، وهي أعلى منطقة على الطريق الدولية بين بيروت ومحافظة البقاع.

كما تسببت العاصفة بقطع أشجار وانهيار جدران وغمرت المياه الطبقات السفلية للمباني لا سيما في بعض المدن الجنوبية والساحل وصولا إلى الشمال. كما أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي في مناطق كثيرة. وتسببت الرياح والثلوج والانهيارات في بعض الجبال بتلف المزروعات وخراب مواسم بكاملها.

وفي فلسطين، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن أشجارا سقطت في المسجد الأقصى في القدس وأحياء أخرى منها. وأكد النقيب لؤي بني عودة، الناطق باسم الدفاع المدني لوكالة الصحافة الفرنسية أن «عددا من الشوارع في قرى ومدن الضفة الغربية فاض بالمياه وأغلقت محال تجارية في ساعات الصباح الأولى». ولكن لم تسجل أي إصابات بحسب الدفاع المدني الفلسطيني. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هنالك حالات انقطاع في الكهرباء سجلت في كل أنحاء إسرائيل.