مساعد الرئيس السوداني يتهم أميركا والاتحاد الأوروبي بتمويل اتفاق بين المعارضة والحركات المتمردة

الخرطوم توافق على الحوار مع مقاتلي الحركة الشعبية - قطاع الشمال

TT

أعلن الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان ومساعد الرئيس السوداني أمس أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مولا اتفاقا وقعته أحزاب المعارضة السياسية وحركات متمردة مسلحة في العاصمة الأوغندية كمبالا في 5 يناير (كانون الثاني) الحالي. وتدعو الوثيقة التي عرفت بـ«الفجر الجديد»، الموقعة للعمل على إسقاط نظام الرئيس عمر البشير وإنشاء فترة انتقالية من خمس سنوات، حسبما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وقال الدكتور نافع للصحافيين «هذا الاتفاق تم برعاية وتمويل من السفارة الأميركية بكمبالا والاتحاد الأوروبي».

ووقع على الوثيقة التي أطلق عليها اسم «الفجر الجديد» ممثلون لأحزاب معارضة أبرزها حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي رئيس وزراء الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في عام 1986 وانقلب عليها البشير عام 1989. وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الزعيم الإسلامي الدكتور حسن الترابي والحزب الشيوعي وأحزاب يسارية أخرى.

كما وقع عليها تحالف الجبهة الثورية الذي يضم الحركة الشعبية في شمال السودان التي تقاتل الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مع ثلاث حركات تقاتل الحكومة في إقليم دارفور غرب السودان منذ عام 2003 وهي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور وحركة تحرير السودان جناح مني أركو مناوي.

وأعلن عن قيام تحالف الجبهة الثورية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 بهدف رئيسي هو إسقاط نظام البشير. وفي 9 يناير الحالي، نقلت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس السوداني عمر البشير عقب الإعلان عن الوثيقة قوله «لن نسمح لأي قوى تتعامل مع المتمردين والخارجين عن القانون بممارسة العمل السياسي».

وشدد تحالف الأحزاب السياسية الموقعة على الوثيقة أنه ينتهج النهج السلمي عبر الانتفاضة الشعبية لإسقاط النظام ولا يؤيد العمل المسلح. وأكد أنه يؤيد الحوار مع الجبهة الثورية ولا يتفق معها في حمل السلاح.

وصل البشير إلى الحكم إثر انقلاب عسكري عام 1989 ومن ثم أعيد انتخابه عام 2010 في انتخابات قال الاتحاد الأوروبي عنها إنها تفتقر للمعايير الدولية. وتفرض الولايات المتحدة الأميركية على السودان عقوبات اقتصادية منذ عام 1997 وتضعه الخارجية الأميركية على قائمة الدول الراعية للإرهاب. كما ينتقد الاتحاد الأوروبي بصورة مستمرة أوضاع حقوق الإنسان في السودان وخاصة في مناطق النزاعات.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غرب السودان.

وأعلنت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي أن 900 ألف شخص في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق يعيشون أوضاعا مأساوية ويأكلون أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة.

إلى ذلك، أكدت الخارجية السودانية أن حكومة الخرطوم لا ترفض الحوار المباشر مع الحركة الشعبية - قطاع الشمال - حال التوصل إلى اتفاق بشأن فك ارتباطها بدولة جنوب السودان.

وقال العبيد مروح الناطق باسم الخارجية السودانية لـ«الشرق الأوسط» إن اجتماعات اللجنة الأمنية المشتركة مع دولة جنوب السودان التي بدأت أمس برئاسة وزيري دفاع البلدين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ستناقش قضية إنشاء المنطقة العازلة منزوعة السلاح داخل الحدود الدولية للبلدين بعمق (10) كيلومترات، و(40) كيلومترا أخرى وراءها.

ويقدم قائد قوات قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في أبيي «يونيسفا» تصوره للقطاعات التي ستقسم عليها منطقة الحدود (2000) كيلومتر، ومقرات الوحدات، وتكوين القوات، وحركة آليات الرقابة بالطائرات، لاعتماده لأنه متفاوض عليه مسبقا. وتناقش اللجنة إجراءات «فك الارتباط» بين الحركة الشعبية الشمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مع دولة جنوب السودان.

وأوضح مروح أن التفاوض على فك الارتباط يمكن أن يقود إلى حوار مباشر مع «قطاع الشمال» في الحركة الشعبية، وأن الوساطة الأفريقية تعمل على هذا، مع دولة إثيوبيا، وأن الحكومة السودانية لا ترفض التفاوض المباشر مع أبناء المنطقتين، وأنها ترغب في الوصول إلى قناعة بأنهم ليسوا جزءا من جيش بلد أخرى، وأنها تمانع في الوصول إلى هذا الحل حتى لو تم بوساطة إقليمية من الاتحاد الأفريقي أو وساطة الجوار (إثيوبيا).

وتعتبر حكومة الخرطوم حسب المتحدث باسم الخارجية سلاح المقاتلين في المنطقتين سلاحا يخص الجيش الشعبي الجنوبي، وفي حال تخلي حكومة جنوب السودان عنه، ستبادر إلى جمعه وإعادة توزيعه، وتسوية أوضاع المقاتلين من أبناء المنطقتين عسكريا وسياسيا.

وأضاف مروح أن الجانب السوداني سيقدم لاجتماعات اللجنة وثائق تبين كيفية تعامله مع أبناء الجنوب الذين كانوا جزءا من القوات المسلحة السودانية والقوات النظامية الأخرى، وسيطلب من الجانب الجنوبي القيام بنفس الفعل فيما يتعلق بالسودانيين الذين يعملون في القوات النظامية في جنوب السودان.

وقال: إن «فك الارتباط» يتضمن أبناء المنطقتين «جنوب كردفان، النيل الأزرق» الذين يرى السودان أنهم ما زالوا جزءا من جيش جنوب السودان، رغم وصفه لـ«فك الارتباط» بالمعقد، وأنه يحتوي جوانب فنية وعسكرية مرتبطة باتفاق الترتيبات الأمنية الموقع منذ عام 2005، وجوانب سياسية مرتبط بمستقبل أبناء المنطقة، وكيفية استيعابهم في القوات المسلحة أو القوات النظامية الأخرى، وكيفية السماح لمن أراد منهم العمل السياسي.

وعد مروح تنفيذ ترتيبات مقترح المنطقة منزوعة السلاح، يجعل منها منطقة محرمة لمنسوبي المعارضتين في كلا البلدين، ويضيق الخناق عليهما، بما يمكن من الوصول لتسوية، وأن ما يتبقى مجرد «قضية وقت».

وأضاف مروح أن ما يتم مناقشته هو ملف متكامل للتسوية، عنوانه «فك الارتباط»، وأنهم يتحفظون حتى على اسم «الحركة الشعبية» بقوله: «الحركة الشعبية الشمال، شمال ماذا..؟! بالنسبة لنا لم يعد هذا هو الشمال، هذا هو جنوب السودان بشكله الجديد، والقول قطاع الشمال، يعني أنك تتحدث عن جزء من دولة أخرى».

وكشف عن وجود ما سماه «إرادة سياسية» بدرجات متفاوتة لدى الطرفين لحل لهذه القضية باعتبارها سببا رئيسيا لتذبذب الثقة بين البلدين، وفي تعثر إعادة العلاقة بينهما إلى وضع طبيعي كامل، وأن البلدين وأبناء المنطقتين ليست لهم مصلحة في عدم الوصول إلى حل.