محكمة ثورية توقف ضابطا سوريا منشقا بتهمتي «تعذيب وقتل»

«القضاء الثوري الموحد» لديه مجلس شرعي ويحكم وفق الشرع الإسلامي

TT

في أول قرار من نوعه منذ بداية الأزمة السورية، أصدرت المحكمة العسكرية في مجلس القضاء الثوري الموحد في حلب مذكرة توقيف بحق ضابط في الجيش السوري الحر وعدد من عناصر كتيبته بتهمة القتل العمد للناشط محمد خالد أبو العبد.

وذكرت مواقع الثورة السورية على الإنترنت أن الضابط أحمد شما، قائد كتيبة «الشهيد نمر» في ريف حلب، متهم بتوقيف الناشط أبو العبد بتهمة «تعامله مع الأمن واستغلاله للإغاثة لأغراض دنيئة»، قبل موت الناشط تحت التعذيب، مشيرة إلى أن الضابط شما «استند لشهادات مزورة من معارفه لتبرير اعتقاله».

وتوفي الناشط الميداني من شدة التعذيب، إلا أن شما وبالتعاون مع طبيب مقرب منه يدعى أيمن الحمصي، تمكن من تشخيص سبب الوفاة بـ«نوبة قلبية» حيث قال إن خالد أصيب بها لدى مواجهته بأدلة تثبت تورطه. وصدرت مذكرة توقيف بحق كل من أحمد شما مع عدد آخر من الأشخاص المتعاونين معه في كتيبته بجرم «اعتقال وتعذيب أبو العبد لأسباب شخصية»، فضلا عن «حجز حرية مع إنزال تعذيب جسدي أفضى لموت إنسان». كما تم توجيه تهمة «إخفاء جرم التعذيب الجسدي الذي أفضى لموت إنسان» للدكتور أيمن الحمصي، ومحاكمته أمام محكمة الجنايات العسكرية لدى مجلس القضاء الموحد في حلب.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن مجلس القضاء الثوري الموحد في حلب الذي صدرت عنه مذكرة التوقيف «يضم محامين ومجلسا شرعيا ويتبع القانون الشرعي الإسلامي في المحاكمات»، أما هذه القضية «فيعود تاريخها إلى نحو شهرين».

في هذا الوقت، أعلن الجيش السوري الحر «رفع الغطاء عن كل المخلين، وعن أي مرتكب تجاوزات بحق المدنيين أو الناشطين، سواء أكان من الجيش السوري الحر أو غيره». وقال المنسق السياسي والإعلامي للجيش السوري الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» «إننا لا نغطي أي شخص من المخلين بالقانون، ونتشدد على عناصر وقيادات الجيش الحر قبل سواهم لأن البندقية لها وجهتها»، مشددا على «أننا نرفض أن تتحول البندقية لحماية التجاوزات».

وشرح المقداد تفاصيل هذه التهمة، مشيرا إلى «أننا أجرينا اتصالاتنا مع مجموعة الضابط شما التي أكدت لنا أن الناشط أبو العبد جرى توقيفه على خلفية فساد وابتزاز للناس»، مشيرا إلى أن المجموعة التي أوقفته «أكدت أنها تمتلك إثباتات وقرائن ووثائق على تورطه، ما برر اعتقاله».

وعن أسباب وفاته التي «أثبت تقرير الطبيب الشرعي أنه توفي نتيجة أزمة قلبية»، فيما وجهت المحكمة تهمة للطبيب الشرعي أيمن الحمصي، قال المقداد: «قررنا التوسع بالتحقيق الداخلي في القضية، وخلال أيام سيتم تقديم تقرير كامل بالملف»، مشيرا إلى «أننا مستعدون لإعادة المحاكمة وتشريح الجثة لمعرفة أسباب الوفاة على يد اختصاصيين بالطب الشرعي ومحايدين»، مشددا على «أننا لن نغطي المرتكبين والمخلين، وإذا ثبت تورطهم بتعذيب الناشط حتى الموت، فأننا ندعم قرارات المحكمة مهما كانت».

ويعد مجلس القضاء الموحد بحلب: «الهيئة القضائية الأولى في محافظة حلب التي تؤسس في الداخل، غايتها بناء جهاز قضائي في المناطق المحررة من المحافظة». ويعرف المجلس عن نفسه بأنه «مجلس مستقل مؤقت غايته تحقيق العدالة بين الناس وصون دمائهم وأعراضهم وأموالهم وتوحيد المرجعية القضائية في محافظة حلب وفق أحكام الشريعة الإسلامية».

لكن هذه الجهة ليست الجهة القضائية الثورية الوحيدة في المناطق المحررة، إذ سبقها تشكيل «مجلس القضاء السوري الحر». ويختلف هذا المجلس عن «مجلس القضاء الموحد بحلب» بأنه يتبع القانون السوري المعمول به في أصول المحاكمات، كما أنه يضم قضاة ومحلفين منشقين عن النظام السوري في صفوفه.

وقال رئيس مجلس القضاء السوري الحر القاضي طلال حوشان لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس بدأ بعقد جلسات محاكمة في محكمة حارم بعد خروج النظام منها، لافتا إلى أنه «خلال أيام ستبدأ جلسات محاكمة في محاكم تخاريم، تفتناز وسبقين».

وأشار حوشان إلى أن المجلس «اعتقل حتى الآن 75 شخصا بتهم جنائية وتشكيل عصابات مسلحة بغرض السلب، والقتل عمدا، وأطلق سراح 32 شخصا منهم بعد عدم ثبوت الأدلة عليهم».

وأكد حوشان: «أننا نطبق القوانين المرعية الإجراء والنافذة في سوريا حاليا، إلى حين سقوط النظام حيث تجري الحكومة الانتقالية انتخابات نيابية يتمخض عنها مجلس شعب منتخب من الشعب ويمتلك صلاحيات تعديل القوانين»، لافتا إلى «أننا شكلنا لجان توثيق للجرائم، ونحاكم المخلين سواء أكانوا ثوارا أم من أتباع النظام».