الصدر يدعو المالكي للتوجه إلى المتظاهرين مباشرة

حذر من «زحف الديكتاتورية» على رئاسة الجمهورية

TT

في تطور جديد لسياقات التعامل بين القوى والزعامات السياسية العرقية في كيفية التعامل مع الأزمة الراهنة دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس رئيس الحكومة نوري المالكي إلى التوجه «بنفسه» إلى شعبه في المحافظات المتظاهرة والمعتصمة في وقت نصح فيه مقرب من المالكي زعيم التيار الصدري بعدم الخلط بين التهيؤ للانتخابات المحلية المقبلة وسياسة تسجيل الأهداف ضد رئيس الوزراء.

وقال الصدر في بيان صدر عنه أمس إن «إرسال رئيس الحكومة الوفود إلى المتظاهرين في محافظة الأنبار يعتبر ذا فوائد طفيفة»، ناصحا إياه بـ«التوجه بنفسه إلى شعبه في المحافظات المتظاهرة والمعتصمة لتلبية مطالبهم والاستماع لهم». ودعا الصدر المتظاهرين إلى «حسن استقبال المالكي»، مطالبا السياسيين بـ«السعي والإسراع في حسم قضية رئيس الجمهورية، وعدم التدخل في مطالب المظاهرات لأننا لا نريد تسييسها وجعلها لطارق (الهاشمي) أو رافع (العيساوي) أو لغيرهما». وحذر الصدر من «سريان الديكتاتورية من رئاسة الوزراء إلى رئاسة الجمهورية وتتعقد الأمور وتسوء ويصعب حلها»، مشيرا إلى أن «العراق الآن بلا رئيس جمهورية وبلا أب حنون وبلا سماع للمطالب». وشدد الصدر على ضرورة «تحمل الجميع المسؤولية والسماع لصوت المرجعية والشعب». من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون سامي العسكري - وهو مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي - في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الصورة كثيرا ما تختلط عند السيد الصدر فإنه في الوقت الذي يريد فيه تهيئة الأجواء للانتخابات المقبلة يريد أن يسجل أهدافا على المالكي من قبيل (نصحته ولم يذهب)». وأضاف العسكري أن «تكرار الحديث عن الديكتاتورية أمر لم يعد صحيحا ولا منطقيا وليست المسالة الآن هي مسألة مزايدات وإنما عملية بحث عن حلول جادة». وأشار العسكري إلى أن «السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل ذهاب المالكي يمكن أن يحل القضية وإلى أي مظاهرة يمكن أن يتوجه إلى الأنبار أم صلاح الدين أم الموصل؟»، معتبرا أن «الحوار ليس حوار شوارع بقدر ما هو آليات دستورية وقانونية». وأوضح أن «المالكي أرسل موفدين من قبله فماذا كانت النتيجة؟».

وطالب العسكري الصدر بـ«ألا يخلط الأوراق في هذا الظرف وألا تختلط لديه الصورة بحيث لم يعد يهمه سوى مهاجمة المالكي». وبشأن دعوة الصدر إلى حسم منصب رئاسة الجمهورية قال العسكري إن «هذا الأمر حسمه الدستور وإن منصب رئيس الجمهورية لم يشغر حتى الآن وطبقا للآليات الدستورية فإن نائبه هو من يحل محله إلا إذا تم الإعلان عن استقالة الرئيس أو وفاته عند ذاك ينتخب البرلمان رئيسا جديدا في غضون ثلاثين يوما».

وفي محافظة الأنبار أكد رئيس مجلس شيوخ عشائر الأنبار حميد الشوكة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك عقلاء يفكرون من أجل مصلحة البلد والوصول بالأمور إلى بر الأمان ولكن المشكلة التي نواجهها هي أننا لم نجد حتى الآن حسن نية كافيا من قبل الحكومة للتعامل مع مطالب المتظاهرين»، مشيرا إلى أن «تشكيل اللجان وحده لا يكفي بل يتطلب الأمر اتخاذ إجراءات على أرض الواقع وتفهما جادا لما يريده الناس». وأوضح أن «المظاهرات ومثلما يراها الجميع حضارية ومسيطر عليها ولكننا نخشى من أمور قد تخرج عن نطاق السيطرة وهو ما يجعلنا نحذر وندعو إلى استيعاب هذه المطالب».

وحول استقبال الوفود الحكومية والعشائرية التي تأتي إلى الأنبار قال الشوكة إن «كل من يأتي إلى الأنبار من مسؤولين حكوميين إلى رجال دين إلى شيوخ عشائر مرحب بهم ويتم استقبالهم بأحسن صورة من أجل أن نتوصل إلى حل حقيقي لهذه الأزمة».

إلى ذلك، كلف الائتلاف الوطني العراقي (المجلس الأعلى الإسلامي والتيار الصدري والفضيلة والمؤتمر الوطني والإصلاح) زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم للعمل على عقد مؤتمر وطني موسع ودعوة قادة الكتل السياسية له.

وقال زعيم المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي في مؤتمر صحافي عقده ببغداد أمس إن «جميع أطراف الائتلاف الوطني وافقت على مقترح تقدمت به خلال اجتماع للتحالف الوطني يقضي بتكليف زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم للعمل على عقد مؤتمر وطني موسع يتم دعوة قادة الكتل السياسية له».

وفي سياق تفاصيل هذه الدعوة واستبعاد ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي والذي يشكل مع الائتلاف الوطني «التحالف الوطني» (الكتلة الأكبر في البرلمان)، أكد مصدر سياسي مقرب من إحدى كتل الائتلاف الوطني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أن «هناك خلافا داخل مكونات التحالف الوطني بشأن الكيفية التي يجب التعامل فيها مع الأزمة لا سيما بعد أن دعت المرجعية الدينية العليا أطراف التحالف إلى الحوار مع الآخرين فضلا عن الملاحظات التي وردت من المرجعية بشأن أداء الحكومة بوصفها جزءا من التحالف الوطني وبالتالي أداء التحالف الوطني».

وأضاف المصدر «ولهذا السبب فإن الائتلاف الوطني يريد أن ينأى بنفسه عن المسؤولية التي يجد أنها تقع على ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي والذي يقود الحكومة والذي أوصل البلاد إلى هذه الأزمة»، مشيرا إلى أن «تكليف الحكيم للدعوة للمؤتمر الوطني الذي سبق أن دعا إليه رئيس الجمهورية جلال طالباني ولم تتهيأ الأجواء المناسبة لعقده جاء بهدف ترجمة توصيات المرجعية وهو ما جعل ائتلاف دولة القانون لا يتبنى الدعوة وهو ما جعلها تصدر باسم الائتلاف وليس باسم التحالف».

من جهته أكد المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى الإسلامي حميد معلة الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحكيم «يحظى بمقبولية من جميع الأطراف لأنه لم يكن جزءا من المشكلة بقدر ما هو جزء من الحل». وأكد الساعدي أن «المجلس الأعلى ينتظر الآن ردود فعل الأطراف السياسية المعنية بالأزمة لكي نبدأ الخطوات العملية لعقد مثل هذا المؤتمر من حيث الزمان والمكان والآليات لا سيما أن هناك عوامل مساعدة للبحث عن حل لهذه الأزمة».