لبنان: لا توافق على صيغة قانون الانتخاب

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: فيتو من ميقاتي وجنبلاط على اقتراح اللقاء الأرثوذكسي

TT

لم تسفر الاتصالات والاجتماعات التي شهدها الأسبوع الفائت عن توصل الفرقاء اللبنانيين إلى التوافق على أي اقتراح محتمل لقانون الانتخابات النيابية، فيما قرأ معارضون لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» ومطالبون بإقراره، في مضمون بيان اجتماع بكركي المفاجئ أول من أمس، من جهة، وانسحاب ممثل «التيار الوطني الحر» النائب ألان من اجتماعات لجنة «التواصل» النيابية من جهة أخرى، تراجعا في السير بهذا الاقتراح، على ضوء ردود الفعل الرافضة له.

وفي موازاة استمرار الاتصالات على أكثر من مستوى، قالت مصادر مقربة من أحد الأقطاب المشاركين في اجتماع بكركي ونقاشات اللجنة النيابية لـ«الشرق الأوسط» إن ثمة «فيتو أكيدا» من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط على إقرار اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها.

وأشارت إلى أن «السير بهذا الاقتراح يحرم جنبلاط عددا كبيرا من نوابه، فيما يطيح بحظوظ ميقاتي داخل طائفته»، معربة عن اعتقادها بأن «الخيارين المتاحين في ظل الإجماع على رفض العودة لقانون الستين هما إما السير باقتراح حزبي القوات والكتائب بتقسيم لبنان إلى 50 دائرة، وإما إسقاط حكومة ميقاتي من قبل وزراء جنبلاط لضمان عدم إقراره».

وفي حين اعتبرت المصادر عينها أن «عض الأصابع» بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ليس على الاقتراح الأرثوذكسي، وإنما على بقاء الحكومة أو سقوطها في حال استمر دعم اقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، كشفت عن أن غياب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن الاجتماع المفاجئ للأقطاب المسيحيين الذي استضافه البطريرك الماروني بشارة الراعي أول من أمس في بكركي «لم يكن لدواع أمنية، كما أشار البيان الصادر عن المجتمعين، وإنما بسبب علمه المسبق بمضمون البيان ورفضه لما اعتبره بمثابة تراجع عن التبني المسيحي للاقتراح الأرثوذكسي».

وكان البطريرك الراعي قد استضاف كلا من رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ورئيس حزب الكتائب أمين الجميل، بغياب جعجع، مساء أول من أمس، وصدر عن المجتمعين بيان أفاد بأن «البحث تناول الأوضاع العامة في لبنان والأحداث في سوريا والمنطقة وتداعياتها ومخاطرها على لبنان، كما جرى التطرق إلى موضوع قانون الانتخاب، وكان توافقا وتأكيدا على ضرورة التوصل إلى قانون انتخاب يؤمن أفضل تمثيل وعدالة وسلامة لكل الطوائف اللبنانية».

وفي سياق متصل، لم ينكر مصدر مسؤول في حزب «القوات اللبنانية» وجود «حالة من عدم الرضا لدى جعجع على البيان الصادر عن بكركي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه جاء «أقل من الحد الأدنى المطلوب، وشكل تراجعا عما تم إنجازه، وكأن فيه تخليا عن الإجماع المسيحي في وقت سابق على اقتراح (اللقاء الأرثوذكسي)». ودعا المصدر القواتي «كل من يعترض على (الاقتراح الأرثوذكسي) إلى أن يقدم بديلا آخر؛ لأن العودة إلى قانون الستين ليست واردة».

وعن موقف «القوات» من تيار المستقبل باعتباره أبرز الرافضين لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، أجاب المصدر: «ثمة اختلاف في وجهات النظر حاليا مع تيار المستقبل بشأن هذا الموضوع، لكن ذلك لن يعني الوصول إلى مأزق معه؛ لأننا متفقون على ثوابت مهمة، أبرزها رفض وجود السلاح غير الشرعي، والموقف من الثورة السورية، ودعم الديمقراطية، ولا تراجع عن ذلك إطلاقا».

وكان النائب في تيار المستقبل أحمد فتفت قد أشار أمس إلى أن «قانون الستين بالنسبة إلينا هو قانون ميشال عون، وعلى أساسه هناك شعور بالغبن عند المسيحيين، ومشروع الدوائر الصغرى خطوة مهمة لنا كـ(تيار المستقبل) تجاه حلفائنا»، مشيرا إلى أن «البيان الذي صدر عن لقاء بكركي جيد ورسالته مهمة، ويمثل خطوة إلى الوراء بالنسبة إلى المشروع الأرثوذكسي». وقال فتفت: «نحن مع اتفاق (الطائف) والعيش المشترك، وكان تعهد من حلفائنا عدم النقاش في قانون نسبي، فكما أن الطائفة المسيحية تشعر بالغبن، فكذلك هناك شعور بالغبن من طوائف أخرى».

وفي حين أعرب عن اعتقاده بأن حزب الله مستعد «للقبول بمشروع (اللقاء الأرثوذكسي)؛ لأن هذا القانون يربحه انتخابيا، وللأسف هو يستخدم العماد عون ويحاولون فرض النسبية»، لافتا إلى أن «حزب الله قادر بأي نظام انتخاب نسبي أن يحسم نتيجة الانتخابات النيابية لصالحه».

وأوضح النائب في كتلة حزب الله نواف الموسوي أن الحزب «يذهب إلى هذه الانتخابات على أساس قانون عادل يحفظ الوحدة الوطنية ويؤمن التمثيل الصحيح للمكونات الاجتماعية السياسية اللبنانية». وأكد «أننا لا نذهب على أساس القانون الحالي الذي قال عنه الفريق الآخر قبلنا إنه قانون غير عادل، وهذا ما يوجب علينا أن نذهب جميعا إلى الانتخابات النيابية على أساس قانون انتخابي جديد عادل، يؤمن صحة التمثيل».

ولفت إلى أن «حزب الله يتعامل بتعاون كامل من أجل التوصل إلى قانون انتخابي توافقي، وما زال يدعم أي سعي يؤدي إلى التوافق حول قانون انتخابي عادل».

وفي حين أفاد بيان عن اتصال أجراه الجميل بجعجع، أطلعه خلاله على الأجواء التي سادت اللقاء والنتائج التي بلغها، أكد المصدر أن «التنسيق على أتمه بين حزبي (الكتائب) و(القوات) من خلال اللجنة البرلمانية الفرعية والاتصالات المباشرة القائمة»، ومن المقرر أن يتلو المحضر النهائي للجنة النيابية المكلفة بحث صيغ قانون الانتخاب في جلسة تعقدها بعد ظهر غد، على أن يتم التداول في إمكانية إيجاد نقاط تلاق على مشروع انتخابي محدد.

في موازاة ذلك، أكد النائب المستقل في فريق «14 آذار» بطرس حرب أنه «من حق المسيحيين أن يكون لديهم أكثر من رأي يتداولون به». وشدد على أهمية «التمثيل الصحيح للمسيحيين»، لافتا في الوقت عينه إلى أن «اقتراح (الأرثوذكسي) يؤمن للمرة الأولى للمسيحيين 64 نائبا، لكنه يؤدي إلى تحويل لبنان إلى دويلات طائفية يغلب فيها التطرف».

من ناحيته، حمل عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نعمة الله أبي نصر على تيار «المستقبل» وعلى عدد من النواب ممن انتقدوا المشروع «الأرثوذكسي»، واعتبر أنه «ما إن اتفق المسيحيون على استعادة جزء من حقوقهم التي سلبها منهم اتفاق الطائف وقوانينه الانتخابية، حتى تبدلت لهجة الذين كانوا يدعون الحرص على الشراكة والتوازن والمناصفة مع المسيحيين».