مصادر في «العمال الكردستاني»: المفاوضات بين أنقرة وأوجلان ستستمر

مظاهرات في إقليم كردستان العراق احتجاجا على اغتيال الناشطات الكرديات

سيدة كردية تحمل صورة إحدى الناشطات الكرديات الثلاث اللاتي تم اغتيالهن في باريس، خلال مظاهرة في أربيل أمس احتجاجا على اغتيالهن (أ.ف.ب)
TT

خرجت، أمس، مظاهرات شعبية عارمة في كل من مدينتي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق تنديدا باغتيال الناشطات الكرديات الثلاث في حزب العمال الكردستاني التركي المحظور (بي كي كي) على أيدي مجهولين في باريس الأسبوع الماضي، في وقت تحدثت فيه مصادر مقربة من قيادة الحزب عن استمرار المفاوضات الجارية بين عبد الله أوجلان، زعيم الحزب المعتقل في سجن إيمرالي بتركيا، ومسؤولين بالحكومة التركية بهدف التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع الدموي الدائر بينهما منذ أكثر من 4 عقود في تركيا. ولقيت الناشطات الثلاث حتفهن برصاصات في الرأس في باريس، وهن بحسب المحققين سكينة كانسيز (55 عاما) التي تعتبر قريبة من أوجلان، وفيدان دوغان (32 عاما) التي كانت ناشطة معروفة في خدمة القضية الكردية وممثلة سياسية للأكراد لدى السلطات الفرنسية والأوروبية. أما الناشطة الثالثة فهي ليلى سويليميز (24 عاما) وكانت عضوا في مجموعة شبابية كردية وتعيش بين فرنسا وألمانيا حيث تقطن عائلتها. وحول تداعيات الحادث ومدى تأثيره على جهود السلام التي تبذل حاليا من قبل الحكومة التركية وزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله أوجلان، يرى مراقبون أن المفاوضات بين الجانبين قطعت أشواطا بعيدة، ولن تتأثر بمقتل الناشطات الثلاث.

وكان الرئيس التركي عبد الله غل قد أكد في تصريحات سابقة أن «تركيا ماضية في مساعيها للقضاء على الإرهاب»، في إشارة إلى العمليات التي يخوضها مقاتلو حزب العمال الكردستاني ضد تركيا، والتي يؤمل من خلال المفاوضات الجارية أن تتوقف باتفاق الطرفين المفاوضين.

وتتركز المفاوضات الجارية حاليا بين مسؤولين بالحكومة التركية وأوجلان على وقف القتال الفوري وانسحاب المقاتلين من داخل الأراضي التركية، ونقل مقر قيادة الحزب من جبل قنديل إلى جهة أخرى خارج تركيا. وبالمقابل فإن قيادة الكردستاني تشترط نقل زعيمه المعتقل إلى تحت الإقامة الجبرية بمنزله بدل إبقائه في السجن.

وبحسب مصادر مقربة من الكردستاني، فإن الشرط الأول، وهو وقف القتال ليس عسيرا، حيث إن الحزب سبق أن قام بعدة مبادرات في السنوات السابقة، ومعظمها كانت باقتراح من زعيمه أوجلان، ولذلك فإن الحزب على استعداد لوقف القتال فور التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن مع الجانب التركي. أما الشرط الثاني، وهو نقل مقر قيادة الحزب من جبل قنديل إلى جهة أخرى، الذي تطالب تركيا أن تكون دولة غير مجاورة لها، يدور الحديث داخل أوساط الحزب حول نقل المقرات إلى إقليم كردستان العراق بصورة مؤقتة، مع المطالبة بضمانات محددة، حيث إن الحزب لا يريد الابتعاد إلى دولة أخرى بعيدة من دون الحصول على ضمانات مؤكدة بالاتفاق السياسي لحل القضية الكردية.

وبحسب مصادر الحزب، يبدو أن تركيا بدأت بالفعل بتحسين ظروف سجن أوجلان، حيث سمحت أخيرا لعدد من القياديين الكرد منهم النائب السابق ورئيس المؤتمر الكردي أحمد تورك والرئيسة المشاركة لحزب السلام والديمقراطية بزيارته في السجن بعد عدة أشهر من منع الزيارات عنه، وكذلك السماح له بنصب جهاز تلفزيون بغرفته ليكون على اطلاع على أخبار العالم من حوله.

ونقلت نائبة رئيس حزب السلام والديمقراطية عن أوجلان قوله إن «زمن المواجهة العسكرية قد انتهى، وحان الوقت للنضال السياسي لتحقيق الأهداف القومية للشعب الكردي بتركيا».

وفي غضون ذلك، تظاهر الآلاف في مدينة أربيل، أمس، احتجاجا على مقتل الناشطات الكرديات أمام مقر القنصلية الفرنسية في المدينة، وقدموا مذكرة أعربوا فيها عن إدانتهم للجريمة، ودعوا الحكومة الفرنسية إلى إجراء التحقيقات الفورية للكشف عن الجناة.

ونظمت المظاهرة التي شارك فيها مئات أغلبهم من النساء «منظمة الحركة التحررية لنساء كردستان» التابعة لحزب العمال الكردستاني. ورفع المتظاهرون لافتات كتب على أحداها «نطالب الدولة الفرنسية بعدم ممارسة الإرهاب من أجل تركيا»، وعلى أخرى «فرنسا قاتلة الأكراد». كما أطلق المتظاهرون شعارات تطالب الحكومة الفرنسية بكشف الجناة.

وأضاف البيان أن «منفذي العملية يسعون لإعاقة تطوير هذه المرحلة (...) التي سيصل الشعب الكردي من خلالها إلى الحرية والحصول على الهوية ووقف الحرب ونزف الدم، لأن السلام ليس في مصلحتهم».

وخرج القنصل الفرنسي آلان جيت غارت إلى المتظاهرين، وأكد لهم أن الحكومة الفرنسية لن تألو جهدا للكشف عن الجناة وتقديمهم للمحاكمة، مشيرا إلى أن «الجريمة هزت فرنسا بأجمعها، لأنها جريمة غير مسبوقة في البلد، والحكومة الفرنسية تعتبر نفسها مسؤولة عن ضمان أمن وحياة أبناء الجالية الكردية الذين يربو عددهم على 150 ألف مواطن كردي اختاروا العيش فيها، والشعب الفرنسي بالإضافة إلى الجالية الكردية يطالب الحكومة بملاحقة الجناة وتقديمهم للمحاكمة لذلك، لن تدخر الحكومة وسعا للتحقيق بالحادث».

كما شهدت مدينة السليمانية أيضا مظاهرة مماثلة تنديدا بمقتل الناشطات الكرديات شارك فيها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والطلابية والشعبية.