الكوبيون يتنفسون الصعداء مع سريان قانون حرية السفر

تدافع أمام مكاتب استخراج الجوازات والتذاكر لكن الغالبية تعزوها القدرة المالية للمغادرة

كوبيون ينتظرون أمام مكتب لاستخراج جوازات السفر في هافانا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تدافع الكوبيون أمام مكاتب الهجرة ووكالات السفر، يوم الاثنين، سعيا لاستغلال رفع القيود التي فرضتها الحكومة على السفر منذ أن كان الزعيم السابق للبلاد، فيدل كاسترو، في الثلاثينات من عمره.

وألغت القواعد الجديدة العقبات البيروقراطية المكلفة، التي طالما واجهها الكوبيون الراغبون في السفر، وكثير منهم يعرفون أحباءهم الذين فقدوا كل شيء عندما هاجروا أو غادروا الجزيرة تحت جنح الظلام على متن طوف أو زورق. في صبيحة يوم الاثنين، صار بمقدور السواد الأعظم من الكوبيين التوجه إلى المطار بجواز سفر وتذكرة طيران وتأشيرة، في حال اشتراطها، من الدولة التي ينوون زيارتها.

وقالت مارتا رودريغز، (65 عاما)، وهي مديرة متقاعدة كانت تنتظر الحصول على تأشيرة سياحية من قسم المصالح الأميركية في هافانا: «عشنا لعقود في الأسر. هذه خطوة إيجابية، كان ينبغي اتخاذها قبل خمسين عاما». ولا يتوقع أن يؤدي التغيير إلى هجرة جماعية، لأن غالبية الدول تشترط تأشيرات الدخول على الكوبيون الراغبين في زيارتها، ناهيك بأن إمكانية السفر إلى الخارج لا تزال تفوق قدرة غالبية سكان الجزيرة، الذين يحصلون على رواتب تبلغ نحو 20 دولارا شهريا. وهناك كوبيون يرغبون في السفر والعودة مرة أخرى إلى الجزيرة.

وتقول الحكومة إنها ستستمر في فرض قيود على سفر عشرات الآلاف من الكوبيين الذين يعملون في قطاعات حساسة مثل الجيش والعاملين في القطاعات العلمية أو من يشكل سفرهم تهديدا للأمن القومي. وقال كوبيون ومحللون أجانب إن حجم التضييق ومدته الذي ستمارسه الحكومة للسيطرة على حركات هذه القطاعات سيتضح بمرور الوقت. وفي تطور يعد مؤشرا على مرونة الحكومة الجديدة، قالت الناشطة يواني سانشير، التي قالت إنها حرمت من الحصول على تأشيرة خروج من قبل الحكومة الكوبية 19 مرة على الأقل في السابق، إنها كانت في أول الصف في مكتب الهجرة، وقدمت أوراقها للحصول على جواز سفر دون أي مشكلات.

وقال آرتورو لوبيز ليفي، الأكاديمي الكوبي المولد الذي غادر الجزيرة قبل عشر سنوات والذي يعمل محاضرا في جامعة دنفر بالولايات المتحدة، إن إصلاحات الهجرة لم تكن مناورة لتخفيف الضغط السياسي فحسب، وإنما تعد أيضا بمثابة تحول هيكلي في العلاقة بين الجزيرة وأبنائها في المهجر، وهي الأقلية التي كانت الحكومة وصفتها في السابق بالديدان الخائنة. وقال لوبيز: «هذا تغيير حقيقي في طريقة إدراك الحكومة للعلاقة بين الشعب الكوبي والعالم الخارجي».

داخل مكاتب الهجرة، طالع الكوبيون الملصقات التي توضح القواعد الجديدة، ووقفوا في صفوف للحصول على جوازات سفر جديدة، وقدموا استفساراتهم أمام مسؤولي الهجرة، الذين ارتدوا الزي الأخضر لمعرفة الأوراق المطلوبة.

شهدت مكاتب الهجرة أيضا وجود الكثير من ضباط الشرطة خارج المقار وبالقرب من المكاتب القنصلية، وخاصة المتنزه القريب من قسم المصالح الأميركية، المعروف محليا باسم «المكان بين الحياة والموت»، حيث ينتظر الكوبيون يوميا للحصول على موعد للقاء مسؤول القسم القنصلي الأميركي.

كانت الإدارة الأميركية تراقب بحذر التطورات باهتمام، وقال روبرت جاكوبسون، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون المحيط الغربي، بحسب وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء: «لا نزال ننتظر ما إذا كان ذلك سيطبق بصورة مفتوحة وما إذا كانت تعني قدرة كل الكوبيين على السفر إلى الخارج».

ورغم التقارير الكثيرة التي صدرت في الأسابيع الأخيرة عن مصادر إخبارية كوبية رسمية، لا يزال الكثير من الكوبيين غير مطلعين على كيفية تطبيق القوانين وما إذا كانت ستنطبق عليهم وما إذا كانوا بحاجة إلى جوازات سفر جديدة أو طابع خاص، وكيف ستطبق على الأطفال.

ووفقا للنظام القديم، كان غالبية الكوبيين الذين يتقدمون للحصول على تأشيرة خروج للسفر، يحصلون عليها إذا استطاعوا أن يقدموا للسلطات خطاب دعوة من شخص ينوون زيارته، مقابل نحو 400 دولار. وتقول كاريداد رياس ريسي، (69 عاما)، المتقاعدة التي وقفت في طابور أمام وكالة سفريات في وسط المدينة لشراء تذكرة لزيارة ابنتها في الولايات المتحدة، إنها انتظرت يوم الاثنين كي تتجنب دفع 400 دولار. وقالت مشيرة إلى عشرات الكوبيين الذين خرجوا من الوكالة صغيرة الحجم: «السؤال الآن: هل سأحصل على التذكرة؟».

وتشير رومانا ماريا مورينو، (61 عاما)، وهي عاملة في مطعم، إلى أنه رغم حصول الكوبيين على التصريح الذي كانوا يتوقون إليه في السابق، فإن التغيير كان له أثر نفسي. وأضافت مورينو، التي كانت أمام مكاتب الهجرة تبحث عن قائمة الدول التي يمكن للكوبيين السفر إليها من دون تأشيرة دخول: «الفكرة هي القدرة على السفر. إنها الحرية التي لم نشهدها على الإطلاق». لكنها تعترف بأنه لا تزال هناك قيود تحول دون السفر، وتقول ضاحكة: «أنا لا أملك المال».

وكانت أخبار قد أعلنت الأسبوع الماضي مفادها أن الحكومة ستسمح لأفراد مؤسساتها الطبية بالسفر، مما عزز رغبة السفر لدى أولئك الذين اضطروا لعقود إلى الخضوع لعملية طويلة ومعقدة للحصول على تصريح السفر.

وتقول نيوركا، (45 عاما)، وهي طبيبة ترغب في الانضمام إلى عائلتها في ميامي: «الجميع ينتظر رؤية ما سيجري». وقد طالبت نيوركا بعدم نشر اسمها كاملا خشية انتقام السلطات، مشيرة إلى أنها لا تعتقد أن القيود المشددة على سفر الأطباء سترفع بين عشية وضحاها. وأضافت: «رغم ذلك لا يزال لدي أمل».

لكن الحكومة اختارت تنفيذ القوانين الجديدة، التي قالوا إنها حقبة جديدة في علاقة كوبا مع أبنائها في المهجر والعالم ككل، بحسب رودريغير التي قالت: «لقد أدركوا أن الجزيرة بحاجة إلى الانفتاح على العالم. ولا يمكنهم التراجع في ذلك الآن».

* خدمة «نيويورك تايمز»