تونس: انتشار قوات الجيش في بن قردان استجابة لمطلب سكانها

150 شخصا يهتفون «ارحل» في وجه وزير الداخلية عشية الذكرى الثانية لرحيل بن علي

تونسيون من منطقة سيدي بوسعيد يهتفون «ارحل» في وجه وزير الداخلية علي العريض لدى زيارته أمس لمقام ولي صالح أضرمت فيه النار (أ.ف.ب)
TT

لم تحل أجواء الاحتفال بالذكرى الثانية لنجاح الثورة التونسية وسقوط نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، دون الحد من حدة التوتر الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده كثير من مناطق البلاد، ولم ينفع إشعال المبدعين والفنانين والمثقفين لـ500 شمعة، ووضع 500 وردة أمام المسرح البلدي الواقع في الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية، في إزالة إحساس عام بأن الثورة لم تحقق أهدافها في التشغيل والتنمية.

وبينما سعى الائتلاف الثلاثي الحاكم لأن يشيع بين التونسيين مشاعر الأمل والفرح من خلال احتفالات متنوعة في معظم جهات البلاد، انتشر الجيش التونسي أمس في مدينة بن قردان (جنوب) الحدودية مع ليبيا، بعد أسبوع من المواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يحتجون على سوء الأوضاع الاجتماعية.

وقال شهود عيان إن وحدات من الجيش والحرس الوطني (الدرك) انتشرت في المدينة، في وقت لم يتم فيه تسجيل وجود للشرطة.

ولم يشر الشهود ذاتهم إلى وقوع أي حادث يذكر قبل ظهر أمس، بينما أحرقت مجموعات من الشبان، أول من أمس (السبت)، للمرة الثانية في ظرف أسبوع مركز شرطة عقب يوم جديد من المواجهات مع رجال الشرطة.

ودعا المتظاهرون الذي يطالبون ببرنامج تنمية في المنطقة، واتخاذ تدابير لمكافحة البطالة، إلى نشر الجيش لضمان الأمن في المدينة، وخصوصا أنه يحظى بسمعة جيدة في تونس.

ويتوقع أن تستقبل الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية وفدا من مندوبي المجتمع المدني لمناقشة مطالب المتظاهرين، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

واندلعت أعمال العنف في مدينة بن قردان في السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي، إثر مظاهرة طالبت بإعادة فتح المعبر الحدودي مع ليبيا، الذي أغلقته السلطات الليبية بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مما عطل التجارة عبر الحدود، وهي المصدر الأساسي لعيش سكان هذه المنطقة الحدودية التي تعاني من التهميش منذ عقود.

وبعد اجتماعات جرت الاثنين في طرابلس بين رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي ونظيره الليبي علي زيدان، تمت إعادة فتح معبر راس جدير الحدودي الخميس، لكن حركة الاحتجاج لم تخمد، واستمرت أعمال العنف مساء اليوم نفسه، مما أدى إلى إعادة غلق المعبر في اليومين الأخيرين.

وكانت مواجهات عنيفة قد اندلعت في بن قردان بين الفئات المحتجة وقوات الأمن على خلفية المطالبة بفتح المعبر الحدودي بين تونس وليبيا منذ منتصف الأسبوع الماضي، وتغير مسارها خلال المواجهات من المطالبة بفتح المعبر الحدودي الرابط بين تونس وليبيا، إلى تقديم حزمة مطالب ضمنها تحقيق التنمية وتوفير التشغيل في المنطقة.

وعلى الرغم من انسحاب قوات الأمن وسيطرة الجيش على الأوضاع الأمنية فإن أجواء المواجهة والاحتجاجات ما زالت سائدة وقد تعود في أي لحظة.

وكانت تصريحات أدلى بها الجبالي يوم السبت في مدينة غدامس الليبية، تحدث فيها عن جاهزية السلطات التونسية للتصدي للعنف في مدينة بن قردان، وأن «أزلام العقيد معمر القذافي وتجار المخدرات والمهربين وراء ما يحصل من عنف وفوضى» قد خلفت غضبا كبيرا في صفوف المحتجين.

إلى ذلك، استهجن سكان بمنطقة سيدي بوسعيد، الضاحية الشمالية السياحية بالعاصمة، أمس، حضور وزير الداخلية علي العريض، أحد قيادات حركة النهضة، إلى مقام سيدي أبي سعيد الشهير، الذي أضرمت فيه النار مساء أول من أمس في حادث جديد تكررت حوادث مثله في الأشهر الأخيرة في تونس، واتُّهم سلفيون بالضلوع فيها.

وهتف نحو 150 من سكان القرية بالفرنسية «ديغاج» (ارحل) في وجه العريض، بحسب ما أفاد به مصور وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان وزير الداخلية ندد بحرق مقام الولي الصالح باعتباره «عملا إجراميا» مع الدفاع عن قوات الأمن، التي قالت إنه ليس من مهامها حماية هذا النوع من الأضرحة، وذلك على الرغم من استهدافها مرارا من قبل سلفيين.

وقال: «هذا عمل إجرامي، لكن ليس من دور الشرطة حماية كل الأضرحة، وهذا من مسؤولية القائمين عليها»، وهو ما أثار غضب السكان واستهجانهم.