طلاب سوريون ببريطانيا في «مأزق»

الجامعات هددت بطردهم لعجزهم عن سداد الرسوم

TT

رغم تأكيد السوري نبال إستانبولي أن جامعته البريطانية لم تقم بطرده فعليا، فإنه يقول إن هناك تهديدا حقيقيا بذلك.. مثله في ذلك كمثل نحو 670 طالبا سوريا آخرين، ممن يقومون بالتحضير لشهادة الدكتوراه والدراسات العليا في شتى المجالات، نظرا لعدم تمكنهم من دفع مصاريف الدراسة بسبب النزاع في بلادهم.

ويوضح إستانبولي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن «المشكلة بدأت منذ العام الماضي، فعادة ما تدفع مصاريف الجامعة على دفعتين - 60% في سبتمبر (أيلول) و40% في شهر يناير (كانون الثاني).. لكن الجامعات لم تصلها أي تحويلات مالية لا في المرحلة الأولى ولا الثانية، مما دعاها إلى تهديد الطلاب بالطرد وتجميد عضوية بعضهم، كما طلب من بعضهم عدم الاستمرار في كتابة أطروحاتهم».

وأشار إستانبولي إلى أن الطلاب المعارضين للنظام السوري، والذين شاركوا بالمظاهرات، لن يكون بانتظارهم في سوريا - في حال عادوا إلى هناك - إلا التعذيب والاعتقال. موضحا أن «عددا من هؤلاء تم فصلهم بالفعل من الجامعات السورية التي ابتعثتهم للخارج لدراسة الدكتوراه، وتم إنهاء إيفاد الكثير منهم ومطالبتهم بالعودة».

وبينما يقول إن «بعض الطلاب حصلوا على لجوء سياسي في بريطانيا، مما يخول لهم العمل لمدة 20 ساعة أسبوعيا.. لكن عائدها لا يكفي بالطبع لسداد رسوم الجامعات (التي تتراوح ما بين نحو 11 إلى 21 ألف جنيه إسترليني)، لكن بالكاد يكفي مصاريف الإعاشة اليومية»، يضيف أن جامعة «مانشستر» قدمت مساعدات لكل طالب سوري في صورة مبلغ يقدر بنحو 2000 جنيه إسترليني: «على أن يتم إعادة المبلغ فور وصول الأموال للطلاب من الحكومة واستتباب الوضع الأمني في سوريا».

ولا يستثني إستانبولي الطلاب المؤيدين للنظام من الضرر، حيث يؤكد أنه «تم إيقاف منحهم حاليا».. موضحا أن قضية الطلاب السوريين في بريطانيا تم مناقشتها مع عدد من المسؤولين والنواب في البرلمان البريطاني، وأنهم في انتظار الوصول إلى حلول.

وبينما ينتظر إستانبولي ورفاقه حل أزمتهم.. فإن عوامل عدة تسببت في تفاقمها. ولعل أبرزها كان انهيار العملة السورية وإغلاق السفارة في لندن والعقوبات التي فرضت على البنوك السورية، وتوقف دفع منح الطلاب من وزارة التعليم السورية.

وفي محاولة لجذب الانتباه الدولي للقضية، وقع نحو 2800 شخص على عريضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» تتحدث في هذا الشأن.. بينما قالت متحدثة باسم وزارة المؤسسات البريطانية (التي تدير الجامعات) إن وزارة المالية «أصدرت التراخيص للبنوك السورية للسماح بالإفادة من الأرصدة المجمدة من قبل الاتحاد الأوروبي وتحويلها إلى حسابات خاصة للطلبة»، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن وزارتها «دعت الجامعات لاستخدام ميزانياتها لمساعدة هؤلاء الطلاب»، مشيرة إلى أن بعض الجامعات علقت مؤقتا مصاريفهم، كما تعمل الوزارة مع جهات أخرى كثيرة «لإيجاد وسيلة للسماح للطلبة بمتابعة دراستهم».

من جانبه، أكد وليد سفور، ممثل الائتلاف الوطني السوري في بريطانيا، أن وضع هؤلاء الطلاب حرج بالفعل، موضحا أن هناك اتصالات تجرى مع جهات كثيرة من بينها وزارة الخارجية البريطانية لحل مشكلة الطلاب.

وقال سفور لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض الجامعات كانت أكثر تفهما من غيرها، فأمهلت الطلاب على أمل أن يتغير الوضع في سوريا وتتبلور الأمور.. ولكن للأسف هناك جامعات قامت بتعليق عضوية الطلاب فيها»، موضحا أن «المشكلة كبيرة، لأن المبالغ التي نتكلم عنها - وتصل إلى ملايين الجنيهات - لا يمكن أن تؤمنها أي مؤسسة خيرية ولا أي جمعية»، وأضاف أن «مشكلة الطلاب السوريين لا تكمن فقط في بريطانيا، إنما هي موجودة بشكل مماثل في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية».

وحول سبب عدم التعامل مع أولئك الطلاب على غرار نظرائهم الليبيين خلال الثورة الليبية، قال سفور إن «المشكلة تختلف»، نظرا لأنه «كانت هناك أرصدة مجمدة في البنوك البريطانية تابعة للحكومة الليبية، فليبيا بلاد غنية بالنفط والطاقة».

وبينما لم ترد مسؤولة المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية البريطانية التعليق على الموضوع، مكتفية بأنه تم بالفعل منح اللجوء السياسي لبعض الطلاب السوريين، قائلة إنه «لا يسمح بمناقشة وضع الطلاب، فهذه المسألة شخصية».. تؤكد بولا غولد، المسؤولة الإعلامية في جامعة ليدز، أنه لم يتم طرد أي من طلاب الجامعة السوريين، وعددهم 8. كما أوضحت جاكي براون، رئيسة المكتب الدولي في جامعة ليدز، لـ«الشرق الأوسط» أن «كل طالب في الجامعة - بما فيهم السوريون - إذا ما وجد نفسه في وضع مادي صعب ولم يكن باستطاعته دفع القسط الجامعي، يمكنه التقدم بطلب لدى مكتب الدعم المالي في الجامعة. وندعو أيا من طلابنا السوريين من هم لديهم مخاوف مالية للاتصال بمكتب المشورة المخصص للطلاب في الجامعة».