عسكري منشق: الجنود مذبذبون ويخشون «الحر».. والكثير منهم يودون الهرب

قال إنه وزملاءه كانوا يطلقون النار على كل شيء.. عدا الثوار

TT

في جميع التقارير الإخبارية الواردة عن القصف والصدامات الجارية في سوريا، فإن حالات الانشقاق تمثل تذكيرا مثيرا للدهشة بأن الكثيرين داخل قوات الأسد لا يؤيدونه، فنحو 80% من القوات السورية هم مجندون إلزاميون من السنة، وهناك الكثير من السنة ممن يؤيدون الثوار، لذا فليس من غير المألوف أن يشعر بعض الجنود السوريين بالازدراء تجاه قضيتهم نفسها.. في حين أن الكثير من الضباط هم من العلويين، وهي نفس الطائفة التي ينتمي إليها الأسد وعائلته.

وفي حوار أجري مع شاب يبلغ من العمر 20 عاما، انشق عن الجيش السوري وانضم إلى الثوار في وقت سابق من هذا الأسبوع، يكشف موقع «Syria Deeply» الإخباري عن الصراع الداخلي الذي مر به الكثير من جنود الأسد طوال النزاع.

فقد ذكر ذلك الجندي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه تم وضعه هو وجنود آخرون تحت مراقبة ميليشيات الشبيحة الموالية للنظام من أجل ضمان عدم انشقاقهم، وتابع قائلا: «لقد قضيت في الجيش السوري عاما كاملا. منذ بداية التحاقي به، كنت أرغب في الانشقاق - عندما كنت أشاهد نمو (الجيش السوري الحر المعارض). وقبل انضمامي إليه، كنت أظن أن الثورة سوف تنتهي وأن الأسد سوف ينتصر. إن الجنود يخافون من الجيش السوري الحر.. الكثير منهم يودون الانشقاق، إلا أن الشبيحة يبقون معنا ويراقبوننا مثل حرس الأمن كي لا نذهب».

ولم يكن هذا الشاب أبدا يرغب في إطلاق النار على الثوار الذين يؤيدهم في قرارة نفسه أو قتلهم، ويفيد بأن بعض جنود الجيش ابتكروا تكتيكات لتجنب إلحاق أضرار خطيرة بهم، حيث أوضح قائلا: «لن أفعلها أبدا (إطلاق النار أو القتل)... إنني أطلق النار في الهواء، أطلق النار على كل شيء عدا المقاتلين. الكثير من الناس يفعلون ذلك - والفتيان الذين يراقبوننا لا يلاحظون ذلك». وبالإضافة إلى الجنود العاديين مثل ذلك الشاب، فقد أقدم 54 مسؤولا عسكريا وأمنيا كبيرا على الانشقاق أيضا منذ اندلاع الثورة قبل قرابة العامين، وعدد الانشقاقات آخذ في التزايد مع الوقت.

وهناك سوريون آخرون ممن تخلوا عن نظام الأسد لديهم قصص شبيهة، فقد أصبح اللواء عبد العزيز جاسم الشلال واحدا من أكبر أفراد نظام الأسد الذين انضموا إلى المعارضة عندما انشق في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قائلا إنه استقال لأن جيش الأسد تحول إلى «عصابة للقتل والتدمير». وفي تسجيل فيديو تم بثه وقتها، اتهم الرجل النظام بـ«تدمير المدن والقرى وارتكاب المجازر ضد أهلنا الأبرياء الذين خرجوا للمطالبة بالحرية».

ونظرا لأن صفوفهم تتكون على الأقل جزئيا من مقاتلين مذبذبين، فقد لاحظ بعض مراقبي الوضع في سوريا أن جيش النظام كثيرا ما يقصف المدن من بعيد ثم يقوم فقط بإرسال أشد الميليشيات ولاء له من أجل الاضطلاع بالقتال عن قرب في الشوارع.. وفي المقابل، فإن المجندين الإلزاميين يخدمون كأيد عاملة رخيصة أو كملقمين لمدافع الشبيحة وقوات العلويين.

وقد صرح جيريمي بيني، وهو المحرر المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وأفريقيا لدى مجلة «جينز ديفينس ويكلي»، لقناة «سي إن إن» قائلا: «إنهم يعطون الميليشيات الأسلحة والقدرة على الحركة، ولكنهم يراعون التأكد من أن وحدات الجيش التي تتكون في معظمها من مجندين إلزاميين من السنة تظل مجمعة».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»