اشتباك بالأيدي بين نواب التيار الصدري وائتلاف المالكي في البرلمان

عراقيون يهتفون ضد رئيس الوزراء نوري المالكي خلال مظاهرة في الرمادي أمس (أ.ب)
TT

استهل البرلمان العراقي أول جلسة عادية له كاملة النصاب عقدها أمس في ظل أخطر أزمة تواجهها البلاد منذ عام 2003 باشتباك بالأيدي بين أربعة نواب ينتمون إلى التحالف الوطني الشيعي، وهو الكتلة الأكبر في البرلمان بواقع 159 نائبا (يضم التحالف الوطني ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم وحزب الفضيلة بزعامة محمد اليعقوبي والمؤتمر الوطني بزعامة أحمد الجلبي والإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري).

ووقع الاشتباك بالأيدي بين كل من النائبين عدي عواد وعلي التميمي (كتلة الأحرار الصدرية) وعلي الشلاه وكمال الساعدي (ائتلاف دولة القانون) على خلفية طرح المقترح الذي تقدمت به القائمة العراقية والقاضي بتشكيل لجنة برلمانية للتحقق من التصريحات التي كان قد أدلى بها النائب عن العراقية أحمد العلواني والتي أثارت حفيظة قيادات الشيعة بدعوى وصفه لهم بكونهم عملاء لإيران. وكان المقترح المذكور قد حظي بموافقة كتل البرلمان بمن فيها كتلة الأحرار الصدرية باستثناء ائتلاف دولة القانون الأمر الذي أدى إلى حصول مشادة كلامية بين النواب الأربعة تطورت إلى اشتباك وتدافع بالأيدي مما حدا برئيس البرلمان أسامة النجيفي إلى تأجيل الجلسة لمدة ساعة. في غضون ذلك، قاطع وزراء كل من القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والتحالف الكردستاني جلسة للحكومة أمس لإظهار تأييدهم للاحتجاجات التي تهدد الحكومة الائتلافية الهشة التي يرأسها نوري المالكي، وقررت الأخيرة تشكيل لجنة لنظر مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية. وقال نواب القائمة العراقية إن وزراءهم تغيبوا عن جلسة الحكومة تأييدا للاحتجاجات.

إلى ذلك، أعلنت الحكومة العراقية أنها قررت «تشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء وعضوية وزراء العدل والدفاع وحقوق الإنسان والموارد المائية والبلديات والأشغال العامة والدولة لشؤون مجلس النواب والأمين العام لمجلس الوزراء ووكيل وزارة الداخلية». وأضاف بيان صادر عن مجلس الوزراء تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن مهمة اللجنة ستكون «تلقي طلبات المتظاهرين المشروعة والتي لا تتعارض مع الدستور وتصنيفها حسب اختصاص الجهات المسؤولة عن تنفيذها (مجلس النواب - مجلس القضاء الأعلى - الحكومات المحلية - الوزارات)، وتقديمها بتوصيات ومقترحات محددة إلى مجلس الوزراء».

وتظاهر آلاف العراقيين في مدن جنوب البلاد أمس تعبيرا عن دعمهم لحكومة المالكي واعتراضهم على مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية.

من ناحية ثانية تواصلت أمس الاعتصامات والمظاهرات في الرمادي، مركز محافظة الأنبار الغربية، والفلوجة إلى الشرق منها وردد المتظاهرون هتافات تطالب الحكومة الاتحادية بقبول مطالبها أو الرحيل فورا بعد أن عجزت عن تحقيق تطلعات ناخبيها. وتنوعت مطالب المعتصمين بين إلغاء قانون المخبر السري وقانون المساءلة والعدالة وقانون الإرهاب والتهميش والإقصاء كما يطالبون بإعادة التوازن إلى مؤسسات الدولة والعملية السياسية، منتقدين ما يصفونه بـ«الإقصاء الواضح لأهل السنة».

كما طالب المتظاهرون البرلمانيين الذين لم يحضروا جلسة أول من أمس الاستثنائية والتي دعا إليها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي بالاستقالة من العملية السياسية وقال أحدهم «مثل هؤلاء البرلمانيون لا يبالون بما يجري للمواطن العراقي لذلك فهم لا يستحقون تمثيلنا بأي شكل من الأشكال».

وقال الشيخ سعيد اللافي المتحدث باسم معتصمي الأنبار: «إن اعتصامنا سيكون مفتوحا وسيستمر لحين تحقيق مطالبنا المشروعة وليس لدينا وقت محدد للاعتصام أبدا لذلك نحن ماضون قدما في اعتصامنا هذا حتى تستجيب الحكومة لنا». وتابع اللافي: «لتعلم الحكومة المركزية أن خياراتنا مفتوحة وسيبقى الاعتصام مستمرا على الرغم من كل المحاولات الرامية لإنهائه من مختلف الجهات الحكومية وأحزاب، كما يجب أن نؤكد للجميع أننا لم نخول ولن نخول أي حزب أو كتلة أو جهة أو شخصية سياسية حق التفاوض مع الحكومة إطلاقا لأننا نصر على أن يكون التفاوض مع المعتصمين أنفسهم وبشكل مباشر في ساحات الاعتصام والمعتصمون هم من سيقررون في النهاية».

بدوره، قال معتصم آخر طلب الإشارة إليه بـ«أبو فتاح» في الرمادي لقد خرجنا على الرغم من برودة الجو وقساوة الظروف المناخية والاجتماعية والاقتصادية وتركنا أعمالنا ليس لتحقيق غايات أو مكاسب شخصية كما يفعل الكثير من السياسيين بل لأجل المطالبة بحقوقنا المهدورة ولاستنكار التهميش والإقصاء المتعمد تجاهنا في كل الجوانب وأولها الاعتقالات العشوائية خاصة بالنسبة للنساء اللاتي يقبعن في السجون تحت سياط وتعذيب السجانين في المعتقلات والسجون الحكومية والكارثة الكبرى هي اغتصاب أعراضهن في تلك المعتقلات وهذا لا يمكن أن يسكت عنه إنسان لديه أدنى حس بالإنسانية. وتابع: «نحن نقول للحكومة المركزية إننا باقون هنا في ساحات الاعتصام ساحات الشرف والعزة والكرامة ولن نغادر حتى وإن قامت الحكومة باستخدام القوة في وجوهنا لأننا حينها لن نسكت وسنكون دروعا بشرية ضد كل من يحاول أن يعتدي علينا أو على إخوتنا المعتصمين ولدينا خيارات مفتوحة حينها لأجل أن تعلم الحكومة أننا لا نخشى التهديد والوعيد».

إلى ذلك، قال الشيخ علي حاتم السليمان أمير عشائر الدليم أن المالكي شخصية غير مؤهلة لقيادة البلد وأن كتلته طائفية بامتياز ولا تمتلك إرادات وتطلعات تخدم الشعب العراقي وإنما تخدم مصالحها الشخصية والحزبية الضيقة . واستطرد السليمان أن تهديدات المالكي باستخدام القوة المسلحة ضد المعتصمين تبين مدى تخبطه في إدارة البلاد وعدم قدرته على التفكير بالطرق القانونية والدستورية وإذا ما أقدم المالكي على استخدام القوة ضد المتظاهرين والمعتصمين فسوف نواجه قواته بقوة السلاح ونرد عليه بما لا يتوقع وبما لا يمكن أن يتخيله. وأضاف: «ندرك جميعا أن إيران هي المحرك الأول لهذه التهديدات التي تستهدف أمن وسلامة المعتصمين والمتظاهرين السلميين».