حوادث القطارات تحاصر حكومة الرئيس المصري

19 قتيلا وأكثر من 100 مصاب في «البدرشين».. و«الإخوان» يلقون التهمة على نظام «مبارك»

الرئيس محمد مرسي يطمئن على صحة جرحى حادث قطار البدرشين، وبجواره وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)
TT

تواصلت في مصر، أمس، حوادث قطارات السكك الحديدية، وحصدها لمئات الضحايا من المواطنين، بعدما انقلبت إحدى عربات قطار كان ينقل جنود أمن في مدينة البدرشين بالجيزة، مخلفا بذلك 19 قتيلا وأكثر من 117 مصابا. وبينما آلمت الفاجعة جميع المصريين، خاصة أن الضحايا كلهم من الشباب الذين لم يتعد عمرهم العشرين عاما، تبادل أنصار الرئيس الإسلامي محمد مرسي والمعارضون له من التيار المدني، الاتهامات حول المسؤولية السياسية للحادث. ودافع الإسلاميون بأن ما تشهده مصر حاليا من حوادث وأزمات هي محصلة ما خلفه نظام الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر 30 عاما في تخريب البلاد، بينما قال معارضون إن مرسي وحكومته أثبتوا فشلهم في تقديم أي حلول ناجعة لإنقاذ البلاد، بل إن الوضع في عهده ازداد سوءا.

ويعد هذا الحادث هو الخامس من نوعه في عهد الرئيس مرسي، الذي تولى السلطة في يوليو (تموز) العام الماضي، حيث سبقه أربعة حوادث قطارات أيضا، آخرها اصطدام قطار في أسيوط بأتوبيس مدرسي، أسفر عن مصرع أكثر 50 طفلا، واستقال على أثره وزير النقل السابق رشاد المتيني. وزار الرئيس مرسي أمس مصابي حادث قطار البدرشين بمستشفى المعادي العسكري في القاهرة، كما عقد اجتماعا مع رئيس الوزراء ووزير النقل. وأكد مرسي أن «الحادث أمر مؤلم»، مضيفا أن «كل أجهزة الدولة توفر الرعاية الصحية الكاملة للمصابين، وأن النيابة العامة سوف تتولى التحقيق في الحادث، وسيتم معاقبة المسؤولين عن التقصير».

وقوبل الرئيس مرسي خلال زيارته للمصابين بهتافات معادية من جانب مئات المتظاهرين، الذين تجمعوا أمام المستشفى، مرددين هتاف (ارحل.. ارحل)، كما رفعوا الأحذية أمامه. وكانت المفارقة أن مرسي زار مستشفى المعادي العسكري الذي يرقد به الرئيس السابق مبارك لتلقي العلاج، إلا أن مرسي لم يزره.

وتعد خطوط السكك الحديدية في مصر من أقدم وكبرى السكك الحديدية في العالم، حيث تمتد لنحو خمسة آلاف كيلومتر، ويستخدمها ملايين المواطنين يوميا، لكنها لم تلق أي اهتمام أو تطوير منذ فترة. وقال حسين زكريا، رئيس إدارة «سكك حديد مصر»، إن إحدى عربات قطار البدرشين، الذي كان يحمل جنود أمن مركزي، سقطت صباح الثلاثاء على القطبان أثناء رحلته قادما من أسيوط وفي طريقه للقاهرة.

وبينما صرح مصدر أمني بأن القطار كان يقل أكثر من 1300 مجند من قطاع الأمن المركزي، نفى المتحدث باسم القوات المسلحة، العقيد أحمد محمد علي، علاقة الجيش بالقطار، مؤكدا أنه «ليس قطارا حربيا، إنما هو قطار مدني يتم استخدامه بالتنسيق مع وزارة النقل لنقل الجنود أثناء الترحيلات»، كما نوه إلى أن الجنود المرحلين هم من مجندي الأمن المركزي التابع لوزارة الداخلية.

وفي إطار التحقيقات في الحادث، أعلن المستشار حسن سليمان، المتحدث الرسمي للنيابة العامة، أن فريقا من النيابة انتقل لموقع الحادث، لمعاينة الجثث والاستماع لأقوال المصابين وشهود العيان، لتحديد المسؤولية الجنائية. وقد أمرت نيابة البدرشين، بحبس سائق القطار مجدي جرجس، 4 أيام على ذمة التحقيقات، ووجهت له تهم القتل والإصابة الخطأ.

وصرح النائب العام، المستشار طلعت عبد الله، بدفن جثث الضحايا بعد توقيع الكشف الطبي عليها، كما أمر بالتحفظ على دفتر يوميات القطارات.

من جهته، قرر رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل، صرف مبلغ 30 ألف جنيه لأسر المتوفين، ومبالغ مالية للمصابين، بالإضافة إلى تعويضات من القوات المسلحة. وعبر قنديل في بيان له عن حزنه وأسفه الشديد لوقوع الضحايا ووصفهم بأنه «لا يعوضون»، مؤكدا وضع جميع المستشفيات في حالة تأهب قصوى لاستقبال كافة المصابين والعناية بهم، ووجه بإجراء تحقيق فوري لمعرفة أسباب الحادث، وتحديد المسؤولين، ومعاقبة المقصرين. وطالبت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المصري (البرلمان) بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة للكشف عن ملابسات الحادث ومعرفة أسبابه وطرحها على الرأي العام، كما طالبت بضرورة الإسراع في تطوير منظومة السكك الحديدية، لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

من جهتها، شنت قوى المعارضة هجوما على الرئيس مرسي وحكومته، وحملته مسؤولية الفشل في الحفاظ على أرواح المصريين. وقال محمد البرادعي، رئيس حزب «الدستور»، على موقع «تويتر»: «مأساة مصر ليست في انتماء من يحكم، وإنما في غياب القدرة على إدارة البلاد»، مضيفا أن «مفاصل الدولة تتآكل والفشل يزداد، والشعب هو الضحية.. مصر تركع كل يوم».

وأكد أحمد خيري، المتحدث باسم حزب «المصريين الأحرار»: «حادث جديد وشهداء جدد ومصابون جديدون! سلم الله ورحم الشهداء وشفى المصابين.. الرئيس مرسي وحكومته الفاشلة يتحملون مسؤولية كارثة قطار البدرشين، وهذا ليس من قبيل المزايدة، بل الوضوح والصراحة».

من جانبه، أكد الفريق أحمد شفيق، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة، أن «حالة التسيب والانفلات العام الذي يضرب الدولة ويتسم به أداء الرئيس مرسي وحكومته، هما السبب الأساسي في تكرار الكوارث الإنسانية التي يتعرض لها المصريون يوما بعد يوم»، موضحا في بيان له أن «الحكم الإخواني لا يهتم إلا بما يهم (الإخوان) ورغباتهم وأهدافهم ولا يضع بقيه المصريين في حساباته». وتجمع مئات النشطاء السياسيين أمس في محطات القطارات الرئيسية بالقاهرة والإسكندرية للمطالبة بالقصاص لحقوق الشهداء، مرددين هتافات، منها «يسقط حكم المرشد». وذكر مركز النديم لحقوق الإنسان، أنه تم القبض على نحو 30 من النشطاء أثناء تنظيمهم لهذه الوقفات الاحتجاجية.

في المقابل، أكد الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، أن «تكرار حوادث القطارات المفجعة دليل على انهيار شبه كامل في البنية التحتية جراء سنوات الفساد تحت حكم مبارك».

وأصدرت جماعة الإخوان المسلمين بيانا طالبت فيه جميع أجهزة الدولة بأن تتعاون في ما بينها؛ لإجراء تحقيقات موسعة لمعرفة سبب الحادث ومن المسؤول عنه ومحاسبته، بالإضافة إلى وضع تصور واضح ومدروس؛ للعمل على منع هذه الحوادث في المستقبل.