جدل حول «الفرقة 95» الجهاز السري للإخوان المسلمين

اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة السابق: الجهاز السري لـ«الإخوان» كان موجودا في ميدان التحرير أثناء ثورة يناير

موقعة الجمل ابان ثورة يناير ما زالت تثير الكثيرا من الجدل حول مرتكبيها (أ.ب)
TT

لم يقتنع المصريون بأن تصريحات وزير الشباب المصري الإخواني الدكتور أسامة ياسين، عضو الهيئة العليا بحزب الحرية والعدالة، في أحد لقاءاته الفضائية، عن رئاسته «الفرقة 95 إخوان» أثناء الثورة، مجرد زلة لسان أو دعابة كما قيل، خاصة بعد أن ترددت تسريبات من تقرير لجنة تقصي الحقائق عن أحداث العنف التي وقعت أثناء ثورة 25 يناير بوجود ما يسمى فعلا «الفرقة 95 إخوان»، وأنها متورطة في بعض أعمال العنف ضد الثوار أثناء الثورة المصرية، وخاصة في ما عرف بـ«موقعة الجمل» الشهيرة.

وسواء كانت تصريحات الوزير دعابة أو زلة لسان، فإنها أدت إلى زيادة الشكوك المثارة لدى كثير من المصريين حول وجود تنظيمات مسلحة خاصة وميليشيات قتالية مدربة على أعلى مستوى لدى جماعة الإخوان المسلمين، يتم الاستعانة بها في بعض المواقف الصعبة، وهو ما يتماشى مع تصريحات قوى المعارضة في مصر، التي تتهم هذه الميليشيات، المنبثقة عن ذلك الجهاز السري لـ«الإخوان»، بأنها كانت وراء الأحداث الدامية التي وقعت أمام قصر الاتحادية الرئاسي ضد المعتصمين من معارضي الرئيس مرسي.

وفي ظل هذه المعطيات، ثار الجدل حول حقيقة «الفرقة 95 إخوان» ومدى تورطها في قتل الثوار، وقدمت الكثير من البلاغات ضد «الإخوان» على خلفية هذا الموضوع، وقيل إن «الفرقة 95» ليست رقما كوديا، ولكن اسمها ارتبط بالسنة التي أنشئت فيها، حيث تقول الروايات إنها أنشئت على يد المهندس خيرت الشاطر عام 1995 مع اشتداد المطاردات الأمنية لجماعة الإخوان المسلمين لمواجهة نظام مبارك، وإنه تم تدريب أعضائها تدريبا عسكريا مكثفا بالخارج. وهو ما يعيد إلى الأذهان القضية الشهيرة التي اتهم فيها وسجن بسببها المهندس خيرت الشاطر المعروفة بـ«ميليشيات الأزهر». وبالربط بين هذه الوقائع والأحداث المتتابعة، يزداد الشك في محاولات «الإخوان» نفي كل ما خرج من تسريبات من لجنة تقصي الحقائق، ويضع علامة استفهام كبرى حول حقيقة وجود جهاز سري عسكري داخل جماعة الإخوان المسلمين ومدى علاقته بـ«الفرقة 95 إخوان» وحقيقة تورطها في ارتكاب جرائم عنف ضد ثوار 25 يناير، وهي أسئلة وجهناها لنخبة من الخبراء والسياسيين من مختلف التيارات الفكرية المصرية للوقوف على حقيقة الأمر.

من جهته، قال الدكتور محمود غزلان المتحدث باسم الإخوان المسلمين لـ«الشرق الأوسط» إنه شخصيا لم يسمع ولم يعرف شيئا عن تفاصيل موضوع «الفرقة 95 إخوان» وإنه ينبغي انتظار كشف لجنة تقصى الحقائق كل التفاصيل وعدم الاهتمام بكل ما يتردد الآن من كلام حول هذا الموضوع. أما بالنسبة لما يتردد عن وجود جهاز سري ذي مهام خاصة داخل جماعة الإخوان المسلمين، فقد أكد غزلان أن هذا الموضوع عار عن الصحة وأنه لا يوجد أي جهاز سرى أو خاص داخل جماعة الإخوان المسلمين على الإطلاق.

الى ذلك قال الصحافي اليساري صلاح عيسى، أشهر من سجن مع «الإخوان» في عصور سابقة، لم ينف وجود فرق خاصة لجماعة الإخوان على شاكلة «الفرقة 95» المثيرة للجدل، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «لـ(الإخوان) جهازا خاصا معروفا منذ سنوات طويلة، وتحديدا من أربعينات القرن الماضي، وهو جهاز قوي جدا، وجيد التنظيم أشبه بالجيش، تم تدريبه على أعمال عنف وتدريب عسكري وصنع متفجرات ومراقبة وملاحقة الخصوم، وبه قسم خطير للمخابرات. وفي حدود المعلومات التي وصلت إلي، فإنني أعلم أن هذا الجهاز الخاص ظل يعمل حتى تقرر وقفه في عهد المرشد عمر التلمساني عام 1979. ولا أدري إن كان هذا التنظيم قد عاد من جديد أم لا، ولكنه أمر وارد بلا شك. وبالنسبة لموضوع (الفرقة 95 إخوان)، فهو موضوع معاصر، وهناك شهود أحياء موجودون بيننا على الواقعة، منهم اللواء الرويني والشيخ صفوت حجازي ووزير الشباب المصري أسامة ياسين، كما أن مجموعة «الإخوان» التي صعدت أسطح البنايات في ميدان التحرير معروفون، ولكن الخلاف يدور حول سبب وجودهم؛ هل كان لحماية الميدان والثوار، أم هل أخطأوا فأطلقوا نيرانا صديقة على زملائهم الثوار، كذلك كانت القوات المسلحة موجودة وتعلم بالأمر، ولا بد أن تكشف التحقيقات تفاصيل هذه الأمور وتجيب عن تلك الأسئلة في القريب العاجل، لمعرفة ما إذا كان هذا الفصيل الخاص ما زال موجودا في جماعة الإخوان المسلمين من عدمه».

أما القيادي الإخواني السابق أحمد عادل كمال، صاحب الكتاب الشهير «النقط فوق الحروف.. التنظيم الخاص لجماعة الإخوان»، ونائب محافظ «بنك فيصل الإسلامي» سابقا، فأكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما كشفه في كتابه عن وجود تنظيم خاص لدى جماعة الإخوان المسلمين، أنشأه حسن البنا، وبدأه بمجموعة من الشخصيات منها عبد الرحمن السندي، وحسين كمال الدين، وصالح عشماوي، وأن هذا التنظيم كان دخوله قاصرا على مجموعة منتقاة من «الإخوان» وباعتباره عضو هيئة الدفاع عن خيرت الشاطر في قضية «ميليشيات الأزهر»، التي ما زالت تثير الشك في وجود تنظيم خاص داخل «الإخوان»، قال الحافي: «لو اطلعتم على الحكم الصادر من المحكمة العسكرية أيام المخلوع مبارك، فستجدون أنه لم يثبت في حق (الإخوان) أي ارتكاب لأية مخالفة ولا أية جريمة في حق الوطن والمواطنين، والحكم صدر لأنه كان حكما سياسيا بدليل أن جميع المتهمين كانت تهمتهم واحدة، والدليل واحد، ولكن كان النظام البائد ينتوي الإفراج عن بعض والتنكيل ببعض فاختلفت الأحكام القضائية في ما بين المتهمين لأسباب سياسية، بدليل أنها كانت تحال للقضاء العسكري الذي كان تحت إمرة الرئيس المخلوع، ولكن لم ينسب لأي فرد من (الإخوان) أنه ارتكب عنفا. والدليل أنه بعد الثورة قامت نفس المحكمة بإصدار أحكام بالبراءة على المتهمين في نفس القضية. وفي ما يتعلق بمسألة التنظيم الخاص السري، داخل (الإخوان)، فإن من يتابع كل القضايا والمحاكمات التي تمت حتى في عهد الرئيس السادات وصولا لعهد مبارك، لم يثبت ذلك في أي من هذه القضايا التي أحيلت كلها للقضاء العسكري، ولم يثبت وجود أية تنظيمات سرية، أو أن هناك سلاحا أو اعتداء على منشأة مصرية واحدة، كما أن جماعة الإخوان جماعة معلنة، والمقر الرئيسي الخاص بها معلن، وجميع الشخصيات العامة سواء من الداخل أو الخارج كانت تتقابل في هذا المكان، والتنظيم السري القديم كان موجها ضد الاستعمار الإنجليزي في مصر والدفاع عن مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام في فلسطين، وبمجرد قيام الثورة قضى المستشار حسن الهضيبي بإلغاء هذا التنظيم».

وردا على الكلام السابق، أكد اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز أمن الدولة السابق وصاحب أشهر القضايا مع الإخوان المسلمين، وجود تنظيمات سرية لـ«الإخوان»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الموضوع من المسلمات التي لا شك فيها باعتراف أعضاء من (الإخوان) أنفسهم، منهم أحمد عادل كمال صاحب كتاب (نقاط فوق الحروف)، ومحمود الصباغ، والشيخ عمر التلمساني الذي اعترف بذلك في أحد كتبه، ولا يمكن لأحد أن يجادل في هذا الأمر، لأنه مؤكد، ومرصود أمنيا، ومعترف به من (الإخوان) أنفسهم، ولكن الخلاف الحقيقي يكمن في أن بعضهم يحاول تبرير نشأة هذا التنظيم الخاص بأنه كان لمواجهة الاحتلال. ونحن كرجال أمن نسألهم ما الذي فعلتموه بهذا التنظيم لمواجهة الاحتلال، وأقول لهم: لقد قتلتم النقراشي والخازندار وأحمد ماهر، وفجرتم أقسام الشرطة والمحلات العامة، وليس لكم سوى عملية وحيدة ضد الاحتلال، كانت خاصة بالهجوم على قطار عساكر إنجليز».

وأضاف القيادي الإخواني القديم أن هذا التنظيم أو النظام الخاص كان يتكون من فرق مسلحة بأسلحة لمقاومة الاستعمار، وكان يعد من الأمور السرية للغاية، وتفاصيله غير معروفة إلا لعدد قليل من أعضاء الجماعة.