اغتيال قيادي في الجيش الحر يهدد باشتباكات مع «النصرة»

جوهره خلاف على السيطرة على معبر «باب الهوى»

TT

كشف اغتيال القيادي في كتائب الفاروق في شمال سوريا ثائر وقاص في بلدة سرمين القريبة من الحدود التركية السورية، عن معضلة أساسية تواجهها كتائب المعارضة السورية المسلحة، التي قد يؤدي «تناحرها» إلى عرقلة جهودها للإطاحة بالنظام.

وتزيد هذه الحادثة الشكوك حول التقاتل القائم بين جماعات المعارضة المسلحة في المنطقة المحررة من سلطة النظام، وهي المنطقة المحاذية للحدود التركية - السورية، إذا ما عُطفت على أحداث فردية أخرى وقعت في حمص وحلب، وكشفت الغطاء عن صراعات داخلية، محورها المجموعات الإسلامية المقاتلة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والتي تكشف عن «قتال الإخوة في الخندق الواحد».

ورغم أن ملابسات الحادث «لم يُكشف عنها بعد»، كون «التحقيقات لم تنته بعد»، بحسب ما أكدت مصادر الجيش الحر في ريف حلب، لـ«الشرق الأوسط»، فقد ذكرت مصادر من قوات المعارضة السورية أن ثائر وقاص، القائد في كتائب الفاروق، وهي من بين أكبر الجماعات السورية المسلحة، قتل بالرصاص في منطقة تسيطر عليها المعارضة في بلدة سرمين على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع تركيا في وقت مبكر من صباح الأربعاء. وأضافت المصادر أنه كانت هناك شكوك في تورط وقاص في مقتل فراس العبسي، وهو قائد جهادي كبير في جبهة النصرة الذي قتل منذ أربعة أشهر.

وقال أحد المقاتلين لوكالة «رويترز» إن القتلة «جاءوا في سيارة بيضاء نزلوا منها وأمطروا وقاص بوابل من الرصاص، وهو في مستودع للإمدادات الغذائية»، مشيرا إلى أن الشكوك اتجهت فورا إلى جبهة النصرة. وأضاف «شقيق العبسي قائد في حمص وتوعد بالثأر لفراس ويبدو أنه نفذ وعيده»، لافتا إلى أن «كتائب الفاروق في فترة حداد الآن، لكن يبدو أنها مسألة وقت قبل أن تندلع الاشتباكات مع النصرة في باب الهوى». لكن مصادر في المعارضة السورية، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الحادث فردي»، مشددة على أن «صفحة الخلاف بين الفاروق وجبهة النصرة طويت قبل فترة». وأوضحت المصادر أنه «إثر مقتل فراس العبسي شُكلت لجنة شرعية قضائية، حققت في القضية، وتوصل الطرفان بمباركة من اللجنة لاتفاق معين»، من غير الكشف عن مضمونه. وجزمت المصادر، المقربة من الفصائل الإسلامية، بأن حادث مقتل وقاص «لا علاقة له بالحادث السابق لا من قريب ولا من بعيد» في ما اكتفى الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الثوري في حلب أبو براء بالقول لـ«الشرق الأوسط» أن «ربط الحادثين ببعضهما هو محاولة للاصطياد في المياه العكرة، وإعادة التأزم إلى المنطقة».

وتوترت منطقة باب الهوى بعد شيوع خبر اغتيال وقّاص. وأكد ناشطون من حلب لـ«الشرق الأوسط» أنه «فور ورود النبأ استنفر مقاتلو جبهة النصرة من جهة، ومقاتلو كتيبة الفاروق من جهة أخرى». وقال أحد الناشطين «إن الاستنفار العسكري وتّر الأجواء في المنطقة القريبة من معبر باب الهوى الذي شهد أول فصول التقاتل بين الطرفين بعيد السيطرة على المعبر». لكن مصادر قيادية في المعارضة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن التوتر بين الجهتين «قام على خلفية السيطرة على معبر باب الهوى». وأوضحت المصادر أن «مقاتلي جبهة النصرة هم أول من سيطر على المعبر بعيد تحريره، لكن مقاتلي كتيبة الفاروق بقيادة ثائر وقاص انتزعوا السيطرة من مقاتلي الجبهة على المعبر، بالتزامن مع مقتل العبسي الذي اتهمت (الفاروق) بقتله». وأضافت المصادر أن «بعد هذه الحادثة والتوتر الذي رافقها على الحدود، تم الاتفاق على إدارة المعبر من قبل ممثلين عن جميع الفصائل المقاتلة، ومنها النصرة والفاروق».

وفي حين تحظى جبهة النصرة بنفوذ في ريفي حلب وإدلب»، تعتبر كتيبة الفاروق في حلب من أهم الفصائل السورية المقاتلة «كونها تمتلك أسلحة ثقيلة غنمتها من الفوج 46 الذي سيطرت عليه المعارضة قبل شهرين»، بحسب مصادر قيادية مقربة من الفاروق. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الكتيبة «تمتلك صواريخ (ميتس) أطلقت بعضا منها على مدرسة الشرطة خلال المعركة الأخيرة في المدرسة، بقيادة النقيب عمار سعد الدين، كما أنها تمتلك مدافع (هاوتزر) عيار 130 مللم، وشاركت في قصف مطار تفتناز العسكري في إدلب أثناء حصاره قبل السيطرة عليه أمس».

في هذا الوقت، حذر المعارض السوري فواز تللو من أن العنف بين الجماعات المسلحة «سيتزايد في المناطق التي تهيمن عليها المعارضة ما لم تتحرك القيادة السياسية للمعارضة لاحتواء تداعيات مقتل وقاص التي يمكن أن تقود إلى المزيد من عمليات الاغتيال الثأرية وتستقطب حلفاء للجماعتين». ونفى ضابط عمليات تجمع كتائب شهداء وألوية سوريا العقيد عارف الحمود وجود أي تناحر بين الأطراف في شمال سوريا. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحصل أحيانا «لا يتخطى كونه حوادث فردية»، مشددا على أن «جميع الفصائل المقاتلة تمتلك رؤية واحدة وهدفا واحدا.

ويبدو أن العمل لتلافي تلك المشاكل الناتجة عن فوضى السلاح في المنطقة بدأت تجد طريقها للمعالجة، إذ لفت المدير التنفيذي في جبهة تحرير سوريا محمد علوش إلى أن الجبهة «تسعى لتأسيس شرطة عسكرية لضبط الثوار وضبط السلاح في المناطق المحررة». وكشف علوش لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد انضمام لواء التوحيد في حلب بقيادة عبد القادر صالح أبو جمعة للجبهة، سنؤسس شرطة عسكرية بالتنسيق مع اللواء مهمتها ضبط الثوار وضبط السلاح، ويخضع المرتكبون لقوانين محكمة عسكرية شرعية سنشكلها قريبا».