قرية «باب الشمس» الفلسطينية تبزغ في «إي 1» شرق القدس

نشطاء يسبقون المستوطنين إلى الأراضي المهددة ويؤسسون قرية من الخيام

جانب من قرية «باب الشمس» التي أقامها ناشطون فلسطينيون وأجانب في القدس ردا على قرار الحكومة الإسرائيلية البناء في هذه المنطقة أمس (إ.ب.أ)
TT

لم ينتظر عشرات النشطاء الفلسطينيون، إسرائيل حتى تبدأ بتنفيذ أحد أخطر المخططات الاستيطانية في الضفة الغربية، في المنطقة المعرفة «إي 1» بين رام الله والقدس، كما لم يعولوا كثيرا على التلويحات الرسمية الفلسطينية، بمنع إسرائيل من ذلك، فسبقوا الجميع، ووضعوا اللبنات الأولى لقرية من الخيام أطلقوا عليها اسم «باب الشمس» هناك، في خطوة متقدمة وغير مسبوقة، تحاكي الفعل الاستيطاني الإسرائيلي، المبني على فرض الأمر الواقع، مع فارق مهم؛ أن اليهود يبنون على أراضي الفلسطينيين المحتلة.

وفي جنح ظلام ليل الخميس، وبينما كانت غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين يلهون بالثلوج، تسلل الناشطون إلى منطقة «إي 1»، وبدأوا في بناء الخيام للقرية الجديدة، وواصلوا ذلك أمس، بينما كان محامون يستصدرون من المحكمة الإسرائيلية العليا قرارا بمنع الإخلاء.

وقال الناشط السياسي عبد الله أبو رحمة، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سبقناهم إلى أرضنا». وأضاف: «نحن أحق بإقامة قرية فلسطينية على أرضنا من إقامة مستوطنة عليها».

وتعود الأرض التي تقع شرق مدينة القدس بين مستوطنة «معاليه أدوميم» في الضفة الغربية، والقدس، لعائلات من قرية الطور في المدينة المقدسة.

وتبلغ مساحة الأرض التي يطلق عليها الإسرائيليون «إي 1» نحو 13 كيلومترا مربعا، وقررت إسرائيل إحياء خطة قديمة على هذه الأراضي، عبر بناء 4 آلاف وحدة سكنية، كرد على نجاح الفلسطينيين في جلب اعتراف بدولة مراقب في الأمم المتحدة، ولأغراض انتخابية قبل الانتخابات المقررة في 22 يناير (كانون الثاني) الحالي.

وكان ذلك من بين عشرات الخطط الأخرى في الضفة والقدس المحتلة، غير أن «إي 1» كانت الأخطر على الإطلاق، إذ إن بناء المشروع من شأنه ربط المستوطنة الأكبر، معاليه أدوميم، بالقدس، ومحاصرة المدينة المقدسة، وعزلها تماما عن باقي الضفة، إضافة إلى تقسيم الضفة إلى نصفين شمالا وجنوبا.

وعارضت الولايات المتحدة المشروع ومعها دول العالم، وطالما وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) «إي 1» بالمشروع الأخطر على الدولة الفلسطينية، قائلا إنه سيمنعه بأي ثمن لأنه ينسف حل الدولتين. وعقب أبو رحمة: «أردنا عرقلة المشروع الأخطر مبكرا، وقبل الجميع».

وكان أبو رحمة يتحدث وبيده ورقة تسلمها من الجيش الإسرائيلي تحمل أمرا بإخلاء المكان خلال 24 ساعة، غير أن ذلك لم يغير على الأرض شيئا». وقال أبو رحمة: «ببساطة، لن نغادر».

ومن غير المعروف إلى أي حد يمكن لأبو رحمة ورفاقه الصمود، ومن المتوقع أن يستخدم الجيش الإسرائيلي القوة لإخلاء المنطقة. «سيكون الوضع صعبا للغاية، نعرف ذلك لكن لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي» هذا ما قاله أبو رحمة، وأضاف: «سنبقى هنا وسنذهب إلى أماكن أخرى مهددة ونقيم عليها مزيدا من القرى».

وقال بيان للنشطاء الذين تشكلوا من اللجان الشعبية وفصائل: «نعلن نحن، أبناء فلسطين، من كل أرجائها، عن إقامة قرية (باب الشمس) بقرار من الشعب الفلسطيني، بلا تصاريح الاحتلال، وبلا إذن من أحد، لأنها أرضنا ومن حقنا إعمارها». وأضاف: «لقد اتخذنا قرارا بإقامة قرية باب الشمس على أراضي ما يسمى منطقة (إي 1)، التي أعلن الاحتلال قبل شهور عن نيته إقامة 4000 وحدة استيطانية عليها، لأننا لن نصمت على استمرار الاستيطان والاستعمار في أرضنا، ولأننا نؤمن بالفعل وبالمقاومة، نؤكد أن القرية ستصمد إلى حين تثبيت حق أصحاب الأرض على أراضيهم».

واستوحى النشطاء اسم القرية، من رواية «باب الشمس» للكاتب اللبناني إلياس خوري، التي تروي تاريخ فلسطين من خلال قصة حب بين بطل الرواية؛ الفلسطيني يونس وزوجته نهيلة، إذ يغادر هو للمقاومة في لبنان بينما تبقى هي في الجليل، فيظل يتسلل من لبنان إلى الجليل ليقابل زوجته في مغارة «باب الشمس»، ويعود مرة أخرى لينضم إلى المقاومة في لبنان.

وقال البيان: «(باب الشمس) هو بابنا إلى الحرية والصمود. (باب الشمس) هو بابنا إلى القدس. (باب الشمس) هو بابنا إلى العودة». وأضاف: «لقد حان الوقت لتتغير قواعد اللعبة، نحن أصحاب هذه الأرض، ونحن من سيفرض الواقع على الأرض».

وأراد النشطاء أن يتحول عام 2013 إلى عام البناء في مناطق «ج» التي تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة. وقال أبو رحمة: «هناك خطط للبناء في محيط القدس والخليل والأغوار».

والى جانب أبو رحمة، يوجد نحو 300 من النشطاء، بعضهم حضر من الداخل والباقي من الضفة الغربية، إضافة إلى نحو 20 من النشطاء الأجانب، يسكنون في 25 خيمة، بينها عيادة طبية، وقد أسسوا مجلسا قرويا ومركزا إعلاميا. وحرص الناشطون على عدم دعوة أي من نشطاء السلام الإسرائيليين للمشاركة، لأنهم أرادوا تحركا «فلسطينيا خالصا».