رئيس الاتحاد الأوروبي للشيخ الطيب: نثمن مواقف الأزهر بعد «دستور مصر» ورعايته لمبدأ المواطنة

مراقبون: الزيارة مهمة بعد منح الدستور للأزهر سلطة غير عادية في تفسير القوانين

هيرمان فان رومبي رئيس الاتحاد الأوروبي خلال لقائه د. أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقر مشيخة الأزهر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

قال هيرمان فان رومبي، رئيس الاتحاد الأوروبي، إن «الاتحاد الأوروبي يثمن مواقف الأزهر الشريف الوطنية في الحوار الوطني، ورعايته الدائمة لمبدأ المواطنة، وأنه يتابع حالة الحراك السياسي التي تشهدها مصر، خصوصا بعد إقرار الدستور الذي أعطى حريات واسعة غير مسبوقة في تاريخ الشعب المصري، وهذه بداية للوصول إلى الطريق الديمقراطي الصحيح»، جاء ذلك خلال لقائه والوفد المرافق له الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة أمس بينما يرى مراقبون أن «زيارة الوفد الأوروبي للأزهر لها أهمية كبيرة بعد منح الدستور الجديد للمؤسسة الدينية الرسمية في مصر سلطة غير عادية للحكم على الأمور الدينية في تفسير قوانين الدولة»، ويؤكد المراقبون أن «الأزهر كان وما زال بعد الدستور يمثل مشجع التعددية ويحترم الثقافات غير الإسلامية وحقوق المرأة والأقليات». ومنح مشروع الدستور الذي أقر بعد استفتاء شعبي الشهر الماضي دورا للأزهر الشريف «في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية».

من جانبه، قال الدكتور أحمد الطيب: «إذا أردت أن تعرف الطبيعة الفريدة للشعب المصري وقوة نسيجه الواحد فانظر إلى ثورته التي تكاتف فيها جميع المصريين مسلميهم ومسيحييهم، فكانوا على قلب رجل واحد يسطرون روائع الوحدة الوطنية الراسخة عبر التاريخ والأجيال، وخير شاهد على ذلك ما شاهده العالم كله من صورة مميزة لروح الوحدة الوطنية». وأضاف شيخ الأزهر: «لأول مرة في الدستور المصري تنص إحدى مواده أن لغير المسلمين من المسيحيين واليهود الحق في التحاكم إلى شرائعهم؛ مما يدل على روح السماحة والمودة والألفة التي جمعت بين مختلف طوائف الشعب»، موضحا أن الأزهر يقوم بدوره الوطني – كما هو عبر التاريخ - ولا يدخل غمار السياسة بالمعنى الحزبي؛ لأنه يعبر عن ضمير الأمة وهو بيت الوطنية.

ورحب الدكتور الطيب بالتعاون بين الأزهر الشريف والاتحاد الأوروبي لمقاومة ظاهرة الشعور المتنامي ضد الإسلام والمسلمين في أوروبا (الإسلاموفوبيا)؛ حتى يعم الأمن والسلام ربوع العالم.

ويقول مراقبون: إن «المعركة على توجه الأزهر بعد الدستور الجديد خاصة لو سيطر عليه الإسلاميون، يراقبها القادة في الغرب بكثير من الحذر، حتى المسؤولون الحكوميون الذين تعاطفوا مع احتجاجات ثورات الربيع العربي العام الماضي، قالوا إنهم قلقون بشأن السلطة المحتملة لأزهر (سلفي أو إخواني) أكثر تشددا يعارض المؤسسات والحكومات الأكثر علمانية».

وأضاف رومبي، رئيس الاتحاد الأوروبي: «أعتقد أن الوصول لروح الديمقراطية الحقيقية يحتاج لمشوار طويل وإرادة صلبة للتغلب على العقبات التي ستواجهه؛ مما يتطلب إجراء حوار مجتمعي، وحتى يصل المجتمع إلى ذلك لا بد من أرضية مشتركة تجمع بين جميع الفرقاء؛ لأن الدستور ليس مجرد وثيقة مكتوبة ولكنه تعبير عن مصير الشعب ومستقبله».

وتابع: «إننا نتفهم المخاوف الغربية من وضع الأقليات المسيحية في بعض الدول العربية؛ ولكنني أعتقد أن الوضع مختلف في مصر؛ لأن للمسيحيين مكانة كبيرة في طبيعة الشعب المصري المعروف بتآلفه ووحدته وقوة نسيجه الوطني الذي لا يفرق بين مسلم ومسيحي في مختلف نواحي الحياة».

ويؤكد المراقبون، أن «كثيرا من العلمانيين والمسيحيين قلقون من أن يؤدي التحول المتشدد في أيديولوجية الأزهر إلى تفسير أكثر تطرفا للشريعة الإسلامية، التي تعتبر المصدر الرئيسي للتشريع في الدستور القديم والجديد لمصر، ما يعني حريات أقل للفنانين وحقوق مقننة للمرأة واتهامات بالكفر لأي إهانات ضد الإسلام.

لكن الدكتور عبد الدايم نصير، مستشار شيخ الأزهر، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الإسلاميين يريدون أن يجعلوا الأزهر جزءا من النظام السياسي، وهو ما نعارضه.. نحن لا نحب أن نخضع القانون للدين، بأن نقول: «إن هذا صواب وهذا خطأ».

من جانب آخر، قال الدكتور أحمد الطيب خلال افتتاح مركز الأزهر العالمي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالقاهرة أمس (الاثنين) بمشاركة وفود 70 دولة، إن «الأزهر مارس دوره كمكان للصلاة ونشر العلوم والدعوة منذ القديم، وحتى الآن تعانق فيه العلم والعبادة معا؛ حيث يمثل الأزهر منذ أكثر من 100 عام الوعاء الذي حفظ العلم وظل متفاعلا مع الأحداث، وهو المعهد الذي يمثل الوجه الحقيقي للإسلام والفهم الحقيقي للكتاب والسنة، ويمثل لأبنائه قبول الاختلاف بين المذاهب الفقهية بسهولة، مما نأى بهم بعيدا عن الاستقطاب».