صالحي ينقل لمرسي دعوة نجاد لزيارة إيران ويؤكد تحسن العلاقات الثنائية

مصطفى الفقي لـ «الشرق الأوسط»: الزيارة تمهيد لشرق أوسط جديد تشارك فيه حماس وحزب الله وإيران

وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي أثناء لقائه شيخ الأزهر أحمد محمد الطيب، على هامش الزيارة التي قام بها للقاهرة أمس (رويترز)
TT

في وقت يبدو فيه أن مصر تقترب رسميا من إيران لتعيد العلاقات المقطوعة منذ عقود بين القاهرة وطهران، وبينما سلم علي أكبر صالحي، وزير الخارجية الإيراني، إلى الرئيس المصري محمد مرسي رسالة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدعوته لزيارة طهران، وبعد مباحثات مكثفة أجراها صالحي في القاهرة أمس (الخميس) مع نظيره المصري محمد كامل عمرو، ومع الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تتعلق بالأوضاع في سوريا ومستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين، عقدت قيادات سلفية ودعاة من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف وأئمة من السنة في العالم الإسلامي، مؤتمرا أمس لمدة يومين بالعاصمة المصرية القاهرة لدعم عرب الأحواز والتنديد بتصرفات النظام الإيراني تجاه الأقلية العربية السنية في إيران.

وأعلن صالحي بعد لقائه الرئيس المصري محمد مرسي، بالقاهرة، أمس الخميس، أن طهران تدفع ثمن دعمها للقضية الفلسطينية، رغم كونها «دولة سنة». كما كشف في مؤتمر صحافي مشترك مع عمرو أن بلاده تلقت رسائل من الغرب «بتخفيف الدعم للفلسطينيين مقابل رفع العقوبات» المفروضة على بلاده.

وحول ما قيل إنه «خلاف» بين السنة والشيعة، قال وزير الخارجية الإيراني: «لقد بدأت هذه النبرة منذ خمس سنوات فقط، ومن لا يريدون الخير هم من يطلقون بيننا الفتن». وأضاف: «إذا كان معنى كلمة سني هو اتباع سنة النبي، فإيران كلها سنية، وإذا كانت الشيعة معناها حب آل البيت فأتصور أن الشعب المصري كله شيعة».

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق: «إنها زيارة غريبة، لأنه من الغريب أن يأتي لمصر وزير خارجية إيران المعروفة بعدائها للغرب، في الوقت الذي تكون فيه مصر (حبايب) مع أميركا، فأنا لا أستطيع فهم هذا الأمر الذي يبدو غامضا، لكن السياسة فيها الكثير من هذه الأمور».

من جانبه أكد الدكتور مصطفى الفقي، المرشح السابق لمنصب أمانة جامعة الدول العربية، وقال أن «الزيارة توحي بشيء غير محبب للمصريين في الوقت الحالي، وكنت أفضل أن تأتي في ظروف أفضل، لأنها جاءت غير ملائمة للظروف الداخلية المصرية الحالية».

وأضاف الفقي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أنها زيارة ترتبط بالوضع في سوريا وبالتغيرات الواقعة في الشرق الأوسط وما تستتبعه من وجود شرق أوسط مختلف تشارك فيه حماس وحزب الله وإيران، وأظن أن التقارب مع القاهرة يبدو مهما لهذه الأطراف».

من جهته، أعرب الدكتور ممدوح حمزة، الناشط السياسي المعارض في «جبهة الإنقاذ» والأمين العام السابق لـ«المجلس الوطني» بمصر، عن رفضه لأي تعاون أمني بين مصر وإيران. وقال حمزة في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة وزير الخارجية الإيراني، قطعا مرتبطة بما يحدث في سوريا، ولها علاقة وثيقة بخطاب الرئيس السوري بشار الأسد الأخير، وبما ذكره الرئيس مرسي في خطابه عن الحل السلمي للأزمة السورية، وهي زيارة تدفع في اتجاه حكومة ائتلافية في سوريا، وأي احتمال آخر لأسباب تلك الزيارة يعد أمرا مرفوضا ومحل علامة استفهام كبرى، كما أنها أيضا زيارة غريبة لمصر، المختلفة عنها عقائديا في المذهب، في ظل حكم إخواني حرص على التأكيد على المذهب السني لمصر في الدستور الجديد».

وقال علي أكبر صالحي عقب لقائه الرئيس مرسي، إن «الهدف من زيارته لمصر بحث العلاقات الثنائية بين البلدين»، مشيرا إلى أن لقاء الرئيس مرسي ركز على الملف السوري، قائلا: «أكدنا أنه يجب على أي حكومة بما فيها الحكومة السورية تلبية مطالب شعبها، وسوريا تحتاج لحوارات ومفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة ونتمنى أن تبدأ هذه المفاوضات».

ووصف صالحي المبادرة الرباعية المصرية بالمهمة، قائلا: «المبادرة من أفضل المبادرات لشمولها الدول المؤثرة واللاعبة في المنطقة لمنع التدخل الأجنبي، ونحن مقتنعون أنه في إطار الاقتراح المصري سنصل لحل»، مضيفا: «طرحت لنا مصر دعوات مفتوحة لأي زيارات مستقبلية.. ونحن تقدمنا بدعوة للرئيس مرسي ووزير الخارجية المصري وكافة المسؤولين لزيارة إيران».

من جانبه، أضاف وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، أن «إيران دولة لها وزنها في المنطقة، ومصر دولة لها قبولها في المنطقة، لأننا ليس لنا أي هدف في سوريا»، مؤكدا أن «حل الأزمة السورية يجب أن يكون سوريا، ويجب تجنيب الشعب السوري المزيد من الخسائر».

وفي السياق ذاته، التقى صالحي الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وقال السفير أحمد بن حلي، نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «العربي شرح للوزير الإيراني الموقف العربي لحل الأزمة في سوريا، في حين عرض الوزير الإيراني على العربي النقاط الست التي طرحتها إيران وفي مقدمتها الوقف الفوري لكل العمليات المسلحة والعنف، وذلك بإشراف من الأمم المتحدة».

كما التقى صالحي الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقال مصدر مسؤول بالأزهر لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللقاء استعرض تطورات الأوضاع في المنطقة بشكل خاص، وفي العالم الإسلامي بشكل عام، وإن الأزهر أعلن دعمه للتضامن السياسي بين القاهرة وطهران لدعم الشعب الفلسطيني في قضيته الإنسانية العادلة».

من جانب آخر، ناقشت هيئات وأحزاب وحركات إسلامية في مصر قضية الشعب الأحوازي العربي في مؤتمر بالقاهرة، وقال صباح الموسوي، المنسق العام للمؤتمر، إن «شعب الأحواز محروم من كافة حقوق الإنسان الأساسية والإنسانية والعقائدية»، منتقدا ممارسات النظام الإيراني التي أدت إلى قطع عرب الأحواز عن دائرتهم العربية. وأضاف الموسوي، أن «النظام الإيراني يمارس شتى ألوان الاضطهاد ضد عرب الأحواز السنة».

في المقابل، قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال لقائه صالحي أمس (الخميس) بمقر مشيخة الأزهر: «لقد وصلتني وتصلني دائما تقارير وأخبار متواترة بل أقول استغاثات من قطاع كبير من إخواننا من أهل السنة والجماعة في إيران، كلها تؤكد فقدانهم بعض الحقوق الأساسية لهم كمواطنين إيرانيين لهم الحق في ممارسة ثقافتهم وتقاليدهم الخاصة وفقههم الخاص». وقال الطيب، إن «مشكلة اختراق المجتمعات السنية من جانب بعض الناشطين الشيعة تهدد وحدة النسيج الوطني والثقافي والاجتماعي في المجتمعات السنية، والأزهر يرفض هذا رفضا قاطعا».

وكان مؤتمر أحواز إيران قد أثار جدلا دينيا في مصر بعدما تم تغيير مكان إقامته من فندق «الماسة» في حي مدينة نصر (شرق القاهرة) إلى «فندق سميراميس إنتركونتننتال» قرب ميدان التحرير بوسط القاهرة في الساعات الأخيرة، وبعدما أكد منظموه أن المؤتمر سيعقد تحت رعاية الأزهر الشريف وأن شيخ الأزهر سيلقي كلمة فيه؛ لكن مصادر مسؤولة في مشيخة الأزهر قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوة شيخ الأزهر للمؤتمر أزعجت طهران، خاصة أن الأزهر الشريف موقفه واضح بالوقوف بجوار الأقليات في العالم، وهو ما دعا صالح لزيارة شيخ الأزهر أمس ضمن زيارته لمصر».

من جهته، أكد الدكتور عماد عبد الغفور، رئيس حزب الوطن (السلفي)، مستشار الرئيس محمد مرسي للتواصل المجتمعي خلال كلمته في مؤتمر الأحواز أمس، أن «عقد المؤتمر للتأكيد على حقوق عرب الأحواز ودعم حقهم في اختيار من يديرون شؤونهم، واختيار نظامهم وسياستهم»، مضيفا: «ننادي بحق الأقليات من أهل السنة والجماعة في كل بلاد العالم.. وسنواصل نصرة المستضعفين»، مؤكدا أن «اجتماع القاهرة يعبر بقوة عن معاناة فئة ظلمت، ويمثل صرخة مظلوم مستضعف ودعوة لتجميع قوى العالم الحر لنصرة هذه القضية».

وطالب الداعية السعودي الشيخ محمد العريفي، الحكام والشعوب العربية بمقاطعة إيران اقتصاديا كرد فعل على معاناة عرب الأحواز، قائلا في كلمته خلال المؤتمر، إن «الأحواز يعانون منذ ما يقرب من مائة عام، وإن إيران تستفيد من خيرات هذه المدينة، حيث تستولي على 90 في المائة من الغاز الذي تستخدم إيراداته لتصدير ثورتها إلى العالم».