الجزائر وإسبانيا توقعان اتفاقيات تعاون تحت إشراف بوتفليقة وراخوي

مناوشات بين سلفي ومسؤول بوزارة الأوقاف حول حزب إسلامي في طور التأسيس

الرئيس الجزائري بوتفليقة يستقبل رئيس الوزراء الإسباني ويستعرضان حرس الشرف في القصر الرئاسي في الجزائر أمس (رويترز)
TT

وقعت الجزائر وإسبانيا، أمس، على عدد من الاتفاقيات التي تغطى مجالات وقطاعات كثيرة على هامش زيارة رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي إلى الجزائر بدعوة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وتم توقيع الاتفاقيات بمقر الرئاسة تحت إشراف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الوزراء الإسباني.

وتشمل الاتفاقيات بروتوكول اتفاق للتعاون الصناعي وترقية الشراكة، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال الطاقة، ومذكرة تفاهم لتسهيل منح التأشيرات ومذكرة تفاهم للتعاون الثقافي واتفاق إداري للتعاون العلمي والتكنولوجي والدعم المتبادل في ميدان الحماية المدنية. ووقع البلدان اتفاقيات للتعاون في مجالات البناء والإسكان وصناعة الأحذية والورق وإنشاء مركز لتطوير صناعة النسيج.

على صعيد آخر، دعا ثمانية وزراء من جبهة التحرير الوطني رئيس حزبهم الحاكم في الجزائر إلى تقديم استقالته، وذلك في بيان وزع على الصحافة، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال الموقعون على البيان إن الوزراء الأعضاء في الجبهة يدعون عبد العزيز بلخادم إلى ترك منصبه لأمين عام جديد في الدورة المقبلة للجنة المركزية للحزب المقررة من 31 يناير (كانون الثاني) حتى الثاني من فبراير (شباط) المقبل.

وطالبوا بلخادم أيضا بأن يعلن من الآن رغبته في ترك منصبه، وتوفير تحضير هادئ لهذا الاجتماع.

والوزراء الثمانية هم: وزير الصحة، عبد العزيز زياري، وزير العمل، الطيب لوح، ووزير النقل، عمار تو، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، رشيد حراوبية، ووزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصالات، موسى بن حمادي ووزير الفلاحة والتنمية الريفية، رشيد بن عيسى، ووزير العلاقات مع البرلمان محمود خذري، وعبد القادر مساهل، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية المكلف الشؤون الأفريقية والمغاربية.

وأكد المتحدث باسم جبهة التحرير الوطني مضمون البيان. وقال إن أحد الموقعين عليه أكده له.

ويتهم هؤلاء الوزراء بلخادم بأنه حاول استعمال مؤسسات الدولة لتحقيق طموحاته الشخصية، مؤكدين أنهم لا يقرون سلطته اعتبارا من يوم صدور البيان.

ويواجه بلخادم منذ أشهر تمردا يقوده أعضاء في اللجنة المركزية للحزب يطالبون برحيله.

من جهة أخرى، عبر متزعم حزب سلفي جزائري، قدم أوراق اعتماده لوزارة الداخلية الأسبوع الماضي، عن استيائه من هجوم شنه عليه مسؤول بوزارة الشؤون الدينية، بعث جدلا قديما حول مدى استعداد السلطات الموافقة على ميلاد حزب إسلامي.

وقال عبد الفتاح حمداش زيراوي، مؤسس جبهة الصحوة الحرة، في بيان، إن «أعداء وخصوم الدعوة السلفية لفقوا قديما وحديثا تهما باطلة، وافتراءات إعلامية مغرضة وتشويهات دعائية ظالمة للنيل من المنهج السلفي الشمولي الكامل، الذي يمثل الامتداد المنهجي الحقيقي لأهل السنة والجماعة».

وأضاف بيان زيراوي، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «المستشرقين الأعداء استعملوا كل الشبهات والتلفيقات المشبوهة، لمحاربة المتمسكين بالدين الأصيل والسنة النبوية الغراء، وانتقلت عداوتهم المتنوعة إلى خصومهم في بلاد المسلمين فاغتنمها العلمانيون والصوفية وغيرهم من المناوئين لكسر الدعوة السلفية الحقة، ومحاربة منهجها الميمون وذلك باستعمال جميع الوسائل والطرق. ونحن في جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية نقول للجميع، جوابنا لكم سيكون إن شاء الله بالعمل الصالح في الميدان العلمي والدعوي والإصلاحي والسياسي، من خلال البديل الإسلامي السلفي العاقل الهادئ وسلامة دعوته القيمة ومنهجه الرباني النافع للبلاد».

ولم يوضح زيراوي من يقصد بانتقاداته، لكن يفهم أنها موجهة لعدة فلاحي، مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، الذي كتب قبل يومين بصفحته في «فيس بوك» قائلا إنه «لا يمكن بأي حال من الأحوال وفي عصر العولمة، قبول المبادرة التي تقدم بها حمداش زيراوي من أجل التأسيس لحزب ذي مرجعية سلفية، وهذا لسبب وجيه هو أن أصحابها لا يؤمنون بالدستور والقوانين الوضعية، وبالتالي هم يشكلون خطرا على الدولة الحديثة وكل ما له علاقة بالمعاصرة».

وأشار إلى أن فهم السلفيين للدين «جد متخلف وبدائي وبالتالي يمكن الجزم أن حضور هؤلاء في الساحة السياسية، لا يزيد إلا في إذكاء نار الفتنة والشقاق، وأولى لهم الاشتغال بالعمل الخيري إذا كانوا فعلا يريدون الإصلاح والتربية والمنفعة للمجتمع والدولة الجزائرية».

ولا يعرف إن كان فلاحي يعبر عن موقف رسمي من الحزب السلفي الناشئ، ولكن لا يخامر أحدا شك بأن السلطات يستحيل أن توافق على تشكيل سياسي جديد بلمسة دينية بعد تجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ التي حملتها السلطة مسؤولية الدماء التي سالت خلال الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي. يشار إلى أن فلاحي تجمعه خصومة شديدة مع البرلمانية أسماء بن قادة، طليقة رجل الدين المصري يوسف القرضاوي، التي رفعت عليه دعوى قضائية تتهمه بـ«المساس بشرفها»، بعدما أعاب عليها الخوض علنا في تفاصيل حياتها الزوجية مع الشيخ القرضاوي. وفلاحي ذو توجه إسلامي، وهو نائب سابق ينتمي إلى حركة الإصلاح الوطني قبل أن يتمرد على زعيمه الشيخ عبد الله جاب الله.

ومن خلال موقف فلاحي وانتقادات زيراوي، يعود الجدل حول مدى قوة وتغلغل التيار السلفي في المجتمع بشكل عام وفي المساجد خصوصا. ولم يسبق لدعاة السلفية أن مارسوا السياسة، بل إن زعيمهم الشيخ فركوس يحرمها، وأفتى بعدم جواز الانخراط في الأحزاب. لذلك تبدو مبادرة مجموعة السلفيين بقيادة حمداش زيراوي، بإنشاء حزب أمرا مثيرا للغرابة، ويؤشر على تغير في نظرة السلفيين للعمل السياسي.