إسرائيل تعلن «باب الشمس» منطقة عسكرية استعدادا لإخلاء الناشطين

إلياس خوري صاحب الرواية التي تحمل القرية اسمها مخاطبا سكانها: أعدتم المعنى إلى المعنى

علم فلسطين يرفرف فوق قرية «باب الشمس» الفلسطينية المقابلة لمستوطنة معاليه أدوميم شرق القدس قبل أن يخليها الجيش الإسرائيلي بالقوة أمس (أ.ف.ب)
TT

حاصرت إسرائيل قرية «باب الشمس» الجديدة على أراضي «إي 1» بين رام الله والقدس، بعد 24 ساعة على إقامتها في المكان الذي كانت تخطط فيه تل أبيب لإقامة مستوطنة جديدة. وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، القرية منطقة عسكرية مغلقة، ومنع سياسيين وصحافيين ومتضامنين من دخول القرية التي ظل يتحصن داخلها نحو 200 من الناشطين.

وأبلغت الشرطة الإسرائيلية الناشطين، أمس، بأنها تنوي إخلاءهم عن المكان في غضون فترة وجيزة بالقوة، دون أن تحدد موعدا لذلك، لكن وجود مئات الجنود في محيط القرية يشي بقرب تنفيذ المهمة.

وقال عبد الله أبو رحمة من داخل القرية لـ«الشرق الأوسط»: «لن يكون الأمر سهلا». وأضاف: «قرارنا أننا لن نغادر، سيكون عليهم استخدام القوة. ستكون هناك مشكلة كبيرة».

ويخيم أبو رحمة مع رفاقه منذ يوم الخميس الماضي، وأسسوا مجلسا قرويا يدير شؤون قريتهم «المتحدية» للفعل الاستيطاني على الأرض الفلسطينية، وبدأوا في وضع خطط لجلب كهرباء ومياه للقرية.

وتحولت باب الشمس إلى محط أنظار المهتمين في كل العالم، فيما يجهد الناشطون داخلها لتوفير المقومات الدنيا للحياة.

ويتلقى ناشطو باب الشمس مئات الاتصالات اليومية التي تبحث معهم سبل دعم القرية الجديدة. وسيحاول نشطاء آخرون اقتحام المكان والوصول إلى القرية. ومن بين الرسائل التي تلقاها سكان «باب الشمس» رسالة من كاتب الرواية التي استلهم الناشطون اسمها ليطلقوه على قريتهم.

وكتب الروائي اللبناني إلياس خوري رسالة إلى سكان القرية، جاء فيها: «لن أقول يا ليتني كنت معكم، فأنا معكم، أراكم وأرى كيف صار الحلم على أيديكم حقيقة منغرسة في الأرض: (على هذه الأرض ما يستحق الحياة) كما كتب محمود درويش، لأنكم عندما بنيتم قريتكم الرائعة أعدتم المعنى إلى المعنى، وصرتم أبناء هذه الأرض وأسيادها». وأضاف: «هذه هي فلسطين التي حلم بها يونس في رواية (باب الشمس)، كان ليونس حلم من كلمات، فصارت الكلمات جروحا تنزف بها الأرض، وصرتم أنتم يا أهالي باب الشمس كلمات تكتب الحلم بالحرية، وتعيد فلسطين إلى فلسطين». وتابع: «أنتم زيتون فلسطين الذي يضيء بشمس العدل، تبنون قريتكم فيشتعل بكم نور الحرية، نور على نور».

وطلب خوري من سكان القرية: «أتعلم معكم معاني الحرية والحق».

وفاجأت قرية باب الشمس الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء؛ إذ لأول مرة يأخذ الفلسطينيون زمام المبادرة على الأرض فيما يخص البناء في أرض مخصصة إسرائيليا للمستوطنات.

وعلى مدار عشرات السنين، تعود المستوطنون على وضع اليد على أراض في الضفة الغربية وبناء بيوت متنقلة عليها قبل تحويلها إلى مستوطنات رئيسية، والآن قلب رجال «باب الشمس» المشهد، وسبقوا المستوطنين إلى الأرض التي أعلن أنها ستضم نحو 4000 وحدة استيطانية جديدة، من شأنها أن تربط مستوطنة «معالي أدوميم» الكبرى في الضفة بالقدس، ما يخلق تواصلا استيطانيا يفصل شمال الضفة عن جنوبها.

وبينما وعد أبو رحمة الذي وصف باب الشمس بـ«فعل من أفعال المقاومة الشعبية، ومواصلة ذلك في كل مكان نقدر عليه»، تعهدت السلطة الفلسطينية بتقديم كل الدعم الممكن له ولزملائه، وطلب سكان القرية من الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير عقد اجتماعاتهم المقبلة داخل القرية، لكن إسرائيل منعت أمس مسؤولين من زيارة القرية، بينهم عضو تنفيذية المنظمة صائب عريقات، ووزير العمل أحمد مجدلاني، وعضو مركزية فتح محمود العالول، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي.

واحتجز الجيش الإسرائيلي الدكتور مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الذي كانت ترافقه عشراوي، على حاجز الزعيم شرق مدينة القدس، بعد تفتيش سيارته، وصادر بطاقة الشخصيات المهمة دون إبداء الأسباب.

ودعا عريقات إلى «مساندة مسيرة نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله، التي جاءت مبادرة الشباب الفلسطيني الأخيرة بإقامة القرية من 25 خيمة تكريسا لهذه المسيرة». وقال عريقات: «إنه في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الإسرائيلية لتدمير خيار الدولتين، يحاول الشباب الفلسطيني من خلال قرية بوابة الشمس الحفاظ على مبدأ الدولتين، ليبرز للعالم أن السلام والاستيطان متوازيان لا يلتقيان، وأن على الحكومة الإسرائيلية الاختيار بين السلام والمستوطنات، فلا يمكن لها أن تجمع ما بين الأمرين».

ووصفت عشراوي إنشاء قرية «باب الشمس» بالمبادرة «الخلاقة والشرعية»، وأداة سلمية لحماية الأرض الفلسطينية من المخططات الاستعمارية الإسرائيلية.

وقالت عشراوي في بيان صحافي: «إننا ندعم ونؤيد هذه الخطوة التي كفلها القانون الدولي، والتي تعبر عن حقنا بالمقاومة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، وتؤكد حقنا بالعيش في دولتنا والدفاع عنها وحمايتها من هجمات الاحتلال ومستوطنيه، فنحن أصحاب الأرض الشرعيون، وهنا باقون».