الرئيس السابق لحركة النهضة يكشف عن تعيين وزير الفلاحة مساعدا لرئيس الوزراء

تعزيزات من الجيش والأمن في «بن قردان» بعد تواصل الاحتجاجات الاجتماعية

TT

كشف الرئيس السابق لحركة النهضة الحاكمة في تونس، محمد العكروت، عن تعيين الحركة لوزير الفلاحة محمد بن سالم ليكون مساعدا لرئيس الوزراء حمادي الجبالي، وليكون الرجل الثاني في رئاسة الوزراء، وعن وجود رفض داخل الحركة للحوار مع «نداء تونس» رغم تصريحات زعيمها الشيخ راشد الغنوشي. لكنه أكد على أن مساعي توسيع التشكيلة الحكومية التي سيعلن عنها خلال الساعات الـ78 القادمة على أقل تقدير، حسب تعبيره، لا تزال جارية.

وأوضح العكروت في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط» أن «حزب حركة النهضة يريد إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة، بينما تريد أطراف أخرى تأجيل الانتخابات لأن التأخير يساعد على تآكل شعبية (النهضة) حسب ظنهم». وأردف «بعضهم حلم بسقوط (النهضة) في شهر يوليو (تموز) الماضي وبعضهم حلم بسقوطها في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبعضهم حلم بعد أحداث قابس، ومن ثم سليانة، ودعوة الإضراب العام، وكان هدفهم تولي الجيش للحكم وحتى الاحتلال الأجنبي المهم ألا تحكم (النهضة)، ولديهم اعتقادهم بأن (النهضة) ستفوز في أي انتخابات قريبة».

وحول الاتهامات الموجهة لوزير الخارجية رفيق عبد السلام قال «الشعب لم يخترنا على المنهج الاقتصادي وإنما لأننا حركة إسلامية ومناضلون، وهناك من يريد أن يضربنا في الصميم من خلال الترويج للتهم ضد وزير الخارجية، فوزارة الخارجية لديها عقد مع الفندق منذ 2009، والوزير الذي سبق عبد السلام قضى في النزل 60 يوما في 4 أشهر، بينما قضى عبد السلام 6 أيام في عام ومن أجل عمل حكومي على حساب صندوق أسود».

وبخصوص الحوار مع «نداء تونس» قال العكروت «عندما دعانا الاتحاد العام التونسي للشغل للحوار قلنا إننا لن نشارك في حال حضور (نداء تونس)، لكن دعوة المرزوقي وضعتنا في حرج بصفته رئيسا للدولة، ونجيب الشابي يرفض الدخول في الحكومة ما لم تضم (نداء تونس)، لأن الحكم في نظره قاتل للشعبية، وهو لا يريد لـ(نداء تونس) أن يبقى بمنأى عن مغارم الحكم، إما أن يشوهنا الحكم جميعا أو لا».

كما أكد تمسك النهضة بـ«الترويكا»: «سقوط الترويكا لن نقبله، لأن ذلك يفتح باب جهنم على تونس في الداخل والخارج، وقد قبلنا بالهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة رغم رفضنا لتركيبتها حفاظا على تونس لأننا أم الولد». وأشار إلى أن قانون الانتخابات الماضية لن يحكم في الانتخابات القادمة «الانتخابات لو كانت نزيهة لحصلنا على أكثر من 60 في المائة من الأصوات، لدينا أكثر من 60 في المائة لكننا حصلنا على 42 في المائة من المقاعد». وشدد على أن زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي «لم يذكر (نداء تونس)، فقد قال كلاما عاما، لكنكم كصحافيين استنتجتم من تصريحاته الموافقة على الحوار مع (نداء تونس)». وعن نظرته لخارطة الانتخابات القادمة أشار إلى أن «البعض يقول 20 في المائة مع النهضة و20 في المائة ضد النهضة والمعركة على 60 في المائة، وهناك من يراهن على مواقف مذعنة للواقع لتفريق الجماهير عنا، بعد محاولة تفريقهم في قضية التنصيص على الشريعة، وقناعتنا ليست دستورا بالآيات والأحاديث، ولكن من يحكم هو من يحدد سمت المجتمع. ولا تنس أن شركاءنا في الحكم هددوا بالاستقالة في حال التنصيص على الشريعة».

وجرم العكروت الأنباء الكاذبة على حد وصفه التي تضر بالاقتصاد، مثل نبأ أن تونس غير قادرة على دفع الرواتب «هذه جريمة لا تغتفر، هدفها ضرب سمعة البلاد والحكومة وإثارة البلبلة.. هذه جريمة في حق الوطن ليس لأنها غير صحيحة فحسب بل لأنها مدمرة للبلاد».

ولم تتمكن حركة النهضة من حسم موقفها تجاه حركة نداء تونس بشأن الجلوس جنبا إلى جنب حول طاولة الحوار الوطني الشامل. ومثلت عملية قبول الشيخ راشد الغنوشي من حيث المبدأ بالتحاور مع الحركة، التي يقودها الباجي قائد السبسي، عملية سياسية معقدة لم تقبلها بعض الأحزاب السياسية المقربة من حركة النهضة. وسجلت بعض القيادات السياسية داخل حركة النهضة نفسها انقساما في تقييمها لموقف رئيس حركة النهضة من أحد الأحزاب الذي اتهمه سابقا بفتح الأبواب لفلول النظام السابق.

وعارض عبد الرؤوف العيادي، أحد الأطراف السياسية التي تجري معها حركة النهضة حوارا للانضمام إلى الحكومة، المشاركة في أي مبادرة تشارك فيها حركة نداء تونس. وتطرح مبادرة الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بفتح باب الحوار بين كل الأحزاب السياسية تراجع حركة النهضة عن مشروع قانون تحصين الثورة الذي قدمه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والهادف إلى إقصاء رموز النظام السابق، والذي قد يشمل الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس الذي شغل منصب رئيس البرلمان في السنوات الأولى لتسلم بن علي الحكم. وفي هذا السياق، عبر الصحبي عتيق، رئيس الكتلة النيابية للحركة، عن استغرابه تجاه الموقف الأخير، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف من حركة نداء تونس يتطلب نقاشا عميقا. وقال إن حركة نداء تونس قد فتحت أبوابها لأشخاص زيفوا انتخابات البلاد واعتدوا علانية على إرادة التونسيين، وكانوا من المشاركين المباشرين في إنتاج منظومة الفساد والاستبداد «ولا يمكن بأي حال من الأحوال اليوم القبول بهم إلى جانب حركة النهضة في بناء الديمقراطية»، على حد قوله.

ومن ناحية أخرى، تواجه الحكومة التونسية قبل أيام قلائل من الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة موجة من الاحتجاجات في منطقة بن قردان جنوب البلاد. وطالب السكان بالتنمية والتشغيل بعد أن شهدت المدينة مواجهات مع قوات الأمن بسبب غلق المعبر الحدودي رأس الجدير الذي يعتبر شريان الحياة الأساسي لآلاف العائلات. ووصلت أمس تعزيزات من الأمن والجيش بعد مهاجمة المحتجين مركز ومنطقة الأمن بالمدينة وإحراقهما والاستيلاء على سلاح من نوع «شطاير»، حسب ما أعلنه أحد الإطارات الأمنية لوكالة الأنباء التونسية الرسمية. كما تم حرق مكتب الديوانة (القمارق) والاستيلاء على ست سيارات كانت محجوزة هناك، واقتحم المحتجون كذلك مكتب حركة النهضة وأتلفوا محتوياته وحرقوا سوق الخضر والغلال ومخزن للحبوب. وفي هذا الشأن، صرح عمار المحمدي (ناشط نقابي) في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من أن هدوءا حذرا يسيطر على المدينة، وأن سكان المدينة استنكروا توجه التعزيزات الأمنية إلى هناك، وعبروا عن «امتعاضهم من الكثافة الأمنية»، واعتبروا أن ذلك قد يكون مؤشرا إضافيا على فتح المزيد من المواجهات مع الشباب المحتج بسبب نقص التنمية والتشغيل في المدينة. وأضاف عمار أن قوات الأمن امتنعت عن استعمال الذخيرة الحية ضد المحتجين لإيمانها بـ«عدالة المطالب المقدمة» على حد قوله، وقال إن تلك القوات لم تستعمل سوى القنابل المسيلة للدموع وقد انسحبت بمجرد نفاد ذخيرتها من تلك القنابل.