إسلاميو الجزائر مستاؤون من فتح أجواء بلادهم أمام الطيران الفرنسي لضرب شمال مالي

حملوا الدبلوماسية الجزائرية مسؤولية فشلها في تغليب الحلول السياسية

TT

بينما حمل الإسلاميون في الجزائر، الحكومة «مسؤولية فشل الحل السياسي السلمي في مالي»، واستنكروا سماحها بتحليق الطائرات الفرنسية في الأجواء الجزائرية، لضرب مواقع الإسلاميين المسلحين في شمال مالي - تحدث قطاع منهم عن «حرب صليبية بالمنطقة».

وقال بيان لـ«حركة النهضة» الإسلامية المعارضة، إنها «فوجئت بتصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أول من أمس، التي جاء فيها أن السلطات الجزائرية وافقت على تحليق المقاتلات الفرنسية (ميراج) فوق أراضيها بالجنوب، وعلى استعمال أجوائها في الحرب على الإرهاب (من دون حدود)».

وذكر البيان أن «(النهضة) تتابع بقلق شديد تطورات الوضع على حدود الجزائر الجنوبية، التي فاجأت الشعب الجزائري بعكس ما كان ينتظره نتيجة التسويق الدبلوماسي والإعلامي من حسم الخيارات المطروحة للأزمة المالية سياسيا، واستبعاد الحل العسكري مثلما رافعت الجزائر منذ بداية الأزمة».

وأشار الحزب، الذي يقوده الدكتور فاتح ربيعي، إلى أن إشعال نار الحرب على حدود الجزائر الجنوبية، من طرف القوات الفرنسية يأتي عقب زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر (18 و19 من الشهر الماضي)، وتوقيع حزمة من الاتفاقيات معها. وأوضح أن «شن حرب على حدودنا يعد ضربة لمصداقية التعاون الجزائري - الفرنسي، ويؤكد أن ملف استقرار الجزائر وأمنها الاستراتيجي لم يؤخذ بعين الاعتبار في إبرام الاتفاقيات، وأن فرنسا لا تحتاج من الجزائر سوى أن تكون سوقا لمنتجاتها وخردواتها».

وأضاف البيان أن «فرض الحرب على الحدود الجزائرية، يعد ضربة لجهود الدولة الجزائرية وسياستها الخارجية في دعم أواصر الصداقة بين الدول الأفريقية، لا سيما منطقة الساحل الصحراوي بما تملكه من عمق استراتيجي، وبهذا الخصوص فإن (حركة النهضة) تحمل الدبلوماسية الجزائرية مسؤولية فشلها في تغليب الحلول الدبلوماسية».

ومعروف أن الجزائر راهنت على خيار المفاوضات بين السلطة الانتقالية في مالي، والجماعات «التي تنبذ الإرهاب» في شمال البلاد. والمقصود بذلك «حركة أنصار الدين» الطرقية المتشددة، و«حركة تحرير أزواد» الانفصالية. ودافعت الجزائر عن الأولى بحجة أنها تنظيم يضم أهل المنطقة، ويرفع مطالب لا تهدد أمن البلاد والمنطقة. لكن توغل «أنصار الدين» باتجاه العاصمة باماكو الخميس الماضي، أضعف حجج الجزائر وأعطى مصداقية للموقف الفرنسي الذي يضع التنظيم في نفس الكفة مع تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد» في غرب أفريقيا.

ودعت «النهضة» السلطة «إلى عدم الانجرار والانخراط في مستنقع الحرب، التي أشعلتها فرنسا في الساحل الأفريقي، وأن تقف موقفا مشرفا يعبر عن أصالة الشعب الجزائري ومبادئه الرافضة لأي تدخل خارجي».

وشجبت «حركة مجتمع السلم» التدخل العسكري الفرنسي «الذي جاء تحت ذريعة دعوة فصيل من الفرقاء في مالي، إلى مد يد المساعدة». وقالت في بيان عقب اجتماع مكتبها التنفيذي أول من أمس لدراسة الأوضاع في مالي: «التدخل العسكري سيقوض الجهود السلمية ويضع الجميع في دائرة الحرج، بعد التدويل المفضوح للقضية المالية بفرض منطق المواجهة العسكرية».

ودعت الحركة، التي يرأسها الشيخ أبو جرة سلطاني، الحكومة إلى «بذل جهود مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية قصد إيقاف التدخل العسكري الفرنسي».

وأضاف البيان: «إن ما يجري في مالي يستوقفنا مباشرة، ويطرح كثيرا من علامات الاستفهام لما سوف يترتب عليه من تداعيات أمنية وإنسانية قد تستنزف طاقات وقدرات دول الجوار وتؤثر على جوارها واستقرارها وتنميتها».

وأفاد الحزب السلفي «جبهة الصحوة الحرة»، الذي وضع ملفا بوزارة الداخلية الأسبوع الماضي، بغرض اعتماده، بأن الموافقة على تحليق الطائرات الفرنسية فوق أجواء الجزائر «خزي وعار وجريمة تاريخية ضد بلاد المسلمين». وتوجه زعيم الحزب عبد الفتاح زيراوي، للمسؤولين في بيان جاء فيه: «لقد لطختم بلادكم وشعبكم، وأظهرتم للعالم أن الجزائر مستعمرة قديمة، ومقاطعة تابعة لفرنسا بالانتداب والتسلط».

وبخصوص التدخل العسكري الفرنسي، قال قائد الحزب: «العجيب هو صمت الشعب الجزائري على هذا العدوان السافر، وهو الذي عانى ويلات الاحتلال لمدة 132 سنة، فكيف يرضاها لجيرانه؟ ونحن في (جبهة الصحوة الحرة) الإسلامية السلفية نستنكر هذا الموقف الفاضح المخزي، ونصنفه ضمن صفقات بيع بلاد الإسلام للعدو الصليبي المحتل، وتعاون صريح مع المحتلين الفرنسيين لغزو بلاد مالي».