«هآرتس» تكتب افتتاحية بالعربية تدعو فلسطينيي 48 للمشاركة في الانتخابات

عشرات الشخصيات اليهودية تحث العرب على الإقبال على الإدلاء بأصواتهم

TT

توجهت أكثر من 80 شخصية إسرائيلية يهودية مرموقة، بنداء إلى المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، تدعوهم فيه إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات المزمعة يوم الثلاثاء المقبل ورفض الدعوات التي توجه إليهم للمقاطعة، التي لا تخدم سوى قوى اليمين المتطرف. وبالروح نفسها، خرجت صحيفة «هآرتس» العبرية بمقال افتتاحي نشرته على رأس صفحتها باللغة العربية، وهو الثاني بعد افتتاحيتها بعد زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات لإسرائيل عام 1977.

وجاءت هذه الدعوة بسبب ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت بين المواطنين العرب، التي بلغت 53 في المائة في الانتخابات الماضية سنة 2009، مقابل 68 في المائة بين اليهود عموما و90 في المائة بين المستوطنين في الضفة الغربية وفي الأحزاب الدينية. وبسبب هذا الانخفاض، لم ينعكس في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وزن العرب الحقيقي. فهم يشكلون نسبة 17.5 في المائة من السكان ونسبة 14 في المائة من أصحاب حق الاقتراع، ولكن الأحزاب العربية ممثلة بأحد عشر مقعدا فقط من مجموع 120 مقعدا. فلو بلغت نسبة مشاركتهم مثل اليهود لأصبح لهم 15 مقعدا.

وجاء في نداء الشخصيات اليهودية: «نحن الموقعين أدناه، يهود ويهوديات، نؤمن بأن الشراكة ما بين المواطنين اليهود والعرب في إسرائيل حيوية لمستقبلنا المشترك. ولذلك، نتوجه إلى المواطنين العرب بالنداء: تعالوا وصوتوا. لا تتنازلوا عن الحق، بل الواجب، في هذه العملية الديمقراطية التي تشكل تعبيرا عاليا لهذه الشراكة». ويضيف: «نحن لا ننسى أن حكومات إسرائيل المتعاقبة انتهجت سياسة تمييز ضد العرب، ونحن نريد مكافحة هذا التمييز والقضاء عليه. إننا نريد مكافحة كل الاتجاهات الانفصالية التي تعزز من قوة أولئك الذين يريدون أن يسود الاغتراب علاقات اليهود والعرب. فهذا يمس بمصالح الغالبية الساحقة منا. إننا نؤمن بأنه من المحظور أن تكون هناك سياسة تمييز ضد الأقلية في دولة يهودية، ونؤمن بإمكانية الشراكة بين اليهود والعرب. ونحن نستمد الأمل من الاندماج الرائع للمواطنين والمواطنات العربيات في السنوات الأخيرة في فروع الصناعة والتكنولوجيا العالية والسلك الأكاديمي والإعلام ومنتدى رجال الأعمال وفي فرع الرياضة. إن امتناع العرب في إسرائيل عن التصويت يؤدي إلى تعاظم قوة من يسعون إلى دفع هذه الجماهير الغفيرة إلى هامش المجتمع وتعزيز العناصر المعنية بالتمزق الاجتماعي والثقافي بين الشعبين. والامتناع يؤدي إلى زرع وهم لدى الجمهور اليهودي بأنه بالإمكان تجاهل قضية التمييز. لهذا، إننا بحاجة إلى مشاركتكم السياسية لكي نستطيع النضال من أجل المساواة، التي كنا قد تعهدنا بها في وثيقة الاستقلال».

وكان من بين الموقعين على النداء: وزير التعليم الأسبق، البروفسور أمنون روبنشتاين، والدكتور ألون لئيل، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية، والشاعرة ليئورة هايدكر، والبروفسور مريم بن بيرتس، والبروفسور غابي سلومون، الحائزان على جائزة إسرائيل في التعليم، والحاخامان أوهاد مزراحي ونفتالي روتنبيرغ، من كبار رجال الدين اليهود، والأساتذة الجامعيون بدرجة بروفسور دافيد هرئيل ومناحيم ماوتنر ويديديا شتيرن ويسرائيل شتاينر وأوري شمير، والأدباء أ. ب. يهوشواع، ويهوشاع سوبول وإيال ميجد، والدبلوماسي السابق ييهودا لانكري، والكتاب الصحافيون بامبي شيلغ وداني روبنشتاين وروني شكيد. كما وقع على البيان جميع الباحثين في معهد «شحريت» (سحرية) في تل أبيب وثلاث حركات شبيبة يهودية هي: «درور يسرائيل» و«محنوت هعوليم» و«هشومير هتسعير».

وأما صحيفة «هآرتس»، فكتبت: «في عام 1948، قرر الفلسطينيون الذين بقوا تحت الحكم الإسرائيلي أن يصبحوا مواطني الدولة، واختاروا النضال لأجل مواطنة متساوية بأساليب ديمقراطية. هذا القرار شكل تحديا للدولة التي سعت لإبراز طابعها اليهودي وللجمهور العربي الذي سار على حبل مشدود يوصل بين النضال للمساواة وبين النضال لتحقيق تطلعاته القومية. يمكن القول، اليوم وبعد 65 عاما، إن هذا الخيار قد أثبت جدارته، فالجماهير العربية هي جزء لا يتجزأ من المجتمع الإسرائيلي وتسهم في مختلف المجالات. وكأقلية قومية فالجماهير العربية تثري الديمقراطية الإسرائيلية وتشكل تحديا محفزا لها، ولهذا من الطبيعي أن تجد التعبير السياسي الذي يعكس وزنها في المجتمع الإسرائيلي. منذ حكومة رابين الثانية التي اعتمدت على أصوات ممثلي المواطنين العرب في الكنيست، يعمل اليمين بمنهجية لنزع شرعية العرب في اتخاذ قرارات سياسية حاسمة. وينعكس ذلك اليوم في حملة التحريض ضد أعضاء الكنيست العرب وفي التشريعات المعادية للديمقراطية. من جهة أخرى فإن القوى التي تسعى لوضع بديل لليمين، تتجاهل بأغلبيتها وجود المواطنين العرب. ولذلك، ومن أجل تغيير هذا الوضع، هنالك حاجة لتمثيل عربي أكبر في الكنيست. فالانتخابات البرلمانية هي جوهر النضال المدني. وعليه فإن الانخفاض في مشاركة العرب في التصويت، والدعوات الداعية لمقاطعة الانتخابات بين الجمهور العربي، هي مظاهر مقلقة. إن السبب الأساسي للتراجع في نسبة التصويت بين العرب هو الشعور بأن العمل البرلماني لم يسهم في تحسين ظروف معيشتهم. ولكن، وبنظرة شاملة يتبين أن الجماهير العربية، وبفضل نضال شعبي ومدني وقانوني وبرلماني، حققت إنجازات مهمة في مجالات الحياة المختلفة. ولذلك فلا يجد بديل ناجع للجمهور العربي سوى النضال المدني الذي يتطلب طول النفس. إن اليأس والامتناع عن التصويت هما عدوان لدودان لهذا النضال. اليأس هو بمثابة ترف لا يمكن لمواطني إسرائيل أن يتيحوه لأنفسهم. إن المشاركة الواسعة للجماهير العربية في الانتخابات هي لصالح جميع الديمقراطيين - العرب واليهود. لذلك فالمواطنون العرب مدعوون للخروج للتصويت من أجل السلام والمساواة والديمقراطية».