عباس يجتمع بمشعل.. بعد لقائهما بالرئيس المصري

الرئيس الفلسطيني وزعيم حماس التقيا في القاهرة لبحث ملف المصالحة

لقاء الرئيسين مرسي وعباس في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) مع رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل في القاهرة مساء أمس. وفي الاجتماع الاول بينهما منذ فبراير (شباط) الماضي، التقى الوفدين الفلسطينيين لبحث جهود المصالحة. وجاء اللقاء بعد ان التقى عباس ومشعل، كل على انفراد، مع الرئيس المصري محمد مرسي في القاهرة بعد ظهر أمس.

وناقش الرئيس المصري مع عباس عدة ملفات، من بينها ملف المصالحة الفلسطينية التي ناقشها لاحقا مع مشعل. كما بحث الرئيسان الخطوات التي ينبغي اتخاذها على الساحة الدولية بعد قرار الأمم المتحدة بقبول فلسطين كدولة غير عضو تحت الاحتلال في المنظمة الدولية والأزمة المالية للسلطة الفلسطينية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس وفد حركة فتح للحوار الوطني الفلسطيني عزام الأحمد المرافق لأبو مازن في زيارته للقاهرة والمسؤول عن ملف العلاقات الوطنية في حركة فتح وملف المصالحة، بعد الاجتماع أن «الاجتماع كان إيجابيا وبحث الوضع في الأرض المحتلة وكيفية البناء على قرار الأمم المتحدة بقبول فلسطين كدولة غير عضو تحت الاحتلال». وأضاف: «جرى بحث موضوع المصالحة والخطوات المطلوبة، وهي العودة إلى النقطة التي توقفنا عندها، وهي استئناف عمل لجنة الانتخابات وتشكيل حكومة وفاق وطني برئاسة الرئيس عباس والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني». وتابع أن الرئيس المصري «وعد» كذلك بمساعدة السلطة الفلسطينية «لفك الحصار المالي» المفروض عليها و«ببذل جهد لدى الأشقاء العرب والمانحين الآخرين».

وأكد الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن الرئيس مرسي استعرض مع أبو مازن الجهود المصرية المبذولة من أجل إتمام المصالحة الفلسطينية حتى يكون الشعب الفلسطيني المناضل صوتا واحدا. وقال علي إن اللقاء تناول أيضا المساعدات المطلوبة وتوفير الدعم اللازم للدولة الفلسطينية وفقا لمقررات جامعة الدول العربية إلى جانب متابعة التطورات الفلسطينية ذات الاهتمام المشترك.

وأضاف أن الرئيس مرسي استقبل أيضا مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس والوفد المرافق له الذي يضم عددا من قيادات حركة حماس، من بينها موسى أبو مرزوق وعزت الرشق وخليل الحية ومحمد عمر وماهر رمحي ونزار عوض الله. وأوضح أن الرئيس مرسي بحث مع وفد حماس ملف المصالحة ورفع المعاناة والحصار عن أبناء غزة والجهود التي تبذلها مصر خلال الأيام المقبلة لدفع المصالحة الفلسطينية.

وقال علي إنه سيكون هناك لقاء بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية وليس هناك لقاء ثلاثي يجمعهما بوفد مصري، وإذا كان حدث مثل هذا اللقاء فسيعلن في حينه، «كما سنعلن في ختام هذه الجولة من المصالحة ما تم التوصل إليه من نتائج».

وفي وقت لاحق التقى أبو مازن مع مشعل، وذلك في قصر الضيافة الذي يقيم به الرئيس الفلسطيني في القاهرة، حيث بحثا ملفا المصالحة على ضوء الانفتاح في العلاقات بين فتح وحماس الذي تمثل بسماح كل منهما للآخر بإحياء ذكرى انطلاقته في المنطقة التي يسيطر عليها.

ويفترض أن يعقد اجتماع ثلاثي يجمع فيه مرسي بين أبو مازن ومشعل. وقال الناطق بلسان الرئاسة المصرية إن عباس ومشعل سيجتمعان بمدير المخابرات المصرية قبل اللقاء الثلاثي مع مرسي.

وكان أبو مازن قد وصل إلى القاهرة أمس قادما من عمان بينما وصل إليها مشعل الليلة قبل الماضية قادما من الدوحة في زيارة تستغرق بضعة أيام، وأعلن موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في تصريح له أن وفدين من حركتي فتح وحماس وصلا إلى العاصمة المصرية القاهرة للتباحث حول المصالحة والوحدة الوطنية.

وقال أبو مرزوق في تصريح على صفحته على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إن الرئيس أبو مازن سيكون على رأس وفد حركة فتح، بينما سيكون خالد مشعل على رأس وفد حماس، وذلك للقاء الرئيس المصري محمد مرسي اليوم، للتباحث حول المصالحة والوحدة الوطنية.

إلى ذلك وبينما عبر رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية عن أمله في نجاحها، أبدت مصادر فلسطينية رسمية تشاؤمها إزاء التحرك الذي يقوده الرئيس المصري لدفع جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس قدما. وأبلغت المصادر التي هي على علاقة بحركتي فتح وحماس «الشرق الأوسط» أنه لم يطرأ أي تغيير بشأن تشبث الحركتين بمواقفهما من الاتفاقات التي تم التوصل إليها في السابق، لا سيما اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة. وأكدت المصادر أنه لا يوجد بند تضمنته اتفاقات المصالحة لا يوجد خلافات عميقة على التفاصيل المتعلقة بتطبيقه.

وأشارت المصادر إلى أنه على الرغم من اتفاق الحركتين على إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية من ناحية المبدأ، فإن هناك خلافات جمة في ما يتعلق بسبل وضع هذا المبدأ موضع التنفيذ، فحركتا حماس والجهاد الإسلامي ومعظم حركات اليسار تطالب بأن يتم التوافق على برنامج وطني يحكم الاستراتيجية التي يجب تطبيقها في التعامل مع القضية الفلسطينية، لا سيما على صعيد المقاومة والمفاوضات، والعلاقة مع إسرائيل، علاوة على أن هناك خلافات في ما يتعلق حول سبل إعادة بناء مؤسسات منظمات التحرير، خصوصا في ما يتعلق بتنظيم انتخابات لاختيار أعضاء المجلس الوطني، والنطاق الجغرافي، الذي تشمله الانتخابات.

وأكدت المصادر أنه لا يوجد احتمال أن يتم التفاهم حول مستقبل الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب الهوة السحيقة بين تصور الحركتين بشأن سبل إعادة بناء الأجهزة الأمنية، إذ لا يوجد أمل أن توافق الحركتان على المس بوجود عناصرها في هذه الأجهزة سواء في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأوضحت المصادر أن قضية تنظيم الانتخابات التشريعية وحدها يمكن أن تفجر كل مشروع المصالحة، مشيرة إلى أن الظروف التي سادت أثناء تنظيم انتخابات 2006 لم تعد قائمة، ولا يوجد أدنى أمل في أن توافق إسرائيل على توفر الظروف في الضفة التي تسمح بإجراء هذه الانتخابات، وهو ما سيشكل مسوغا لرفض إجرائها من قبل حركة حماس، على وجه الخصوص.

وذكرت المصادر أن قضية المصالحة المجتمعية والحاجة إلى تسوية الخلافات بين العائلات الفلسطينية في قطاع غزة، لا سيما تلك التي قتل أبناؤها في الاشتباكات الدامية التي وقعت بين حركتي فتح وحماس أواسط عام 2007، يظل تحديا كبيرا.

من ناحيته تمنى بغزة هنية أن يتكلل لقاء أبو مازن مشعل برعاية الرئيس المصري بالنجاح. وقال هنية خلال استقباله أمس وفدا أوروبيا في منزله بمخيم الشاطئ بغزة: «نتمم النصر بتحقيق المصالحة على أسس وطنية سليمة، ونأمل في أن تحقق اجتماعات القاهرة نتائج طيبة، وتدشن لمرحلة جديدة من الوحدة». وأضاف: «أخذنا إجراءات على الأرض في غزة تدلل على صدق نياتنا وحرصنا على تحقيقها، ونأمل في أن نرى خطوات مماثلة وقرارات جريئة بالضفة الغربية ليكون الأمر أكثر من أمل».

وكان يوسف رزقة المستشار السياسي لهنية قد أبدى تشاؤمه إزاء فرص نجاح جهود المصالحة في ظل إصرار عباس على أن يتم إجراء الانتخابات قبل تشكيل حكومة الوفاق الوطني. وفي تصريح صحافي صادر عنه قال رزقة إن إصرار عباس على إجراء الانتخابات أولا «يعكر أجواء لقاء المصالحة، وهو موقف أحادي لا نقبله في الحكومة كما لن تقبله الفصائل الفلسطينية التي اتفقت على أن ملف المصالحة يجب أن يطبق بشكل كامل ومتوازٍ في كل ملفاته».