وزير العدل السعودي لـ «الشرق الأوسط» : القصاص من العاملة عقوبة عادلة

قال إن تصريحات المسؤولين الأجانب أحادية المعلومة وتفتقد للواقعية

د. محمد بن عبد الكريم العيسى
TT

قال وزير العدل السعودي الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن التصريحات التي أدلت بها بعض الجهات الخارجية حول تنفيذ حكم القضاء في العاملة المنزلية السريلانكية يمثل رد فعل أحادي المعلومة، وتفتقر للتصور الكامل لحقيقة الواقعة، مؤكدا أن عقوبة الإعدام تعتبر في مثل هذه الواقعة عقوبة عادلة وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي تمثل نصوصها ركيزة القضاء في السعودية.

وأضاف: «يؤكد هذا أن الحكم القضائي الصادر بشأن العاملة المدانة سبق أن تحقق من كامل أهليتها وتوافر أركان جريمتها وأنها ليست قاصرة قطعا، ومسرح الجريمة وأسانيد الإدانة موثقة في وقائع وأسباب الحكم القضائي الصادر في القضية وقد استوفى الحكم درجاته وضماناته القضائية الثلاث في المحكمة الابتدائية من قبل ثلاثة قضاة ومحكمة الاستئناف من قبل خمسة قضاة والمحكمة العليا من قبل خمسة قضاة».

وتابع الدكتور العيسى: «لم يكن هناك لكل منصف يطلب الحق بكل حياد وبنظرة موضوعية سوى التسليم الكامل بالعدالة الشرعية التي انتهى إليها القضاء في حكم اعتمد على أسباب وحيثيات موصلة لمنطوقه العادل والمنصف، وقد حصلت المذكورة مثل غيرها على جميع ضمانات التقاضي في مرافعة علنية وفق نظام السلطة القضائية ونظام إجراءاته الجزائية وكافة مبادئ العدالة المستقر عليها».

وأكد أن عقوبة الإعدام تعتبر في مثل هذه الواقعة عقوبة عادلة وفق أحكام الشريعة الإسلامية التي تمثل نصوصها ركيزة قضاء المملكة العربية السعودية وفق ما استقرت عليه المبادئ القضائية في تفسير هذه النصوص، علما بأن هناك تشريعات أخرى تأخذ بهذه العقوبة في الكثير من الدول.

وزاد وزير العدل السعودي: «من المسلم به أن جريمة القتل تمثل اعتداء في منتهى الخطورة موجها من الفرد إلى الجماعة وفي التوصيف الجنائي الدقيق تعتبر هذه الجريمة التي تستهدف السكينة العامة محاربة للجماعة في سياق السلم والأمان، وإذا كان المحارب في حال الحرب يستحق القتل فكيف به في حالة السلم، علاوة على ما يمثله المحارب في واقعة السلم من خداع المجتمع الذي أمنه واستأمنه وأخذه على ظاهر صدقه من خلال تعهده باحترام دستور الدولة ونظامها والتعايش السلمي مع أفرادها».

وتابع: «ليس لأي أحد فردا أو جهة الإملاء على أي دولة قناعتها التشريعية وعقيدتها الدستورية ولا تنظيماتها القانونية، وليس من المنطق ولا الموضوعية أن يجري التعاطف مع الفرد المدان بالجريمة الخطيرة في سياق ظرفها المشدد مع تجاهل حق الجماعة المهددة في أمنها وسكينتها العامة».

وفي هذا أكد الوزير العيسى أن الشريعة الإسلامية وصفت الاقتصاص من القاتل بأنه يمثل في هدفه التشريعي تحقيق الحياة للجماعة وهو هدف بعيد النظر في المغزى الحقيقي للمطلب الإنساني في انتظام الحياة واستقرار المجتمعات.

وعقب قائلا: «وإذا كانت بعض الفلسفات تحاول تبرير أي واقعة للقتل بذرائع تلتمس العذر للجلاد على حساب الضحية والمجتمع بحجة أنها لا بد أن تكون تحت ظرف معين من شأنه أن يحيل الواقعة لظرف مخفف، فهذه الفلسفة يجب أن تشمل جميع الجرائم، فليس منطقا أن تستثنى جريمة القتل في حين أن الواقع خلاف ذلك».

وأضاف: «لنا أن نسأل كل من تحفظ على عقوبة الإعدام لنقول له في ذمة من تم إعدامهم وفق قانون جنايات سبق أن أخذ بعقوبة الإعدام؟ وذلك أن عامة التشريعات التي ألغت هذه العقوبة مؤخرا سبق أن أخذت بها سلفا، ومع هذا كله فإن الشريعة الإسلامية في خصوص الجريمة التي تأخذ طبيعة الموقف الشخصي تكتفي بتنازل المجني عليه إذا كان حيا أو ورثته إذا كان ميتا على أساس توصيف هذه الجريمة بذات الظرف المخفف جزئيا، من منطلق استدعاء حالة الواقعة الشخصية، لكن متى كيّف القضاء تلك الواقعة على أنها تستهدف تهديد الجماعة فلا يجوز التنازل بأي حال من الأحوال، على أن الموقف الشخصي المشار إليه متى تم التنازل عنه بغير رضا المجني عليه أو ورثته فإنه قطعا سيكون مهددا للجماعة في نهاية الأمر».