اليمن: رئيس «الأمن القومي» يدعو إيران إلى تصحيح أخطاء تدخلاتها في شؤون بلاده

مصادر أميركية: اتفاق بين صنعاء وواشنطن على رفع مستوى التعاون الأمني

TT

دعا رئيس جهاز الأمن القومي اليمني (المخابرات)، الدكتور علي حسن الأحمدي، جمهورية إيران الإسلامية إلى تصحيح أخطائها التي ارتكبتها من خلال التدخل في الشؤون الداخلية لليمن، وقال إن تدخلات طهران في صعدة تمت على أساس مذهبي وإن تدخلاتها الحالية في جنوب اليمن عبر دعم «الانفصاليين» تهدف إلى إفشال المبادرة الخليجية، كما دافع عن الجهاز الذي يرأسه وعن الغارات الجوية للطائرات الأميركية من دون طيار وغيرها من القضايا.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول تلك التدخلات والشبكات الجاسوسية الإيرانية وشحنات الأسلحة المضبوطة مؤخرا، قال الدكتور الأحمدي إن هناك دعما إيرانيا رسميا وآخر من قبل الحوزات العلمية وإنه دعم مادي ومعنوي، وإنه لم يصل إلى مرحلة تقديم السلاح «لأن السلاح موجود في اليمن وبكثرة»، واعتبر أن ما جرى «لا يعني أننا في حالة عداء مع إيران، وهي دولة شقيقة»، مضيفا أنه من المأمول أن تعمل إيران على تصحيح هذا الخطأ وأن تتطور العلاقات بين الدولتين وليس بين إيران وفئة من الشعب اليمني، وقال أيضا إن إيران تدخلت في صعدة من الناحية المذهبية، رغم أن الصراع في صعدة ليس مذهبيا بل صراع سياسي، وإن «مشكلة صعدة بدأت مطلبية وانتهت بسبع حروب عبثية سقط فيها ضحايا من أبناء اليمن سواء كانوا حوثيين أو جنودا، وهذا شيء مؤسف». وذكر أن التيارات الدينية أثرت تأثيرا كبيرا في إذكاء الصراع في محافظة صعدة.

وأضاف رئيس المخابرات اليمنية، خلال لقائه أمس بجمع من الصحافيين، أنه لوحظ مؤخرا أن إيران تقدم دعما للانفصاليين (في الجنوب)، وذلك «في محاولة لإذكاء الصراع أو إفشال المبادرة الخليجية، وربما ليس المقصود بذلك اليمن وإنما في إطار المكايدات الإقليمية»، مؤكدا: «الفرصة ما زالت سانحة أمام إيران لتصحيح موقفها وأن تكون علاقتها طيبة مع الحكومة اليمنية»، وحول جماعة الحوثي التي تستفيد من الدعم الإيراني لها، بحسب التأكيدات الرسمية اليمنية، قال رئيس جهاز الأمن القومي إن ترك الحوثيين السلاح والانخراط في العمل السياسي والمشاركة في الحوار الوطني هو الطريق الصحيح «لأن أي مشكلة قابلة للحل عبر الحوار وليس عبر السلاح».

وحول شحنات الأسلحة التي ضبطت مؤخرا في عدد من المنافذ البرية والبحرية اليمنية، أكد الدكتور علي حسن الأحمدي أن هناك فعلا كميات كبيرة من الأسلحة ضبطت وأنها جميعا من نوع المسدسات العادية وأن دخولها لليمن كان بغرض التجارة وأن بعضها صناعة رديئة، مشيرا إلى التواصل مع الحكومة التركية بهذا الخصوص، لكنه أكد أن اليمن لا يتضرر من هذه الأسلحة بسبب وجودها في السوق اليمنية، ولكن الضرر هو في الإحراج لليمن بسبب تهريب هذه الأسلحة إلى دول الجوار، «فهذا يعتبر ظاهرة خطيرة لأن السلاح لا يوجد لديهم». كما أكد على أن أجهزة الأمن اليمنية ستعلن كل المعلومات بشأن هذه الشبكات التي تعمل في ما بين اليمن وتركيا وجيبوتي.

وفي ما يتعلق بالتعاون اليمني - الأميركي في محاربة الإرهاب، بما فيه «استخدام الطيران الصديق»، حسب وصفه، قال رئيس المخابرات اليمنية إن بلاده دخلت ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، قبل تأسيس جهاز الأمن القومي (أنشئ في 2003)، وإن «هذا التعاون مستمر، وهناك التزامات على الدول من الأمم المتحدة في هذا المجال ووفقا لقرارات مجلس الأمن، وبلادنا من ضمن الدول التي تحارب هذه الظاهرة ومن البلدان التي اكتوت بالإرهاب وما زالت تكتوي بناره، وما زالت تكافح من أجل أن تخلو من هذه الآفة، فإذا خلت اليمن من الإرهاب، فلن نكون بحاجة إلى مساعدة من أي دولة»، كما اعتبر الإرهاب آفة وتحالفا عالميا، مؤكدا أنه لم يكن هناك خيار أمام اليمن إلا أن يتحالف ضد الإرهاب، «لأنه فعلا ألحق به أضرارا وخسائر بشرية ومادية كبيرة، وتضررت سمعة اليمن بسبب الإرهاب، حيث بات يصنف على أنه من البلدان الخطرة، مما جعل المستثمرين والخبراء يحجمون عن زيارة اليمن، وهو الأمر الذي زاد من معاناتنا».

وتطرق رئيس المخابرات اليمنية إلى الأحداث التي شهدتها محافظة أبين والتي استولت خلالها جماعة «أنصار الشريعة» التابعة لتنظيم القاعدة على عدة مدن وبلدات في المحافظة، وقال إن أجانب شاركوا في تلك الأحداث في صفوف التنظيم وينتمون لأكثر من 13 جنسية عربية وأجنبية و«قاموا بقتل اليمنيين سواء كانوا مدنيين أو عسكريين في الجيش أو الأمن وألحقوا الدمار والخراب بمحافظة أبين».

ونفى الدكتور الأحمدي الأنباء التي تتهم جهاز الأمن القومي بالتورط في حالات الإخفاء القسري لشباب الثورة أو غيرهم، كما نفى وجود معتقلات سرية للجهاز داخل صنعاء، مؤكدا عدم وجود سجن رسمي لدى الجهاز وأنه سيتم قريبا إنشاء سجن للجهاز بمعايير إنسانية، وأشار الأحمدي إلى الأخطاء التي ارتكبت إبان الاحتجاجات التي أطاحت بالنظام السابق، وقال إن «تلك الأخطاء ارتكبت من قبل كل الأطراف التي كانت تعتقل من جانبها، واختلط الحابل بالنابل»، مؤكدا أن هناك من مارس دورا خاطئا باسم جهاز الأمن القومي وهو لا ينتمي إليه، لكنه لم ينف ارتكاب بعض ضباط الجهاز بعض الأخطاء، «لكنها في إطار الصراع وليست لها علاقة بمهام واختصاصات الأمن القومي».

إلى ذلك، اتفق اليمن والولايات المتحدة الأميركية على رفع مستوى التعاون الأمني بين البلدين، وذلك في نهاية زيارة وفد أمني أميركي إلى اليمن أجرى خلالها مباحثات أمنية في سياق تعاون البلدين في الجوانب الأمنية ومحاربة الإرهاب.. هذا في وقت أصدر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي جملة من القرارات بتشكيل لجان لمعالجة قضايا اليمنيين الجنوبيين قبيل انعقاد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ترفض بعض الفصائل الجنوبية المشاركة فيه.

إلى ذلك، قالت مصادر أميركية لـ«الشرق الأوسط» في صنعاء إن الوفد الذي ترأسه راند بيرز، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الأمن الداخلي الأميركية، أجرى مباحثات مع المسؤولين الأمنيين اليمنيين تتعلق برفع مستوى الأمن في مجالي النقل والموانئ وتسهيل التجارة والسفر، وذكرت المصادر أن المباحثات تطرقت إلى تأمين الموانئ اليمنية والمطارات جراء الاختراقات الأمنية، خاصة بعد أن بينت بعض التقارير الاستخباراتية، في العامين الماضيين، أن اليمن كان مصدرا لطرود ملغومة، وأن هذه المباحثات تأتي لمزيد من تطوير إجراءات الأمن ورفع مستواه في وسائل النقل اليمنية الجوية والبحرية، بعد الدعم الذي تلقاه اليمن من الولايات المتحدة في الأعوام الماضية في هذا الجانب.

وقال المسؤول الأميركي إن «أمن اليمن وازدهاره مرتبط وبشكل وثيق بأمننا، ونحن نتقاسم الاهتمام بزيادة القدرة على مواجهة التحديات معا»، وأضاف، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «عن طريق تعزيز التعاون مع الحكومة اليمنية، نأمل أن نتعامل مع التحديات والتهديدات التي تواجه بلدينا بطريقة أكثر فعالية»، مشيرا إلى أن رفع مستوى التعاون في هذا المضمار، يأتي في ضوء نتائج الزيارة التي قام بها الرئيس عبد ربه منصور هادي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى واشنطن.