الجزائر تقرر إغلاق حدودها البرية مع مالي

الجيش الفرنسي يغير ليلا على «ديابالي» ويقتل 5 إسلاميين على الأقل

TT

بينما أبلغ مسؤولو وزارة الخارجية الجزائرية، رئيس وزراء مالي، أن بلدهم «ما زال بصدد البحث عن تسوية سياسية» للأزمة في مالي، رغم انطلاق العملية العسكرية الفرنسية، قررت وزارة الدفاع الجزائرية غلق الحدود الجنوبية المشتركة مع مالي (1200 كلم)، بعد استشارة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عمار بلاني، في تصريح مكتوب وزع على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية أمس، إن السلطات «أطلعت الجانب المالي بالتدابير التي اتخذت من أجل غلق الحدود التي تم تأمينها منذ الأحداث الأخيرة التي وقعت بمالي». وجاء ذلك، حسب بلاني، بمناسبة زيارة رئيس وزراء مالي، ديانغو سيسوكو الذي أنهى مساء أول من أمس زيارة إلى الجزائر دامت يومين. وأوضح بلاني أن زيارة سيسوكو «وفرت فرصة لمسؤولي البلدين، للتأكيد من جديد على العلاقة المتميزة التي تجمع مالي والجزائر، والقائمة على حسن الجوار والتضامن والعلاقات العريقة بين الشعبين»، مشيرا إلى أن «التبادل المعمق للمعلومات وتقييم الوضع السائد في مالي والمنطقة، سمح للطرفين بالخروج بتطابق في وجهات النظر بشأن المسائل ذات الصلة بإيجاد حل للأزمة في مالي». وأضاف: «إن الجزائر تدرج مساعيها في إطار التضامن مع البلدان المجاورة منها مالي، كما تدرجه في إطار ميثاق الأمم المتحدة والعقد التأسيسي للاتحاد الأفريقي والخارطة الأفريقية لحفظ السلام».

وبشأن موقف بلاده من تطورات الوضع ميدانيا، أفاد بلاني: «لقد كانت تحدونا على الدوام إرادة مساعدة هذا البلد الشقيق، بغرض تجاوز الصعوبات التي تعترضه من أجل حل دائم للأزمة، وتسيير هادئ للمرحلة الانتقالية. هذا التضامن تجسد منذ بداية الأزمة المالية عبر مساعدة مالية وإنسانية، ومن خلال دعم الجيش المالي في إطار تعزيز قدراته من أجل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة».

وأضاف: «إن الموقف الثابت للجزائر حيال هذه الأزمة، يهدف إلى تحقيق أهداف محددة منها الحفاظ على الوحدة الترابية لمالي، التي لا تقبل التفاوض ولا تحتمل أي تشكيك، لأنها تشكل أساس الخروج من الأزمة. ثم هناك مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للأوطان التي تعد المسؤولية الوطنية لكل بلد، كما أنها تقع على عاتق المجتمع الدولي طبقا لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. والأمر الآخر هو موقفنا الداعم لشرعية اللجوء إلى القوة، من أجل القضاء على هذه الآفات. وعلى هذا الأساس نرى أن التعاون الدولي في هذا المجال ضرورة ومطلب ملح». وتابع: «إن الجزائر، بجانب هذا، حريصة على البحث عن تسوية سياسية، من خلال حوار شامل بين الماليين يتكفل بالشكل الأنسب بالمطالب المشروعة لكل سكان الشمال، والفاعلين الذين يتعين عليهم، لزاما من أجل المشاركة في هذا الحوار، نبذ الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، بشكل واضح والتخلي عن التشكيك في الوحدة الترابية لمالي».

وتتعرض الحكومة الجزائرية لانتقادات شديدة من الصحافة المحلية والمراقبين، بسبب «تناقض» مواقفها من الأزمة. فقد انتقلت من «الرفض المطلق» للتدخل العسكري الأجنبي، إلى «التحفظ»، ثم «الموافقة المبدئية بشرط أن تستهدف العملية العسكرية، الإرهابيين»، ويقصد بذلك «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا». وتطور الموقف إلى النقيض، بالترخيص للطائرات الحربية الفرنسية، التحليق فوق الأجواء الجزائرية لضرب مواقع المسلحين الإسلاميين. ويبدي المسؤولون حساسية كبيرة إزاء الانتقادات الموجهة للدبلوماسية.

وواصلت فرنسا أمس ضرباتها الجوية شمال مالي. وقالت مصادر دفاعية في باريس إن هذه الضربات نجحت في منع القوات التي احتلت أول من أمس مدينة ديابالي الصغيرة القريبة من الحدود الموريتانية - المالية من التقدم جنوبا وطالت الغارات الجوية أيضا أماكن تجمع مقاتلي الشمال ومراكز تدريبهم وآلياتهم وبناهم التحتية من أجل إضعافهم وشل حركتهم.

إلى ذلك، قال مصدر أمني إن الجيش الفرنسي شن غارات ليلا على بلدة ديابالي ما أدى إلى «مقتل خمسة إسلاميين على الأقل وإصابة عدة آخرين بجروح».

وقال الناطق باسم جماعة أنصار الدين، سندة ولد بوعمامة، إن انسحابهم هو «تراجع تكتيكي» للحد من الخسائر البشرية وذلك في تعليقات نشرها موقع الأخبار الموريتاني الإلكتروني أمس.

في غضون ذلك، ذكرت مصادر أمنية رفيعة أن العمليات العسكرية الفرنسية في مالي تستفيد من دعم لوجيستي وتسهيلات عسكرية كبيرة قدمتها ثماني دول مجاورة لمالي هي تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا والسنغال وتشاد وبوركينافاسو وكوت ديفوار.

وتتضمن التسهيلات الممنوحة للجيش والقوات الجوية الفرنسية، استعمال الأجواء وإمكانية هبوط الطائرات لتزويدها بالوقود في مطارات بعض الدول والسماح بهبوط الطائرات العمودية وإمكانية إطلاق طائرات التجسس دون طيار وحق استغلال مطارات بصفة كلية كما هو الحال في ليبيا وبوركينافاسو والسنغال إضافة لإمكانية استغلال الموانئ العسكرية لنقل المعدات.

وفي واشنطن، قال مسؤولو دفاع أميركيون إن الولايات المتحدة تقدم معلومات للقوات الفرنسية التي تحارب مسلحين منتمين لتنظيم القاعدة في مالي، وتبحث تقديم الإمدادات اللوجيستية والمراقبة والمساعدة بالنقل الجوي.

وقال وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا للصحافيين بشأن خطته مساء أول من أمس بينما كان يبدأ جولة تستغرق أسبوعا في العواصم الأوروبية أعلنا التزاما من جانبنا وهو أن القاعدة لن تجد أي مكان للاختباء. وبينما تلاحق الولايات المتحدة متشددين منتمين للقاعدة في شمال باكستان واليمن والصومال قال بانيتا: لدينا مسؤولية التأكد من أن تنظيم القاعدة لا يقيم قاعدة للعمليات بالشمال الأفريقي في مالي.

وأشاد بانيتا بفرنسا بسبب الخطوات التي اتخذتها، وقال إنه يجري محادثات مع وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان بشأن المساعدة التي يحتاجها. ومضى يقول إن وزارة الدفاع الأميركية تبحث تقديم المساعدة في ثلاثة مجالات.

وصرح بانيتا خلال إفادة صحافية على متن طائرته «أولا، بالطبع تقديم دعم لوجيستي محدود. ثانيا، تقديم الدعم الاستخباراتي، وثالثا تقديم بعض قدرات النقل الجوي».