روسيا تطالب بعملية انتقالية.. والمعارضة ترى في موقفها «ليونة»

مصادر دبلوماسية روسية : لا اتفاق مع الإبراهيمي على حكومة بـ «صلاحيات كاملة»

تظاهر عشرات من اللبنانيين، الموالين لقوى «14 آذار» المعارضة، أمام السفارة السورية، واصفين السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم عليبأنه «شخص غير مرغوب فيه» وطالبوه بعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية (أ.ب)
TT

دعت موسكو أمس إلى البدء بعملية انتقالية سياسية في سوريا، مؤكدة في الوقت عينه رفضها أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية السورية، في حين رأت مصادر المعارضة السورية في موقف موسكو الأخير «ليونة تجاه التسوية السياسية»، مستندة إلى «عدم تعليق روسيا على الموقف الأميركي الرافض لوجود الرئيس السوري بشار الأسد ضمن الحكومة الانتقالية».

وغداة لقاء أميركي روسي مع المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في جنيف، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان، إن «الأولوية هي لوقف فوري لكل أعمال العنف وإراقة الدماء وإرسال المساعدات الإنسانية إلى السوريين بمن فيهم النازحون واللاجئون». وأضافت: أنه «في الوقت عينه يجب إطلاق عملية انتقالية سياسية في سوريا يكون هدفها تضمين القانون المساواة في الحقوق المكفولة لكل المجموعات الإثنية والطائفية في هذا البلد». وشددت الخارجية الروسية في بيانها على «أننا، كما في السابق، نشدد بكل حزم على أن المسائل المتعلقة بمستقبل سوريا يجب أن يعالجها السوريون أنفسهم، بلا تدخل خارجي وبلا وصفات حلول جاهزة».

وأكدت موسكو من جديد دعمها لمهمة السلام التي يقوم بها الإبراهيمي واستمرار المحادثات الثلاثية، كما أكدت دعمها لخطة وضعت في جنيف في 30 حزيران (يونيو) الماضي وتنص على تشكيل حكومة انتقالية تجمع كل أطراف النزاع. وقالت وزارة الخارجية: «ننطلق من واقع أن هذه الوثيقة التوافقية تبقى صالحة والطريق الوحيد لتجاوز الأزمة».

وتزامن بيان الخارجية الروسية مع ما أكدته المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أن «الأسد لا يمكن أن يكون ضمن الحكومة الانتقالية التي يدعو اتفاق جنيف لتشكيلها في سوريا لحل الأزمة»، مؤكدة أن «تقدما قد تحقق في محادثات جنيف الثلاثية أمس (الأول)».

إزاء هذا الموقف، وفي ظل عدم اعتراض موسكو على التصريح المتعلق بموقع الأسد في الحكومة الانتقالية، رأت مصادر المعارضة السورية أن «موسكو تبدي ليونة تجاه هذا الملف»، مرجحة أن يكون هناك «اتفاقا بين الأطراف الثلاثة (روسيا والولايات والمتحدة والإبراهيمي) على أن يكون الأسد خارج السلطة».

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه «إذا قرأنا تصريح نولاند بدقة، وعدم اعتراض الروس عليه، نتوصل إلى نتيجة بأن المجتمع الدولي ككل بدأ يقتنع بأن الأسد هو جزء من المشكلة ولن يكون جزءا من الحل»، مشيرة إلى أن التسريبات من اجتماع جنيف «تفيد بأن الروس غير متمسكين بالأسد». لكن مصادر دبلوماسية روسية في بيروت، نفت وجود اتفاق بين الإبراهيمي والمسؤولين الروس على حكومة انتقالية تتولى كامل صلاحيات الأسد خلال الفترة الانتقالية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «روسيا تدعم العملية الانتقالية من خلال الحوار بين الأطراف، وليس هناك أي اتفاق مع الإبراهيمي حول تولي الحكومة الانتقالية كامل صلاحيات الرئيس الأسد».

وإذ أشارت المصادر إلى أن «الاجتماع الثلاثي في جنيف كان مغلقا»، أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن موسكو «لا تتخذ القرارات عن السوريين، كما أنها لا تفرض على دمشق حكومة أو تسوية سياسية معينة». وأكدت المصادر أنه «لا بد من إطلاق حوار سياسي بين السوريين أنفسهم، يحظى بدعم دولي»، مشددة على أن «القرار السوري يأتي من داخل سوريا وليس من الخارج».

وفي حين لم يتبلور شكل نهائي لحل سياسي للأزمة السورية بعد، جددت المصادر الدبلوماسية الروسية تأكيدها أن «الحل في سوريا لا يمكن أن يكون عسكريا، وهو مستحيل أصلا»، مشيرة إلى أن الحل «لا يمكن إلا أن يكون سياسيا بمشاركة دولية». وفي هذا الإطار، أوضحت المصادر أن موسكو «تسعى لتسوية سلمية سياسية معقولة من غير تكرار التجربة الليبية»، نافية أن يكون الموقف الروسي «تغير من اندلاع الأزمة السورية»، قائلة: «روسيا ثابتة على موقفها، ليس دفاعا عن الأسد، بل عن الحلول السياسية والعدالة تفاديا لاستخدام العنف والقوة الخارجية».

وكانت الخارجية كشفت أيضا عن أن اللقاء الذي جرى بين بوغدانوف ووفد الائتلاف الديمقراطي السوري المعارض برئاسة ميشال كيلو في جنيف تناول الأوضاع في سوريا بينما خلص المجتمعون إلى الاتفاق في الرأي حول ضرورة وقف كل أشكال العنف على الفور ودون إبطاء وإطلاق عملية الحوار الواسع بموجب أحكام اتفاقات جنيف الصادرة عن اجتماع «مجموعة العمل» في 30 يونيو الماضي. وأكد الجانبان عزمهما على مواصلة الجهود النشطة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة المدمرة في سوريا لصالح تأمين التطور الديمقراطي الحر هناك.