الضغوط تنهال على الحكومة الباكستانية من كل الجهات

القادري يقود أقوى احتجاج شعبي والمحكمة تأمر باعتقال رئيس الوزراء والهند تصعد لهجتها

باكستانيون مؤيدون لحزب «الجماعة الإسلامية» يوزعون الحلوى بعد صدور أمر قضائي باعتقال رئيس الوزراء في كراتشي أمس (أ.ب)
TT

بينما تواصلت لليوم الثالث على التوالي حركة الاحتجاج الحاشدة بقيادة عالم الدين والسياسي طاهر القادري، للمطالبة باستقالة الحكومة في باكستان، أصدرت المحكمة العليا أمس مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء راجا برويز أشرف في قضية فساد. وجاء هذا تزامنا مع تحذير وجهته الهند من أن علاقاتها مع باكستان «لن تستمر كما كانت عليه» قبل الاشتباك الدموي الأخير على الخط الفاصل بين شطري إقليم كشمير.

وأمر رئيس المحكمة العليا الباكستانية افتخار محمد شودري أمس باعتقال 16 شخصا مشتبه بضلوعهم في فساد يتعلق بمشاريع لتوليد الطاقة في 2010 بينهم رئيس الوزراء. واعتبر محللون أن حكم المحكمة العليا لن يؤدي إلى إجبار أشرف على التنحي، إلا أنهم حذروا من أنه حتى لو كان توقيت الحكم تصادف دون قصد مع حركة الاحتجاج، فإنه سيزيد من الشائعات حول وجود مؤامرة من القضاء والجيش على الحكومة. وأمرت المحكمة المسؤولين بأن تعتقل «بلا أي تردد» المتهمين في القضية، كما أمرت رئيس ومسؤولي مكتب المساءلة الوطني الذي يراقب الفساد بتقديم تقرير للمحكمة (غدا) الخميس.

وجاء أمر المحكمة فيما احتشد الآلاف بقيادة القادري قرب البرلمان في ثالث يوم من مسيرة تدعو إلى حل البرلمان فورا. وعلى الرغم من أنه كان تقرر إجراء الانتخابات العامة بحلول مايو (أيار)، فإن القادري يريد تشكيل حكومة تصريف أعمال فورا بالتشاور مع الجيش والقضاء لتطبيق إصلاحات مهمة قبل إجراء الانتخابات. ورأى البعض في حركة القادري الاحتجاجية مؤامرة من عناصر الدولة خاصة القوات المسلحة بهدف تأخير الانتخابات وزرع الفوضى السياسية في البلد.

وتعالت صيحات الابتهاج من أنصار القادري الذين استعدوا لاحتجاج طويل وتزودوا بالطعام والأغطية. وقال صديق قريشي نائب القادري «هذا أول انتصار لنا. سنبقى هنا حتى تلبى جميع طلباتنا».

ويعتبر القادري أن السلطة والأحزاب السياسية التقليدية مسؤولة عن كل المحن التي تصيب باكستان منذ خمس سنوات، من الإرهاب إلى الفقر مرورا بالفساد وأزمة الطاقة. وقال القادري الباكستاني الذي يحمل الجنسية الكندية والذي عاد من تورنتو الشهر الماضي بعد سنوات قضاها في المنفى أمام المعتصمين: «أريد البقاء هنا وأريدكم أن تبقوا هنا حتى الغد». وردت الحشود الحاضرة على الفور «نعم». وأضاف: «سأتحدث إليكم غدا مجددا على أمل ألا نكون مضطرين للبقاء هنا فترة أطول» وذلك في ختام خطاب حاد انتقد فيه النخب التي تملك الأراضي والصناعات والتي تصادر، بحسب قوله، السلطة على حساب أعداد كبرى من الشعب تعاني من الحرمان. ووجه القادري من جانب آخر تحية إلى الجيش وإلى السلطة القضائية.

ويقول أنصار القادري إن دعواته لإنهاء الفساد وتطبيق الإصلاحات يمكن أن تكون حلا لمشكلات باكستان الخطيرة. ولكن إذا جرت الانتخابات في الموعد المقرر لها فإنها ستشكل أول انتقال ديمقراطي بين حكومتين مدنيتين في تاريخ باكستان الممتد على 65 عاما.

وتسببت الاحتجاجات ومذكرة التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء، في انخفاض كبير في مؤشر بورصة كراتشي. وكان أشرف تولى منصبه في يونيو (حزيران) الماضي عندما أطاحت المحكمة العليا بسلفه يوسف رضا جيلاني ودانته بازدراء المحكمة بعد أن رفض أن يطلب من السلطات السويسرية إعادة فتح قضايا فساد ضد الرئيس. وفي شأن ذي صلة، صرح رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ أمس بأن العلاقات مع باكستان «لن تستمر كما كانت عليه» قبل الاشتباك الدموي على الخط الفاصل بين شطري إقليم كشمير المتنازع عليه. وقال سينغ للصحافيين على هامش إحدى فعاليات الجيش «لا يمكن أن تستمر الأمور كما كانت عليه» في السابق مع باكستان. وقال «ما حدث غير مقبول» في إشارة إلى مقتل جنديين هنديين قطع رأس أحدهما. وأضاف أن «المسؤولين عن هذه الجريمة يجب أن يحاسبوا». وجاءت تصريحات سينغ بعدما اتهمت الحكومة الهندية الجنود الباكستانيين بالعبور إلى الأراضي الهندية وقتل جنديين وقطع رأس أحدهما في الثامن من يناير (كانون الثاني). وتنفي باكستان ضلوع قواتها في مثل هذا الحادث وتتهم الجنود الهنود بقتل اثنين من جنودها.