الهلباوي لـ «الشرق الأوسط»: مرسي حاول استعادة دور الجماعة الدعوي لكن السياسة غلبته

قيادات إخوانية سابقة تؤسس جمعية دعوية من أهدافها تحويل المقاهي لمراكز ثقافية

الشيخ كمال الهلباوي
TT

حرك الإعلان عن تأسيس قيادات إخوانية سابقة جمعية دعوية جديدة، المياه الراكدة في العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة في مصر، وأقطابها الذين انشقوا عنها على مدار العامين الماضيين. ويرى مراقبون أن تعليقات قيادات «الإخوان» بشأن الجمعية الجديدة تعكس قلقا ناتجا عن التحديات المتنامية التي تواجهها جماعة مارست العمل في الظل على مدار العقود الثمانية التي تشكل عمرها.

الدكتور كمال الهلباوي، أحد القيادات التاريخية لـ«الإخوان» الذي استقال من الجماعة اعتراضا على ممارساتها السياسية عقب الثورة، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن كان هذا صحيحا فهو يعبر عن ضيق أفق»، لكن الرجل الذي كان يلمس هذا القلق أضاف: «تصريحاتهم العصبية ليست بأمر جديد، إنهم لم يتعلموا من تاريخ حسن البنا (مؤسس الجماعة في عام 1928)»، وتابع: «حين انشقت مجموعة من (الإخوان) في الأربعينات وشكلت (جمعية شباب محمد) كان أول من دفع اشتراكها البنا نفسه».

ورغم تاريخ جماعة الإخوان الذي حفل بالانقسامات منذ نشأتها في مدينة الإسماعيلية (شرق البلاد نهاية عشرينات القرن الماضي)، شهد العامان الماضيان خروج قيادات بارزة على رأسها نائب المرشد السابق الدكتور محمد حبيب، والمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح العضو السابق في مكتب الإرشاد، والهلباوي الذي ظل خلال السنوات الماضية المتحدث الرسمي باسم «الإخوان» في الغرب، بالإضافة إلى مجموعة من أبرز شباب الجماعة الذين شاركوا في التنسيق لمظاهرات 25 يناير (كانون الثاني) التي أشعلت فتيل الثورة.

ويعتقد الهلباوي أن الجمعية الجديدة، التي لا يزال مؤسسوها يفاضلون بين الاسم الأنسب لها (الإحياء والتجديد، البناء والتنمية، إلخ) ستلعب دورا بارزا في واقع بلاده لأنها تسد ما اعتبره «ثغرة بسبب تراجع الجمعيات الدعوية عن وظيفتها الأساسية»، وعلى رأسها جماعة الإخوان. ويقول الهلباوي، (74 عاما)، إن «(الإخوان) انشغلوا بالسياسة عن الدعوة.. حتى حين حاول (محمد) مرسي (الرئيس المصري المنتمي لـ«الإخوان») القيام بدور دعوي عبر خطبه في المساجد عقب صلاة الجمعة غلبته السياسة أيضا». واجتذبت الجمعية الجديدة قيادات جيل السبعينات الذين انشقوا عن الجماعة قبل الثورة من أمثال القيادي مختار نوح، كما اجتذبت عددا من شباب «الإخوان» الذين تركوا الجماعة عقب الثورة.

وبينما يرى مراقبون وباحثون في مجال الإسلام السياسي أن جماعة الإخوان ابتعدت خلال العقدين الماضيين عما يصفونه بـ«وسطيتها» في فهم الدين الإسلامي، كان أبرز ما ميز الانشقاقات الأخيرة داخل الجماعة خروج قيادات أكثر ميلا للإصلاح والوسطية وانفتاحا على التيارات السياسية الأخرى، الأمر الذي أكده الهلباوي قائلا: «نعم، هناك قدر من روح التسلف (الميل إلى الفهم السلفي) لدى بعض قيادات مكتب الإرشاد». وحرص الهلباوي على تأكيد عدم تقاطع أهداف الجمعية الجديدة التي يؤسسها من سماهم «الإسلاميين الوسطيين»، بجماعة الإخوان، وتابع: «قد نستفيد من بعض الأفكار أو الممارسات كجزء من منهج التربية»، مشيرا إلى أنه «لا نية لدينا للعمل السياسي أو الاشتغال في السياسة.. لكن، كل عضو حر في أن ينتمي سياسيا لأي حزب يشاء».

وأوضح الهلباوي: «لا نسعى لتأسيس تنظيم حديدي وإنما إطار يستوعب الناس جميعا لتحقيق الأهداف الرئيسية الثلاثة التي نسعى إليها وهي الدعوة والتربية والتنمية، فيمكن لأي حزب أن يستعين بنا في تربية كوادره تربية سياسية.. كما يمكن للمسيحيين أن ينضموا إلينا في مجالي التربية والتنمية».

ومن أبرز المشاريع التي تسعى الجمعية الجديدة للعمل على تحقيقها، بحسب الهلباوي، تحويل المقاهي إلى مراكز ثقافية فاعلة لها دور دعوي وثقافي وتعمل على تحفيز المشاركة السياسية.

وحول الطبيعة القانونية للتنظيم الجديد، خاصة في ما يتعلق بشق التمويل، قال الهلباوي: «نحرص على سلامة موقفنا القانوني، وسيكون كل شيء وفق القانون الحالي». وبرزت الانتقادات التي تواجه جماعة الإخوان في ما يتعلق بعدم رقابة الدولة على مصادر تمويلها، وتنظر محكمة مصرية حاليا دعوى أقامتها نائبة في البرلمان السابق بشأن تقنين وضع الجماعة وإخضاعها لقانون تنظيم الجمعيات.