دمشق تبلغ الأمم المتحدة بسرقة 1000 مصنع في حلب.. وتتهم أنقرة بـ«القرصنة»

المعارضة السورية تشكك في الرقم.. وتركيا تسخر من المضمون

TT

شككت المعارضة السورية في الرقم الذي أعلنته دمشق بشأن تعرض نحو «ألف معمل (مصنع) في مدينة حلب للسرقة والنقل إلى تركيا، بتسهيل من أنقرة»، مؤكدة أن «ظاهرة سرقة المعامل راجت قبل أربعة أشهر، لكن الرقم لم يتعد عشرات المعامل»، مشددة على أن «المعامل المفككة لم تخرج خارج الحدود».

وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، أمس، في رسالتين متطابقتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، تعرض نحو ألف مصنع في مدينة حلب للسرقة والنقل إلى تركيا، بمعرفة تامة وتسهيل من الحكومة التركية، معتبرة أنه «عمل غير مشروع، يرقى إلى أفعال القرصنة، وبمرتبة عمل عدواني يستهدف السوريين في مصادر رزقهم وحياتهم الاقتصادية». وأشارت وكالة «سانا»، نقلا عن الوزارة، إلى أن هذا العمل «يدلل مرة أخرى على المطامع التركية وعلى الدور التخريبي الذي تلعبه في الأزمة بسوريا وعلى سوء نواياها تجاه الشعب السوري، كما يؤكد زيف ادعاءاتها في الحرص على حياة السوريين ومستلزمات حياتهم الأساسية».

ورأت الوزارة في رسالتيها أن «قيام دولة مجاورة، مثل تركيا، بدعم الإرهاب وتوفير الشروط المساعدة على نهب ثروات سوريا عبر الحدود، وتدمير مقدرات الشعب السوري ومصادر عيشه، وتسهيل تسخير تلك المقدرات لصالح دعم الإرهاب في الداخل السوري - يستوجب رد فعل من مجلس الأمن يرتقي إلى حجم مسؤولياته وتعهداته التي قطعها في مجال التصدي للإرهاب والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين».

لكن المعارضة السورية شككت في الرقم، نافية وصول هذا الكم من المصانع المفككة إلى تركيا. وأكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الثوري في حلب، أبو براء، أن هذا الاتهام «غير دقيق»، لافتا إلى «توثيق المقاتلين المعارضين أعمال سرقة للمعامل في حلب وريفها، نفذها لصوص وقطاع طرق»، وشدد على أن المصانع التي سرقت «عشرات.. وليس ألفا»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون المقاتلون قد رصدوا عبور تلك المعامل المفككة إلى تركيا عبر ريف حلب.

وقال أبو براء لـ«الشرق الأوسط»: «نتحرى الآن عن السارقين لتقديمهم للمحاكم العادلة»، مشيرا إلى أن عددا من المصانع «تعرض للقصف والحريق نتيجة الأعمال العسكرية، لكن الخردة بقيت في مكانها، ولم يجر نقلها».

في هذا الوقت، أكد مصدر اقتصادي لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط» أن «معظم المؤسسات السورية تأثرت بهبوط الحركة التجارية، وتراجعت إنتاجيتها وحركتها الصناعية، فنقلت معاملها إلى مناطق سورية أخرى أكثر أمنا»، لافتا إلى أن «650 معملا في حلب أوقفت عن العمل قبل ستة أشهر، فأقفل بعضها، بينما تعمل أخرى بقدرات أقل، وتبحث أخرى عن أسواق بديلة».

وأثار اتهام دمشق لتركيا حفيظة المعارضين السوريين، الذين اعتبروا أن هذا الكلام «لا يستحق الرد عليه». وقال عضو «الائتلاف الوطني السوري» عبد الأحد أسطيفو إن هذا الاتهام «سخيف، ويندرج ضمن إطار الأساطير التي تنسجها مخيلة النظام»، مشددا على أن اتهام تركيا بالقرصنة «غير مبرر؛ لأنه غير موضوعي».

وأوضح أسطيفو لـ«الشرق الأوسط» أن «الفوضى عمت بعض المناطق السورية على أثر الاشتباكات، حين لم تكن المناطق قد حررت بعد من سلطة النظام»، شارحا: «في مثل هذه الأوقات، يخرج تجار الأزمات والعصابات؛ التي قد تكون باعت بعضا من المعامل لتجار أتراك.. لكن هذه القضية لا يمكن أن تتهم بها السلطات التركية، ولا يمكن تحويلها إلى قضية دبلوماسية بين دولتين». وعبر عن قناعته بأن تركيا «لا يمكن أن تغطي صفقات من هذا النحو، أو تدخل في تفكيك المعامل»، لافتا إلى أن «هذا الاتهام يعبر عن مدى سقوط مستوى النظام في التعاطي مع الآخرين».

وإذ رأى أن اتهاما من هذا القبيل «يهدف إلى افتعال مشكلة أخرى مع تركيا وزيادة التوتر، بعد اعتراف النظام بالمعارضة السورية من خلال صفقات التبادل»، أكد أسطيفو أن الرقم الذي تحدثت عنه دمشق «خيالي ومبالغ فيه»، موضحا أن مسألة تفكيك بعض المعامل «قديمة وتعود إلى بدء معركة ريف حلب، أي قبل أربعة أشهر»، ولافتا إلى أن بعض المعامل - على أثر التوتر الأمني في المدينة - نقلت إلى مناطق أخرى، بينما تم بيع بعض المعامل المفككة (من غير تأكيد الجهة التي فككتها) في أسواق سورية.

وفي المقابل، نفى مصدر رسمي تركي الاتهامات السورية، معتبرا أن النظام السوري «يلقي بدعابات ترقى إلى السخافات». وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الأمور تحولت لدى النظام إلى ما يشبه المثل السوري القائل بـ«حارة كل من إيدو إلو»، مضيفا: «تركيا صرفت حتى الآن أكثر من نصف مليار دولار لدعم الإخوة السوريين على أراضيها، ولا يمكن أن تقوم بمثل هذه الأعمال». وخلص إلى القول بأن الاتهامات السورية «أمر يدعو الى الابتسام».