اشتباكات بالأيدي في البرلمان اليمني وتوسيع نطاق الحملة الأمنية

قائد عسكري لـ «الشرق الأوسط» : الإرهابيون استخدموا الملابس العسكرية.. وسنسيطر على تجارتها

يمنية تحمل علم بلادها خلال حفل لإحياء الذكرى الثانية لبدء المظاهرات التي أدت إلى رحيل الرئيس السابق علي عبد الله صالح (أ.ب)
TT

شهدت قاعة مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، اشتباك بالأيدي وملاسنات وشتائم بين نائب في المجلس ووزير في حكومة الوفاق الوطني، وذلك على خلفية مناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2013، في وقت قال فيه قائد عسكري يمني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن الإرهابيين يستخدمون الملابس العسكرية في تنفيذ عملياتهم.

وقال برلمانيون يمنيون لـ«الشرق الأوسط» إن النائب سلطان البركاني، رئيس الكتلة النيابية لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس علي عبد الله صالح، دخل في مشادة كلامية مع الدكتور محمد سعيد السعدي، وزير التخطيط والتعاون الدولي في حكومة الوفاق الوطني أثناء مناقشة مشروع موازنة الدولة للعام الحالي 2013، التي وصفها البركاني وكتلته النيابية بـ«الكارثية»، وأنها ستؤدي إلى رفع الدين العام إلى 13 مليار ريال، واتهم البركاني حكومة الوفاق بتجنيد 200 ألف شخص في سلك القوات المسلحة والأمن خلال العام الماضي، في حين ساق اتهامات إلى الوزير السعدي بالتورط في منح شقيقه (رجل أعمال) عقودا لتوفير الطاقة للحكومة من دون مناقصات رسمية.

وتطورت الملاسنات تحت قبة البرلمان اليمني لتصل إلى حد الاشتباك بالأيدي بين النائب البركاني والوزير السعدي، وتبادل اللكمات والتراشق بقناني المياه والأقلام، قبل أن يتدخل عدد من النواب ويفضوا الاشتباك الذي وقع أثناء حضور الجانب الحكومي لمناقشة مشروع الميزانية، وأدت هذه التطورات إلى اتخاذ رئيس مجلس النواب، يحيى الراعي، لقرار برفع جلسات المجلس إلى أجل غير مسمى.

وقال النائب عبد العزيز جباري، من كتلة «برلمانيون من أجل التغيير» لـ«الشرق الأوسط» إن ما حدث تحت قبة البرلمان، أمس، يحمل أبعادا وخلفيات سياسية «لأن من يريد أن ينتقد عليه أن يدخل في صلب الموضوع ولا يتطرق إلى الأشخاص، وإذا كانت لديه معلومات ووثائق، فعليه استخدام حقه الرقابي بالسؤال ثم الاستجواب ثم طلب حجب الثقة»، وأضاف جباري أن «لدى الإخوة في كتلة حزب المؤتمر توجه لرفض مشروع الموازنة العامة، بدليل قول البركاني إن التصويت عليها يعد (خطيئة)»، وأشار جباري إلى أن المسألة تتعدى موضوع النقاشات في البرلمان إلى قضايا سياسية كبيرة في الساحة، منها الحوار الوطني المقرر الشهر المقبل، إضافة إلى توجه لدى حزب صالح لـ«عرقلة حكومة الوفاق الوطني، ومحاولة إظهارها على أنها فاشلة، وهذه المعارضة (موقف حزب المؤتمر) ليست من أجل إصلاح الخلل».

ويشهد البرلمان اليمني توترا ملحوظا منذ بدء دورته الحالية، فقد شهد جدلا ومشادات، قبل يومين، على خلفية تصريحات السفير الأميركي في صنعاء، جيرالد فايرستاين، التي تحدث فيها عن التسوية السياسية الجارية، وعلى الرغم من أن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لحل الأزمة في اليمن تنص على التوافق داخل البرلمان اليمني في إصدار القرارات والتشريعات، فإن المجلس يشهد، في الآونة الأخيرة، سجالات وجدلا بشأن كثير من القضايا، التي كان أبرزها عدم التوافق على مشروع قانون «العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية».

وفي موضوع آخر، قال العميد الركن مجلي مجيديع، قائد الشرطة العسكرية اليمنية إن الإرهابيين الذين نفذوا العمليات الإرهابية الأخيرة في كثير من المناطق اليمنية، استخدموا الملابس العسكرية للتمويه وللوصول إلى أهدافهم، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن الحملة الأمنية التي تنفذ في العاصمة صنعاء أتت بنتائج إيجابية حتى اللحظة.

ووسعت السلطات اليمنية نطاق حملتها الأمنية الشاملة التي تستهدف ملاحقة المطلوبين أمنيا على خلفية القضايا الإرهابية التي ارتفعت وتيرتها نهاية العام الماضي، فإلى جانب ملاحقة الدراجات النارية، باشرت السلطات المختصة عمليات تفتيش دقيق على محلات بيع الملابس العسكرية أو «المهمات» كما تسمى في اليمن، حيث تباع كثير من الملابس العسكرية والرتب والنياشين في محلات تجارية خاصة في العاصمة صنعاء وغيرها من المناطق اليمنية.

وأكد العميد مجيديع لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء الأول الذي اتخذ من قبل الشرطة العسكرية ضد محلات بيع الملابس العسكرية هو عدم تجديد أي تراخيص لتلك المحال، لأن الشرطة العسكرية هي الجهة المخولة بمنح تلك التراخيص، و«قد قمنا بتوزيع استمارات خاصة على أصحاب تلك المحال للقيام بحصر كل ما لديهم من بضائع عسكرية، ونتوقع الأسبوع المقبل أن يحضروا الاستمارات والبضائع كاملة إلينا لنقوم بتعويضهم عبر المؤسسة الاقتصادية اليمنية التي ستشتري (المهمات العسكرية) وستقوم بتسليمها لدائرة التموين العسكري».

وأشار القائد العسكري اليمني البارز إلى أن هناك توجها نحو عدم منح تراخيص جديدة لبيع الملابس العسكرية للمحلات التجارية الخاصة أو استيرادها، «لكن سيسمح لهم استمرار العمل في المعامل الخاصة بهم»، وإلى أن هذا ليس قرارا نهائيا، ولكن القرار سيصدر بعد عملية الحصر وتسلم تلك الملابس منهم وتعويضهم عن قيمتها».

والتقت، أمس، قيادات عسكرية بملاك المحلات التي تبيع الملابس العسكرية لإبلاغهم بالضوابط الجديدة المنظمة لبيع هذه الملابس الخاصة.

وحول الحملة الأمنية واسعة النطاق التي تنفذها الأجهزة اليمنية العسكرية والأمنية في العاصمة صنعاء منذ الـ6 من يناير (كانون الثاني) الحالي، قال العميد مجيديع لـ«الشرق الأوسط» إنه راضٍ عن الحملة، وإنها حققت كثيرا من أهدافها، وحدّت بشكل كبير من التجوال بالأسلحة غير المرخصة ومن حركة السيارات غير المرقمة، التي كانت تسببت مشكلات أمنية كبيرة، مؤكدا أن الحملة تستهدف إلى جانب المطلوبين، السيارات والدراجات النارية وكذلك الأسلحة غير المرخصة، مؤكدا أن الحملة تنفذ على مدى 24 ساعة من قبل كل الأجهزة «وأنا مقتنع تماما بما يجري لأن معظم تلك الظواهر التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار تلاشت بشكل كبير».

وتقوم السلطات اليمنية، حاليا، بملاحقة الدراجات النارية في العاصمة صنعاء وعواصم المحافظات، وإخضاعها للقانون عبر إلزامها بعمل اللوحات المعدنية التي تبين أرقامها التسلسلية والمناطق الجغرافية التي تعمل فيها، وذلك بعد أن تبين استخدامها من قبل الإرهابيين في سلسلة الاغتيالات التي شهدها اليمن، الأشهر القليلة الماضية، والتي طالت كثيرا من الضباط في أجهزة الأمن والمخابرات المدنية والعسكرية، التي يعتقد أن تنظيم القاعدة يقف وراءها.