نبيل العربي: طلبت من وزير خارجية إيران عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية بما فيها مصر

الأمين العام للجامعة العربية لـ «الشرق الأوسط»: الوضع متوتر في العراق والموضوع بصدد التفاهم

نبيل العربي
TT

أكد الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية في حوار مع «الشرق الأوسط» أنه لا حل للازمة السورية إلا بتدخل مجلس الأمن واتفاق أميركي روسي، وقال إن الموقف الروسي المتعسف بشأن سوريا خرج عن الحدود والفترة المقبلة سوف تشهد اتصالات عالية المستوى. وتابع العربي قائلا إن المعارضة السورية لم تحصل على أي دعم مالي أو عسكري من الجامعة العربية و«لم نتحدث معهم منذ ثلاثة أسابيع».

وأوضح العربي أن بيان جنيف ينص صراحة على تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات في سوريا، وأن هذا يعني عدم تدخل الرئيس بشار الأسد. وتوقع العربي تحركا واتفاقا روسيا أميركيا بعد تولي وزير الخارجية الأميركي الجديد مهامه. وقال إنه لا حل للأزمة السورية إلا بتدخل مجلس الأمن.

كما تحدث العربي عن تداعيات وتفاصيل كل ما دار عن الأزمة السورية خلال العامين المنصرمين، وأفق التحرك مستقبلا. وكشف العربي عن أنه طلب من وزير خارجية إيران، علي أكبر صالحي، أثناء لقائه معه في القاهرة الأسبوع الماضي، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية كلها بما فيها مصر. وتحدث الأمين العام للجامعة عن الوضع في العراق وصفه بالمتوتر، لكنه قال إن «الموضوع بصدد التفاهم».

وحول القضية الفلسطينية أوضح الدكتور العربي أن لجنة عربية على مستوى عال سوف تلتقي مع الرئيس الأميركي الشهر الجاري للنظر في قضية فلسطين، مشيرا إلى أن لقاءه اليومين الماضيين مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس كان إيجابيا. وأضاف «تحدثنا بصراحة حول إنجاز المصالحة».

وأكد العربي على أهمية انعقاد القمة الاقتصادية في الظرف العربي الراهن مشيرا إلى أن القمة تسعى لتحقيق مطالب الشعوب العربية مع أهمية إصدار قرارات لها آليات واضحة وقابلة للتنفيذ. كما تحدث العربي عن اللقاء مع وزير خارجية إيران وأوضاع الجامعة العربية وتطويرها. وإلى نص الحوار..

* ما الأبعاد والنتائج المتوقعة من القمة الاقتصادية التي تعقد في الرياض؟ وما مشروع حلمك من هذه القمة المهمة؟

- من حق الشعوب العربية أن تؤدي القمة إلى نتائج وإنجازات على الأرض وليس مجرد إصدار قرارات. وهذه مشكلة كل المنظمات الدولية - وليس فقط الجامعة العربية. إصدار القرارات وبعدها نجد فجوة كبيرة تتسع بين القرار الذي يتخذ والواقع وتطبيقه، ولهذا أرجو أن نتمكن من إنجاز عدد من المشاريع.

* ألا ترى أن المشكلة ليست في القرار وإنما في أدوات التنفيذ؟ وأقصد إصدار قرار ذي صبغة تنفيذية؟

- أتفق معك بأن يكون القرار ذا صبغة تنفيذية ويفرز آليات قابلة للتنفيذ وبالفعل نبذل جهدا في أهمية تنفيذ القرارات التي تصدر عن الجامعة العربية خاصة في مشروع إعادة هيكلة الجامعة والتطوير.

* هل تتطرق القمة الاقتصادية لمسألة الأموال العربية المنهوبة من دول الربيع العربي والمهاجرة من الدول العربية؟

- الأموال المنهوبة موضوع قانوني وليس اقتصاديا. وقد سبق وأن عقدت اجتماعات في هذا الشأن كما شاركت في اجتماع بدولة قطر. والأمم المتحدة عينت النائب العام القطري لمتابعة هذا الموضوع وهناك تعاون بينه وبين الجامعة العربية وهذه كلها متوقفة على أحكام قضائية من الدول المعنية والقمة ستركز على عودة الأموال العربية المهاجرة مع إيجاد الفرص المناسبة للاستثمار.

* ماذا عن القضايا السياسية الساخنة في المنطقة العربية والملف السوري؟ هل سيتم خلال القمة تشاور سياسي حول تداعيات وتأثير هذه الأزمة خاصة بعد إعلانكم بعدم وجود حل في الأفق حتى هذه اللحظة؟

- موضوع سوريا أخذ أبعادا غريبة وكثيرة وأخذ وقتا طويلا أكثر من اللازم. والشعب السوري يعاني يوميا وساعة بساعة من نزوح وقتل وعنف وتدمير بشكل غير مسبوق، ولذلك لا حل للازمة السورية إلا بتدخل مجلس الأمن. وقد طالبت مجلس الأمن منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي بإصدار قرار ملزم لوقف إطلاق النار وإيفاد قوات حفظ سلام للفصل بين القوات وتنفيذ القرار، وأن تقوم بمثابة إقامة منطقة عازلة لوقف إطلاق النار مثلما حاولنا أن نفعل ذلك بعدد محدود من المراقبين العرب أثناء مهمة الدابي (مبعوث الجامعة العربية السابق إلى سوريا) فيما يقرب من عام.

* كيف ترون الاتهامات والانتقادات الموجهة إلى الجامعة العربية؟

- ونحن نسأل ماذا تستطيع أن تفعل الجامعة وهل ستقوم بشن حرب.

* ولماذا تأخر الحل في سوريا، وتعجَّل في ليبيا؟

- في الأزمة الليبية كان هناك مطلب واحد من الأمم المتحدة وهو حظر جوي، وهذا ما طُلب إثر تهديدات بأن (العقيد الليبي) معمر القذافي قد يستخدم طائرات حديثة في إبادة (مدينة) بنغازي. لكن هذا الموضوع تطور بطريقة مختلفة في مجلس الأمن وليس في الجامعة العربية. وبالتالي لا يمكن إلقاء التهم على الجامعة وإنما على الدول المعنية في إدارة الأزمة.

* هل يمكن اختصار الأزمة السورية وإطالتها في الموقف الروسي المتعسف؟

- الموقف الروسي المتعسف في التوصل لحل قد خرج عن الحدود، وكل ما يمكن قوله حاليا هو وجود اتصالات تتم على أعلى مستوى بين روسيا وأميركا، لكن لم تتبلور الرؤية بعد لاختيار الأسلوب الأفضل.

* هل تأخر الاتفاق الأميركي الروسي على الحل بسبب وجود خلافات بينهما كما يتردد؟

- لا.. وجود وزير خارجية أميركي جديد يتسلم مهام عمله وتشكيله لطاقم جديد وسيبدأ في الاتصالات وربما يستغرق هذا وقتا حتى نهاية هذا الشهر. كما يقدم المبعوث المشترك تقريرا بنتائج مباحثاته واتصالاته التي يقوم بها في الخارج خلال أسبوع أو عشرة أيام إلى مجلس الأمن.

* هل تتفق مع القائلين بأن تأخر الحل في سوريا هو بسبب ترتيب صفقة تبرم بين أميركا وروسيا لحل ملفات تتعلق بإيران وسوريا وربما تدخل إيران في دول الخليج؟

- من وجهة نظري لن يحل الأزمة السورية سوى اتفاق أميركي روسي وموضوع إيران يأتي في المرتبة الثانية أو حتى الرابعة.

* التقيت مع وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي منذ أيام في القاهرة ودار حديث مطول وصريح كما وصف.. ماذا دار في هذا للقاء؟

- موقفي معه لم يتغير. وقد التقيت معه قبل ذلك وأكدت أن المطلوب ضرورة عدم تدخل إيران في سوريا وطلبت منه أيضا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية جميعها بما فيها مصر وعن الرسالة التي أعطاها لي أكثر من مرة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.

* هل وجدت تجاوبا من وزير الخارجية الإيراني على طلبكم؟

- وزير الخارجية نفى تدخل بلاده في الشأن العربي وقال لم نفعل ذلك.

* هل وجدت لدى الوزير الإيراني استعدادا للحوار والتفاهم حول المشكلات الراهنة؟

- لديه استعداد للحوار بشكل عال، ومهتم به جدا، ويتحدث اللغة العربية بطلاقة.

* عودة إلى عقد الحل في الملف السوري - الخلافات بين دول مجلس الأمن قد تبقي الأزمة بلا حل إذا كنت تتحدث عن تقديم المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي تقريرا بعد أيام وقد برز هذا بوضوح في تصريح له حول تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة من دون الأسد فيما يصر الروسي على استحالة إبعاده. كيف ترون الخروج من هذه الإشكالية؟

- في تقديري أن نقطة الانطلاقة هي العلم بالبيان الختامي الذي صدر في جنيف في 30 - 6 - 2011 خاصة في البند الذي ينص على بدء مرحلة انتقالية وتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وهذا يعني أن الرئيس الأسد لا يمكن أن يتدخل في هذا الموضوع، لكن تنفيذها تعرقله روسيا بالحديث عن رفض مغادرة أو تنحي الأسد ونحن نسأل ماذا تعني فقرة حكومة كاملة الصلاحيات في بيان جنيف. وهذا الأمر يمكن حله بين كل من أميركا وروسيا.

* ماذا بعد حصول الائتلاف السوري على اعتراف أكثر من مائة دولة ثم اختفى.. أين هو الآن مما يحدث حاليا؟

- هذا السؤال يوجه لهم.

* هل ما زال الائتلاف على اتصال بالجامعة؟

- لم يحدث اتصال بيني وبين المعارضة السورية منذ أسبوعين (أو) ثلاثة.

* المعارضة السورية ترفض دعوة روسيا للحوار وتعتبره فخا لا يمكن أن تقع فيه. كيف ترون ذلك؟

- أولا يجب أن نهنئ المعارضة السورية على تشكيل هذا الائتلاف وكذلك إيجاد قيادة موحدة عسكرية وهذه خطوات حقيقية ومهمة وهم الآن قاب قوسين أو أدنى ومنتظرون تحقيق هدفهم، وبالتالي لا نتوقع منهم أكثر من هذا.

* هل تراجع الإمداد العربي لدعم المعارضة يعد سببا في عدم إنجاز مهام الائتلاف؟

- بكل صراحة إن تقديم الدعم المالي والعسكري للمعارضة السورية لا يتم عن طريق الجامعة العربية.

* التقيت مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا وكذلك مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس وتحدثتم عن المصالحة ومستقبل التحرك العربي لدعم القضية الفلسطينية. على ماذا تم الاتفاق؟

- تحدثت مع الرئيس عباس وخالد مشعل كل على حدة وكان اللقاء صريحا للغاية ولمست منهما بكل وضوح اهتماما حقيقيا وأصيلا لإتمام تنفيذ إجراءات المصالحة الفلسطينية والتي أبرمت منذ عامين بتاريخ 4 - 5 – 2011 وتأخر التنفيذ ولهذا اتفق مؤخرا على تشكيل لجان تعمل على مدار ثلاثة أسابيع ويجب أن نتركهم حتى ينتهون من إتمام المهمة ولدي تفاؤل كبير بهذه الخطوة.

* ماذا عن الذهاب إلى مجلس الأمن؟

- هذا هو الموضوع الأساسي، ويجب أن يكون نصب أعين الدول العربية الآن، بعد الحصول على عضوية المراقبة، وهذا أمر طبيعي للدول التي يوجد حولها مشكلات. حتى ألمانيا الغربية والشرقية وكوريا كلها كانت في وضع المراقب.. والفاتيكان وحتى سويسرا كانت مراقبا حتى عام 2002 أي منذ عام 1945 حتى التاريخ السالف، ومن دون مشكلات سياسية، وإنما كان بناء على طلبهم لعدم تحمل بعض المسؤوليات خاصة في مجلس الأمن وإصدار تعليمات وقرارات، وبهذه المناسبة يجب الأخذ في الاعتبار أن المشكلة الأساسية في القضية الفلسطينية ليست في الأسرى أو المستوطنات وإنما في استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وهذا الاحتلال تقرر الانتهاء منه منذ 45 عاما بقرار 242 أن تنسحب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 هذا لم يحدث بالنسبة لفلسطين وما حدث هو اتفاق السلام في عام 1979 والاتفاق مع الأردن عام 1994 وبالنسبة لسوريا تم توقيع اتفاق جزئي لفض الاشتباك في مايو (أيار) عام 1974 بين سوريا وإسرائيل ومن هنا بدأ تغيير المسار في القضية الفلسطينية، وبدلا من تنفيذ الانسحاب وفق القرار، نجحت إسرائيل في عمل ما يسمى بالترتيبات المؤقتة، وهذا الأسلوب وضح الآن بعد 45 عاما من صدور القرار ولذلك الدول العربية قررت في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العمل على ضرورة إنهاء الاحتلال واتخاذ كل الإجراءات اللازمة في هذا الصدد، والتي تقتضي في مرحلة معينة ضرورة الذهاب إلى مجلس الأمن للتشاور والتفاهم حول وضع خطة عمل لإنهاء الاحتلال، ولن نستسلم لما أطلق عليه طيلة السنوات الماضية بعملية السلام والتي لم تؤد إلى سلام، وعليه لا بد وأن يتولى مجلس الأمن مسؤولياته بالنسبة للقرارات التي أصدرها لإنهاء الاحتلال وآثار العدوان الإسرائيلي عام 1967.

* لكن ماذا عن تنفيذ قرارات لجنة مبادرة السلام التي اتخذت في 17 فبراير (شباط) الماضي؟

- اتفقنا على اتخاذ خطوات محددة وبالفعل قمت بزيارات إلى الاتحاد الأوروبي وفرنسا وإنجلترا ونحن بصدد إجراء اتصالات مع أميركا بعد تولي وزير الخارجية الجديد مهامه. وهناك توجه لإيفاد لجنة عربية على مستوى عال للقاء الرئيس الأميركي ووزير الخارجية.

* ما مدى تأثير الربيع العربي على الجامعة العربية من ناحية السياسات والأداء والجوانب المالية؟

- الربيع العربي أفرز حكومات وتوجهات جديدة.. حتى الدول التي لم يحدث بها ثورات قامت بتغييرات تتناسب وطموح ومصالح الشعوب، وكل هذه تشكل مسؤوليات إضافية على الجامعة العربية، ولذلك انتهينا من إعادة الهيكلة في الأمانة العامة وتسلمت يوم 10 يناير (كانون الثاني) الجاري تقريرا متكاملا من الأخضر الإبراهيمي بعد عمل متواصل للجنة التطوير التي يرأسها منذ 15 شهرا، ويتضمن أكثر من 50 صفحة أقوم بقراءته حاليا لعرضه على القمة العربية التي تعقد في مارس (آذار) المقبل بدولة قطر كما نفذنا بعض مما ورد في تقرير التطوير والباقي سيعرض على القادة العرب كما ذكرت.

* ماذا عن الجوانب المادية خاصة أن الدول التي حدث بها ثورات متعثرة في سداد حصتها بموازنة الجامعة وهو الأمر الذي يؤثر بالطبع على أداء وطبيعة العمل؟

- هذا الموضوع سوف يعرض برمته على القمة العربية.

* ما مدى تأثير ما يحدث في سوريا على العراق واستقراره؟

- الوضع الحالي في العراق متوتر. وقد أجريت اتصالات بالحكومة العراقية والموضوع حاليا بصدد التفاهم.

* البعض يربط ما بين سقوط الأسد وقيام الدولة الكردية. هل تتوقع هذا؟

- الأكراد هم عراقيون وهناك تعايش وتفاهم ولا أريد الحديث في هذا الموضوع، لكن بكل تأكيد فإن سقوط الأسد سوف يشمل أمورا كثيرة داخل وخارج سوريا، وكلما تأخرنا في الحل تفاقمت المشكلات.