الرئاسة المصرية بعد استقبالها ماكين: تصريحات مرسي المنتقدة لإسرائيل «أذيعت مجتزأة»

رئيس «العلاقات الخارجية» في مجلس الشيوخ الأميركي أجرى مشاورات مع البرادعي وموسى

الرئيس المصري محمد مرسي خلال استقباله السيناتور جون ماكين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي (إ.ب.أ)
TT

فيما بدا تغيرا في الخطاب السياسي الأميركي المتجاوب بحماس لصعود الإسلاميين إلى الحكم في مصر، قال السيناتور جون ماكين رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي خلال زيارته للقاهرة أمس، إنه جاء والوفد المرافق له برسالة واحدة مفادها أن الثورة المصرية تعطي فرصة للولايات المتحدة لصياغة علاقتها بمصر لتصبح علاقة استراتيجية بين الشعبين وحكومتيهما المنتخبتين، وليست علاقة بشخص أو حزب واحد.

وقال الدكتور ياسر علي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس محمد مرسي أوضح في لقائه بوفد الكونغرس أن التصريحات المنسوبة إليه حول «الصهيونية» في عام 2010، والتي أثارت انتقادات في الولايات المتحدة لدى ظهورها قبل يومين، «أذيعت مجتزأة من سياق تعليقه على العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة»، وشدد على «ضرورة وضع التصريحات في السياق الذي قيلت فيه»، مشيرا إلى أن تصريحات مرسي التي شن فيها هجوما على إسرائيل تم اجتزاؤها وخرجت عن سياقها، قائلا إنها كانت تعليقا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في 2010.

وترجم ماكين رسالته بلقاء الرئيس مرسي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور هشام قنديل، ووزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بالإضافة لعدد من قيادات المعارضة في البلاد.

وقال سياسيون ومراقبون إن الولايات المتحدة الأميركية تسعى مع غيرها من الدول الأوروبية إلى التعرف على خريطة القوى السياسية من جديد، بعد أن سادت حالة من الاستقطاب الحاد في البلاد خلال الشهور الماضية، بدت فيها المعارضة ذات ثقل جماهيري يعتد به.

وقال ماكين خلال مؤتمر صحافي عقده أمس: «إن شراكتنا مع القاهرة تتضمن الاستمرار في المساعدة والاستثمار وبناء الدعم لمصر، وإن كل هذا يعتمد على تقدم الديمقراطية في مصر وليس مجرد نتائج الانتخابات، ولكن ببناء نظام سياسي شامل يحترم القوانين وحقوق كل المواطنين المصريين، وبما يدفع للأمام ويوحد الأمة».

وأضاف ماكين أن المناقشات مع المسؤولين المصريين تناولت بحث الانتخابات البرلمانية المقبلة، وكيف يجب أن تكون متوافقة مع المعايير العالمية ووجود مراقبين دوليين، قائلا: «على المصريين أن يقرروا ذلك، خاصة من خلال صياغة قانون الانتخابات الذي يتم الآن»، مشيرا إلى أنه جرت مناقشة الدستور وبعض المخاوف لدى واشنطن، كالتسامح الديني وحقوق المرأة والعدالة بالنسبة للمواطنين، موضحا أن أي تعديل في الدستور متروك للمصريين.

ولفت ماكين إلى تطرقه مع الجانب المصري إلى مناقشة محاكمة أعضاء المنظمات غير الحكومية، سواء كانوا مصريين أو أجانب، قائلا: «نحن لا نعتبر ذلك جريمة ونأمل حلا للمشكلة بسرعة وبطريقة مرضية».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت العام الماضي نشطاء أميركيين ومصريين وغربيين إلى المحاكمة بتهمة تمويل اعتبرته غير مشروع لمنظمات المجتمع المدني في القاهرة.

واستقبل الرئيس مرسي بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، السيناتور ماكين والوفد المرافق له، حيث تناول اللقاء تطورات الأوضاع في المنطقة والجهود التي تبذلها مصر لتحقيق المصالحة بين الفلسطينيين، وسبل وقف نزف الدم في سوريا، والجهود التي تبذلها مصر في مرحلة التحول الديمقراطي وسبل دعم الولايات المتحدة لها وللاقتصاد المصري.

وفي أجواء من التكتم، التقى السيناتور ماكين أيضا كلا من الدكتور محمد البرادعي زعيم حزب الدستور، وعمرو موسى زعيم حزب المؤتمر، فيما اعتبر تعديلا في أجندة لقاءات المسؤول الأميركي البارز بقوى المعارضة في البلاد.

وجدد لقاء ماكين بقوى المعارضة المناوئة للرئيس مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، التساؤلات حول اللقاءات المتكررة لمسؤولين غربيين بالمعارضة خلال الأسابيع الماضية.

وكان من المقرر أن يلتقي ماكين وفدا يضم قيادات بجبهة الإنقاذ الوطني، وهو تحالف واسع للقوى المدنية، يتزعمه البرادعي وموسى، بالإضافة إلى حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي، لكن خلافا لبرنامجه المعلن التقى ماكين وفد جبهة الإنقاذ، وأجرى عقب اللقاء مشاورات منفصلة ومغلقة مع البرادعي وموسى، كل على حدة، بأحد الفنادق الكبرى على النيل بوسط القاهرة، حيث مقر إقامته، في أجواء من السرية وبعيدا عن الإعلام. وبينما لم تصدر عن مكتب البرادعي أي تصريحات تتناول تفاصيل لقائه مع ماكين، أعلن مكتب موسى أنه التقى السيناتور الأميركي والوفد المرافق له بحضور عدد من الدبلوماسيين المصريين والشخصيات العامة.

وبحسب بيان موسى ركز الحوار حول سعي الإدارة الأميركية والكونغرس للتواصل ومعرفة وجهتي نظر النظام والمعارضة في مصر، لتكوين صورة لدى الإدارة الأميركية بخصوص الكثير من القضايا الحيوية التي تهم البلدين.

وقال البيان إن موسى رد على ما أثاره الوفد الأميركي حول حجب بعض مخصصات المعونة الأميركية عن مصر بقوله إن «هذه الأموال موجهة للشعب المصري، ولا يصح أبدا منحها لاتفاق مع النظام وحجبها لخلاف معه»، مشددا على أن وجود أسس اقتصادية للمنح والقروض أمر يمكن التفاوض بشأنه، ولكنه لا يمكن أبدا أن يرهن باشتراطات سياسية.

من جانبه، قال نائب رئيس حزب الوفد، القيادي بجبهة الإنقاذ منير فخري عبد النور، عقب مشاركته في لقاء ماكين إن قيادات الجبهة نقلوا للمسؤول الأميركي رؤيتهم حول الوضع السياسي الراهن في مصر، وصعوبة وجود توافق بين القوى المدنية المعارضة وتوجهات جماعة الإخوان المسلمين بسبب ما وصفه بـ«تعارض بعض أفكار (الإخوان) مع طبيعة الشعب المصري».

وأوضح عبد النور وهو وزير سابق لـ«الشرق الأوسط» أن وفد الجبهة أكد على ضرورة السعي لهذا التوافق رغم كل شيء، وقال: «بدا واضحا أن الوفد الأميركي يحاول إعادة قراءة الخريطة السياسية في البلاد، مع بروز دور المعارضة المدنية الذي يؤكد وجود بديل آخر لحكم (الإخوان) أو تيار الإسلام السياسي»، مضيفا أن ماكين أكد على ضرورة أن تتحول مصر إلى بلد ديمقراطي، وأن تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة بنزاهة وشفافية.