أوباما يستعد لولايته الجديدة.. بلهجة شديدة

بعد 4 أعوام «مزدحمة وبناءة».. الرئيس الأميركي يتجهز لمواجهة جديدة مع الجمهوريين

الرئيس أوباما قبل عقده مؤتمره الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

في مؤتمر صحافي خلا من المواضيع الخارجية وركز على المواضيع الداخلية، وهو الأخير له خلال فترة رئاسته الأولى، ظهر الرئيس الأميركي باراك أوباما مستعدا لبدء ولايته الثانية مع تحدي خصومه الجمهوريين. وعقد أوباما مؤتمره الصحافي في البيت الأبيض صباح أمس قبل 6 أيام من أدائه اليمين ليتولى الولاية الثانية للرئاسة. وكانت لهجة أوباما شديدة مع معارضيه، مؤكدا عزمه الوفاء بوعوده الانتخابية رغم المعارضة من الجمهوريين.

يذكر أن أمام أوباما وفريقه تحديات عدة؛ على رأسها ضمان مصادقة الكونغرس على مرشحيه لمناصب حساسة منها المرشح لمنصب وزير الخارجية جون كيري والمرشح لتولي وزارة الدفاع تشاغ هاغل.

وعن تقييم رئاسته الأولى، قال أوباما إن الأعوام الأربعة التي أمضاها في البيت الأبيض كانت «مزدحمة وبناءة»، مؤكدا أن إدارته الثانية ستسير على طريق وعوده الانتخابية، خاصة حل المشكلة الاقتصادية، بتخفيض ديون الحكومة الاتحادية، والعجز السنوي في الميزانية. وقال إنه متفائل بأن الخطوات «التي بدأناها فعلا» ستحقق أهدافه خلال الدورة الرئاسية الثانية. وأشار إلى زيادة الضرائب على الأغنياء، وهي من أبرز القضايا التي يختلف مع الجمهوريين عليها.

ولفت أوباما إلى أن من أسباب تفاؤله حول ديون الحكومة «إنهاء» الحرب في أفغانستان والعراق، موضحا أن تكاليف الحربين ستخفض العجز في الميزانية، وستخفض ديون الحكومة.

وقال إنه مستعد للتعاون مع قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس في موضوع الميزانية والصرف الحكومي، لكنه أوضح أنه حريص على عدم إجراء تخفيضات كبيرة في ميزانيات التعليم، والصحة، والخدمات الاجتماعية، والطرق. وأشار إلى أنه سيطلب من الكونغرس السماح له برفع سقف ديون الحكومة، وذلك لأن هناك برامج وافق عليها الكونغرس، بحزبيه، ولا بد أن يدفع هو، بصفته رئيسا للجمهورية وحسب الدستور الأميركي، تكاليف هذه البرامج.

وحذر من أن عدم الاتفاق مع الجمهوريين حول رفع سقف الديون سيكون سبب عدم دفع شيكات الرواتب، والمعاشات، وسيكون «جرحا عميقا يجب أن لا نسببه لأنفسنا».

وقال إن قادة جمهوريين كانوا قالوا إن عدم قدرة الحكومة على دفع ديونها سيكون «كارثة كبرى»، مما يعني أنه لا بد من رفع سقف الديون. ومع نهاية العام الماضي، اقتربت الديون من سبعة عشر تريليون دولار.

وحذر أوباما من أن «اقتصاد وسمعة» الولايات المتحدة في العالم على المحك، محملا الجمهوريين مسؤولية الإساءة إلى سمعة البلاد.

وكرر، في إجابات عن أسئلة الصحافيين خلال مؤتمره الصحافي، أن البرامج التي لا بد أن تصرف الحكومة عليها هي من وضع قادة الحزبين في الكونغرس؛ الديمقراطي والجمهوري، وأنهم يتحملون مسؤولية استدانة الحكومة من النظام المصرفي لتنفيذ هذه البرامج، وقال: «هم يقررون بنود الصرف، وأنا أصرف. ليوافقوا على أن أستدين لأصرف، وأنا سأستدين».

وقال أوباما إنه سيحاول تحاشي مواجهة مع الجمهوريين حول هذا الموضوع، واعترف بأن الشعب الأميركي لا يفهم تفاصيل النقاش الاقتصادي المعقد في واشنطن حول الموضوع، لكنه قال: «انتخبنا كلنا لنكون مسؤولين».

وانتقد إصرار الجمهوريين على عدم تخفيض ميزانية وزارة الدفاع، وعلى أن تكون أغلبية التخفيضات في البرامج الاجتماعية والتعليمية والصحية، واعتبر أن «الشعب الأميركي هو الحكم بيننا»، وأضاف: «لن أتفاوض والشعب الأميركي يهدد بتخفيض البرامج التي يعتمد عليها، ويؤيدها»، غير أن اعترف بأن هذه «مشكلة ليست سهلة».

وشبه الوضع بأنه مثل شخص يأكل في مطعم، ولا يدفع فاتورة الطعام، وقال: «ليقرر الكونغرس إذا ما كنا سندفع أم لا، وإذا ما كنا سنذهب إلى مطعم أقل تكلفة».

وعن قرارات رؤساء سابقين فشلت في تخفيض ديون الحكومة، كرر أوباما: «ليست المشكلة سهلة»، وانتقد الجمهوريين بأنهم يريدون «حافة هاوية» أخرى حول ديون الحكومة، بعد أزمة «حافة الهاوية» عن زيادة الضرائب، التي اتفق الجانبان عليها في آخر لحظة، في آخر العام الماضي.

وفي تجاذب شبه غاضب مع صحافيين، توتر أوباما قليلا، ودافع عن نفسه، وقال إن قادة الحزب الجمهوري يريدون «حافة هاوية» أخرى. ودافع عن نفسه بأنه فاز برئاسة الجمهورية مرة ثانية، وقال: «الشعب الأميركي يقف معي».

وبالإضافة إلى الاقتصاد، قال أوباما إنه سيعمل على تحقيق أهدافه في مجالات أخرى. وأشار إلى النقاش حول التشدد في رخص امتلاك أسلحة خاصة.

وبمناسبة مرور شهر على مذبحة المدرسة الأولية في ولاية كونيكتيكت، قال أوباما إن نائبه جو بايدن يترأس لجنة تحقق في قوانين شراء وحيازة الأسلحة الخاصة، وإن بايدن سيقدم له تقريرا عن الموضوع قبل نهاية هذا الأسبوع.

ورغم أن أوباما لم يحدد إذا ما كان يؤيد التشدد في القوانين، قال إنه مستعد للتفاوض مع قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، وهؤلاء يميلون نحو تأييد لوبي الأسلحة الخاصة العملاق.

واكتفى أوباما بالقول إنه لا بد من مراجعة سيرة كل شخص يريد شراء سلاح، وتحديد حجم خزائن الذخيرة في الأسلحة الخاصة، حتى لا يقدر شخص واحد على إطلاق كميات كبيرة من الذخيرة من دون إعادة ملء المخزن.

ولفت أوباما أيضا إلى أنه حريص على وضع حد لقدرة أي أميركي على شراء أي سلاح، خاصة الأسلحة الفتاكة، إشارة إلى النقاش حول حرية استعمال الأسلحة الخاصة في الولايات المتحدة، بعد مجزرة ولاية كونيكتيكت في نهاية العام الماضي، حيث قتل رجل دخل مدرسة أولية 27 شخصا؛ منهم 20 تلميذا وتلميذة.

وفي إجابة عن سؤال حول اتهامات بأنه شخصية خاصة ومنعزلة، خلال سنوات رئاسته الأولى، قال إنه حريص على الانفتاح على الشعب الأميركي، وعلى أن يكون البيت الأبيض «مفتوحا ومتنوعا» بصورة لم تحدث من قبل في تاريخه، وقال إن جزءا من التنوع كان ترشيح كثير من النساء في مناصب وزارية وإدارية مهمة، ونفى أنه يفضل اختيار الرجال أكثر من النساء، ونفى، أيضا، أنه يدير «مكانا منعزلا»، وقال إنه ربما يكون غير اجتماعي بالصورة التي يتوقعها الناس، ووصف نفسه بأنه «اجتماعي» و«ودي» و«أنا أحب الحفلات»، وأنه كان اجتماعيا أكثر عندما كان عضوا في الكونغرس، لكن وظيفته رئيسا تتطلب منه وقتا أكثر، بالإضافة إلى التوتر في علاقته مع قادة الحزب الجمهوري. وقال إن علاقته الخاصة مع هؤلاء ودية، لكن الاختلافات السياسية هي التي توتر هذه العلاقات، وأشار إلى أن بعض قادة الحزب الجمهوري اتهموه بأنه «اشتراكي»، وقال إنه تعود على هذه الاتهامات والمناورات، وإنها جزء من العمل السياسي في واشنطن.

وتندر بأن ابنتيه كبرتا، ولم تعودا تريدان قضاء وقت كثير معه، ولهذا، سيكثر في المستقبل من دعوة الناس إلى البيت الأبيض لقضاء أوقات معه.