الأزمة المالية تهدد بشل عمل السلطة والحياة في الضفة

نقابة الموظفين تريد رأس فياض في ظل استمرار العجز في دفع الرواتب

TT

لمح رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بسام زكارنة، إلى إسقاط الحكومة الفلسطينية التي يرأسها الدكتور سلام فياض، إذا لم تجد حلولا لأزمة الرواتب في الأراضي الفلسطينية حتى الشهر المقبل، متهمه بالفشل في إدارة شؤون الحكومة، وإن كان أكد أن النقابات لن تكون جزءا من برنامج الولايات المتحدة وإسرائيل الذي يحاصر السلطة الفلسطينية. ولم يفصح زكارنة عن الأساليب التي يمكن أن تتخذها النقابات لإسقاط فياض، واكتفى بالقول: إنه لن يطلب من الموظفين أكثر من طاقتهم ويعرف أنهم لن يستطيعوا التوجه إلى أعمالهم بعد أسبوع أو 2.

ويضرب الموظفون الآن نحو 3 أيام في الأسبوع، ضمن برنامج أطلق عليه اسم «برنامج الصمود». وفي الأسابيع الماضية شلت الإضرابات جميع مؤسسات السلطة التعليمية والصحية والوزارات وهو مشهد متوقع أن يتكرر كثيرا في الأسابيع القادمة.

وتعاني السلطة من أزمة مالية خانقة منذ عامين بعدما تراجع حجم ما تقدمه دول عربية وغربية، وتوقف تماما من دول أخرى، ما اضطر السلطة إلى الاعتماد على الاستدانة من البنوك المحلية والصناديق الدولية، قبل أن تضع إسرائيل السلطة في عين العاصفة الشهر الماضي بعدما حجبت عائدات الضرائب والرسوم الجمركية التي تجبيها على بضائع فلسطينية، لأربعة أشهر أخرى على الأقل، وحولتها في خطوة غير مسبوقة إلى شركة كهرباء إسرائيل، بدلا من ديون مستحقة على السلطة للشركة الإسرائيلية.

ويفترض أن تحول إسرائيل شهريا للسلطة 125 مليون دولار، وفق اتفاق اقتصادي بين الطرفين. وتحتاج السلطة شهريا وفق أرقام رسمية إلى 300 مليون دولار، منها نحو 170 مليون دولار رواتب لأكثر من 160 ألف موظف. ومنذ شهرين لم تدفع السلطة لموظفيها سوى نصف راتب شهر، أي ربع ما يستحقونه فقط.

وقال زكارنة لـ«الشرق الأوسط»: «من المفروض في ظل عجز الحكومة أن نباشر إلى إسقاطها فورا، هذا ما تفعله النقابات لكننا لا نريد الآن بالذات، أن نكون جزءا من الحصار المفروض على القيادة الفلسطينية». لكنه لم يستبعد أن تسقط الحكومة تلقائيا، قائلا: إنها يجب أن ترحل من دون مقدمات.

وأضاف: «بعد كل هذا الفشل الأصل أن تغادر الحكومة». وتابع: «أنا أقترح حكومة جديدة من 7 أو 8 وزراء متخصصين ولا حاجة لكل هؤلاء الوزراء».

وأردف «نريد بدائل يجب خلق بدائل. يحب وضع خطط واستراتيجيات». ومضى يقول: «لماذا لا نذهب إلى روسيا إلى الصين إلى إيران إذا كان الحصار قادما من أميركا وإسرائيل وبعض العرب». وشكك زكارنة في عدم قدرة الحكومة على دفع الرواتب، وقال: إنها دفعت مؤخرا بدل تذاكر سفر ونثريات ومصاريف أخرى، وجمعت خلال الشهرين الماضيين من الضرائب ما يكفي لدفع أجزاء أخرى من رواتب الموظفين.

وكانت الحكومة قد اقترضت الشهر الماضي 100 مليون من البنوك بضمان شبكة الأمان العربية ودفعت ربع المستحقات فقط. وقال زكارنة «نريد شراكة حقيقية وأن يعرف الناس ماذا يدخل وماذا يخرج من خزينة الحكومة».

وتجبي السلطة من الضرائب المباشرة من شعبها 50 مليونا، من أصل الـ300 التي تحتاجها ما بين رواتب ونفقات أخرى تشغيلية وخدماتية.

وبلغت موازنة السلطة هذا العام، نحو 3.54 مليار دولار، وتذهب 30% من النفقات الجارية للأجهزة الأمنية، و40% للخدمات الاجتماعية و11% لوزارة الصحة، ونحو 20% لوزارة التربية والتعليم.

وتبلغ مديونية السلطة نحو ملياري دولار الآن، مليار للداخل ومليار للخارج، هذا غير عشرات الملايين لشركات الأدوية والكهرباء وموردين ومقاولين.

وعقب زكارنة قائلا: «فياض حول السلطة إلى سلطة مديونة للموظفين والبنوك والقطاع الخاص وشركات الكهرباء والأدوية والموردين والمقاولين وللعالم». وتابع: «إنه لم يأت إلى منصبه لأنه صاحب فصيل كبير ولا لأسباب عشائرية بل بسبب خبراته والآن يتضح أنه هو المشكلة، ولهذا نطالب الرئيس بإقالته». وقال: «بعد قليل لن نستطيع أن نقول للموظفين اذهبوا للعمل، إننا لا نريد شل الحياة، نحتاج الأطباء، نحتاج المعلمين، نحتاج رجال الأشغال العامة، نريد جوازات وهويات ومعاملات، نريد الجميع في موقعه، لكن لا أحد سيستطيع الذهاب إلى عمله بعد أسبوع وهناك من لا يستطيعون من الآن».

ويقول فياض إنه مستعد لترك منصبه إذا ما كان هو المشكلة، لكنه وغيره لا يملكون عصا سحرية للخروج من الأزمة. وطالما قال فياض إن «سلطات الاحتلال الإسرائيلي الذي يقف على كل حاجز ومعبر وممر وتحويلة مالية هو سبب الأزمات المالية والاقتصادية»، إضافة إلى ضعف التمويل العربي وتراجعه كثيرا.

وكان قد قال في مقابلة مع «الشرق الأوسط» هذا الأسبوع «إن هناك الكثير الذي أعتذر عنه للشعب الفلسطيني.. أعتذر لكل أب وأم فلسطينيين لا يستطيعان أن يعطيا ابنيهما شيقلين (نصف دولار) وهما في طريقهما إلى المدرسة.. المشكلة بالنسبة لي هي الحاجة الحقيقية للناس لذلك أنا أتعاطف مع مطالبهم. لكن بنفس الوقت أقول: إن الضيق الذي وصلنا له ليس من قلة المحاولة».

وتعول السلطة على قمة اقتصادية مفترض أن تعقد في الرياض في 22 يناير (كانون الثاني) الجاري، ومن شأنها تفعيل قرار شبكة الأمان العربية الذي يقضي بتحويل مبلغ 100 مليون دولار شهريا للسلطة.