دمشق تهاجم الإبراهيمي والمعارضة ترحب بموقفه المتأخر

ترقب الاجتماع الثلاثي في جنيف اليوم

TT

تتجه الأنظار اليوم إلى الاجتماع الثلاثي في جنيف، والذي يضم المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي وكلا من وليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأميركي ونظيره الروسي ميخائيل بوغدانوف، من أجل التباحث حول الأزمة السورية.. إلا أن أجواء الاجتماع قد تبدو متوترة، على خلفية انتقادات دمشق لمواقف الإبراهيمي الأخيرة، وكذلك تصلب موسكو في مواقفها.

وأثارت تصريحات الإبراهيمي، حول أنه لا يرى دورا للرئيس السوري بشار الأسد في حكومة تشرف على مرحلة انتقالية في البلاد، ردود فعل متباينة.. حيث رأت المعارضة السورية أنها «إيجابية» رغم كونها «متأخرة»، بينما شنت الصحف السورية عليه هجوما عنيفا، معتبرة أنه «نزع قناع الحيادية» وكشف عن «وجهه الحقيقي» الذي يرى الأزمة «بعين واحدة»، بينما أكدت الخارجية السورية أن تصريحات المبعوث تعبر عن «انحيازه الصارخ».

وكان الإبراهيمي أفاد، في واحد من أوضح تصريحاته عن المستقبل في سوريا، خلال مقابلة مع «رويترز» مساء أول من أمس، بأن الأسد «بكل تأكيد لن يكون عضوا» في أي حكومة انتقالية، مؤكدا أن خطة السلام التي أقرت في جنيف العام الماضي ما زالت أساس الحل للصراع في سوريا، داعيا لتشكيل إدارة انتقالية كمخرج من الحرب الأهلية.

وقال الإبراهيمي: «نتحدث عن حل سلمي لا عن حل عسكري.. كلما أسرعنا بالحل السلمي كان أفضل، لأن سوريا تتهشم.. عملية الهدم لازم (لا بد أن) تتوقف»، وأضاف أنه «لا يمكن أن ينتظر الحل إلى 2014، لا بد أن يتم في 2013»، موجها مناشدة إلى كل السوريين «سواء كانوا مقاتلين أو كان الرئيس أو كانوا مسؤولين»، قائلا إن «أي تنازل (يتم تقديمه) لن يكون خسارة لكي ينتهي هذا الوضع».

وكان الإبراهيمي أشار في وقت سابق الأربعاء إلى أن خطاب الأسد «ضيق ومتصلب»، كما أوضح أن السوريين يعتقدون أن الفترة التي حكمت فيها أسرة الأسد البلاد على مدى 40 عاما فترة طويلة للغاية، «ولذلك فالتغيير يجب أن يكون حقيقيا.. وأعتقد أن الرئيس الأسد يمكنه أن يتولى زمام القيادة في الاستجابة لتطلعات شعبه؛ بدلا من مقاومتها».

وفي غضون ذلك، نقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن ألكسندر لوكاشيفيتش، الناطق الرسمي باسم الخارجية الروسية، أمس تصريحاته حول «ضرورة اضطلاع اللاعبين الخارجيين بمهمة المشاركة في بدء الحوار بين القيادة السورية والمعارضة».

وأفادت الوكالة بأن لوكاشيفيتش علق على تصريح فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، حول نية استخدام لقاء جنيف الثلاثي كآلية إضافية للضغط على الأسد لمطالبته بسرعة التنحي، بتأكيد «حازم» أن «موسكو لم تغير مواقفها من الشأن السوري».

وفي ظل الاهتمام الدولي بمستقبل سوريا، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أمام البرلمان أمس: «حث خطاب الرئيس الأسد في الأسبوع الماضي الشعب السوري على وحدة الصف في حرب ضد معارضيه.. وفي ظل عناد النظام ووحشيته، هناك خطورة حقيقية في تفاقم العنف حقا خلال الأشهر القادمة»، مؤكدا أنه «إذا حدث ذلك، فيجب أن يصعد المجتمع الدولي من الرد.. لذلك لن نستبعد أي خيارات لإنقاذ الأرواح وحماية المدنيين».

وأعلن هيغ أن بريطانيا ستقدم مليوني جنيه إسترليني (نحو 3.2 مليون دولار) إضافية في صورة مساعدات فنية للائتلاف الوطني السوري‎، ليصل إجمالي المساعدات حتى الآن إلى 9.4 مليون جنيه، مشيرا إلى تخصيص المبلغ لتقديم مساعدات «غير مميتة»، إسهاما في ضمان تسجيل الجرائم التي ترتكب وتقديم الجناة للعدالة في يوم ما. وقال إن «الرعب الحقيقي من النزاع اتضح خلال فترة أعياد الميلاد، عندما قتل ألف شخص خلال ستة أيام».

وعلى صعيد ذي صلة، أكد وليد سفور، ممثل الائتلاف السوري لدى بريطانيا، أن الاجتماع الدولي الذي عقد في قصر «وليتون بارك» بضاحية «ساسكس» جنوب لندن على مدار يومين واختتم مساء أمس، كان اجتماعا «غير سياسي»، لمناقشة «مستقبل سوريا».

وقال سفور لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع حضره سفراء وخبراء أمميون ومعارضون سوريون بصفتهم الشخصية، بعيدا عن أي تمثيل رسمي»، لافتا إلى أنه تضمن العديد من اللقاءات وورش العمل للتباحث البحت حول مستقبل سوريا، مسترشدين في ذلك بتجارب دول أخرى مثل العراق والبوسنة وغيرهما.. وأوضح أن الاجتماعات اقتصرت على الحاضرين فقط ولم تشمل أي وجود إعلامي، للتركيز حول الخروج بنتائج من خلال جلسات «عصف ذهنية» بعيدا عن أي تشتت.

ويأتي اجتماع لندن وسط تصاعد هجوم إعلامي سوري على بريطانيا، مدعيا أن لندن «تحولت إلى مركز استقطاب لتجميع الدول والمواقف العدائية المباشرة تجاه سوريا والشعب السوري، بعد أن التقطت الإشارات الأميركية الأولى لتبني عليها»، وهو ما فشلت فيه فرنسا، بحسب ما قالته صحيفة «الثورة» التابعة لنظام الأسد أمس.

إلى ذلك، قالت الشرطة البريطانية أمس إن القائمين على تحقيق بشأن تأييد نشاط إرهابي مزعوم في سوريا ألقوا القبض على أربعة رجال. وأشارت شبكة «بي بي سي» إلى أن ثلاثة رجال تم إلقاء القبض عليهم في عناوين مختلفة في لندن، بينما تم توقيف الرابع في مطار «غاتويك» بينما كان يهم بمغادرة بريطانيا.

وأوضحت أن الأربعة محتجزون حاليا في سجن جنوب لندن، بينما يجري تفتيش منازلهم، وقال مسؤولون إن الأربعة يقيمون في بريطانيا وليسوا سوريين، وإن الاعتقالات تأتي ضمن التحقيق في السفر إلى سوريا لتأييد أعمال إرهابية مزعومة، شملت توجيه اتهام لشخصين بالفعل فيما يتعلق بالتحقيق.