الرئيس اليمني يصدر قرارا لمعالجة قضايا الأراضي والمفصولين في الجنوب

مسؤول يمني: القرار يسحب البساط من تحت أقدام المزايدين.. صالح يحذر من «اجتثاث» حزبه

خيام للمعارضين في ساحة «التغيير» بصنعاء أمس حيث ما زالت المظاهرات قائمة (رويترز)
TT

أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أمس قرارا جمهوريا بتشكيل لجان لحل أهم قضايا الخلاف مع اليمنيين الجنوبيين، التي كانت وراء احتجاجات الحراك الجنوبي، في وقت حذر الرئيس السابق من مغبة ما سماه «اجتثاث» حزبه.

وقضى القرار الرئاسي الصادر بتشكيل لجنتين لحل اثنتين من أبرز نقاط الخلاف مع الجنوبيين هما مسألة الأراضي التي انتزعت من قبل نافذين عسكريين وسياسيين إبان فترة حكم الرئيس اليمني السابق ومشكلة عشرات آلاف العسكريين والموظفين المفصولين، في خطوة تهدف إلى تسهيل انطلاق الحوار الوطني. ونص القرار الذي نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على تشكيل «لجنة نظر ومعالجة قضايا الأراضي» و«لجنة معالجة قضايا الموظفين المبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري». وجاء في نص القرار أن هذا الأخير يأتي «في سبيل إنجاز الحوار الوطني والمصالحة الوطنية ونظرا لما تقتضيه المصلحة العامة». وبحسب القرار، فإن نطاق عمل اللجنتين هو «الادعاءات بالانتهاكات التي وقعت على العقارات والأراضي العامة والخاصة أو على العاملين في المجال المدني والأمني والعسكري للفترة من 1990 حتى صدور هذا القرار»، أي منذ الوحدة بين شمال وجنوب اليمن. وحدد القرار سقفا زمنيا لإنجاز عمل اللجنتين هو سنة واحدة.

وفي تعليق له على صدور القرار الجمهوري أوضح مسؤول يمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن أن مهمة اللجان المشكلة تتحدد في إيضاح حقيقة ما جرى في جنوب البلاد خلال الفترة التي أعقبت تحقيق الوحدة اليمنية، وقال راجح بادي مستشار رئيس الوزراء اليمني: «مهمة هذه اللجان ستكون توضيح حقيقة ما جرى في الجنوب، فيما يخص مشكلة الأراضي التي كثر الحديث حولها، دون وجود أرقام تحدد حجم المشكلة» وأضاف المسؤول اليمني: «ستقوم اللجان التي قضى القرار الجمهوري بتشكيلها بعملين: الأول تشخيص الحالة، والثاني اقتراح المعالجات فيما يخص قضيتين مهمتين هما قضية الأراضي والمفصولين من أعمالهم في المحافظات الجنوبية، لأننا كي نعالج مشكلة ما لا بد أن نشخصها في البداية»، وأكد بادي أن القرار الصادر «سيسحب البساط من تحت أقدام بعض الأطراف المتشددة، والتي تزايد باسم معاناة أبناء المحافظات الجنوبية»، واعتبر أن القرار الذي صدر أمس يمثل خطوة كبيرة في التمهيد للحوار الوطني الذي لا تزال بعض الأطراف المتشددة في الحراك الجنوبي ترفضه، وأضاف بادي أن «الأسماء التي وردت في تشكيلة اللجان تحظى باحترام وسمعة طيبة لدى مختلف الأطراف السياسية، ولا شك أن ما ستتوصل إليه من تشخيصات ومعالجات سيكون بعيدا عن التشكيك».

من جهته قال رياض الأحمدي، الكاتب المختص في الشأن اليمني في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» في لندن: إن «قرار اليوم هو قرار تاريخي نظرا لحساسية القضايا التي سيعالجها، ونظرا لدقة صياغته ووضوح المهام الموكلة للجان المشلكة». وأضاف الأحمدي: «تشكيل لجنتين للنظر في قضايا طالما زايد عليها المزايدون سيؤدي إلى معالجة القضايا والتظلمات لكن ربما لا يؤدي إلى إقناع من هو مصمم أصلا على المضي في مشاريع تقسيم البلاد، لأن هؤلاء كلما لبيت لهم طلبات رفعوا سقف مطالبهم».

وتكونت لجنتا المعالجة من قضاة وضباط، تم تقسيمهم إلى لجنتين، الأولى، لجنة لمعالجة قضايا الأراضي، تتكون من خمسة قضاة، فيما تتكون اللجنة الثانية من عشرة من الضباط والقضاة ومنوط بها معالجة قضايا الموظفين المبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري، وحدد هادي مدة عام لمهام هذه اللجان، حيث ستقوم بالبحث في الادعاءات بالانتهاكات المشمولة في نطاق اختصاصها بناء على شكاوى وبلاغات من المتضررين، وتقديم المقترحات والمعالجات العادلة والقانونية وتقدير التعويضات المناسبة.

وتمثل القضية الجنوبية في اليمن، منذ ما بعد حرب 1994، حتى اليوم، مشكلة رئيسية، أمام الرئيس الانتقالي، وحكومة الوفاق، إلى جانب قضية صعدة، وملف مكافحة الإرهاب في بلد يعاني من الفقر المدقع والأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

ويشتكي جنوبيون كثر من انتزاع أراض منهم خصوصا بعد الحرب بين الجنوب والشمال في 1994، من قبل نافذين في النظام السابق. كما يفترض أن يؤدي القرار إلى إنصاف عشرات الآلاف الموظفين، خصوصا العسكريين، الذين فصلوا من وظائفهم. وتطالب بعض مكونات الحراك الجنوبي بجعل الحوار الوطني المزمع على أساس شمال وجنوب، وهو الأمر الذي لم يلق استجابة داخلية أو خارجية.

إلى ذلك وصف الرئيس السابق علي عبد الله صالح ما سماه بعمليات اجتثاث كوادر المؤتمر الشعبي العام من مؤسسات الدولة، التي تنفذها أطراف سياسية لم يسمها، بالإقصاء غير المسؤول، مؤكدا أن عواقبه ستكون غير إيجابية. وحذر صالح من تحويل اليمن إلى عراق آخر، مذكرا بما حصل في العراق بعد إقصاء واجتثاث حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي كان يقوده صدام حسين. وقال صالح في كلمة نشرها موقع «المؤتمر نت» إن اليمن في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه بحاجة إلى استقرار وأمن وليس بحاجة إلى عنف. ودافع صالح عن الأحداث التي وقعت أثناء الثورة اليمنية بالقول إن «الدولة والجيش والأمن كانوا يحافظون على السلم الاجتماعي ويحافظون على أمن واستقرار الوطن وكانوا في حالة دفاع ضد محاولات احتلال وزارة الداخلية والدفاع وشارع الزبيري والذي كان احتلاله يهدف لتجزئة العاصمة صنعاء إلى ما يسمى (صنعاء الشمالية، وصنعاء الجنوبية) تقليدا لنموذج (بيروت الشرقية، وبيروت الغربية)». ومن المقرر أن يدخل اليمنيون في حوار وطني شامل قريبا لحل القضية الجنوبية وتحديد ملامح الدولة المستقبلية، وصياغة دستور جديد.