أحزاب مصرية وسطية تبحث عن تحالف انتخابي بعيدا عن الاستقطاب الآيديولوجي

تركز نشاطها بعيدا عن «الإخوان» والسلفيين وجبهة الإنقاذ المعارضة

TT

تسعى بعض الأحزاب المصرية، ذات التوجه الوسطي، للدخول في تحالفات انتخابية جديدة، تقول إنها بعيدة عن التصنيف أو الاستقطاب الآيديولوجي الذي تقوم عليه أحزاب إسلامية على رأسها حزب الحرية والعدالة (الإخوان المسلمين)، أو أحزاب ليبرالية معارضة، ممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني، بقيادة الدكتور محمد البرادعي، وذلك استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة.

ويقول قياديون محسوبون على هذا التيار الوسطي، التي تنتمي إليه عدة أحزاب منها (مصر القوية، والوسط، والتيار المصري، وحزب مصر)، إن هدفهم هو وضع برنامج وطني مشترك تجتمع عليه الأمة المصرية يقوم على تحقيق العدالة الاجتماعية بعيدا عن الصراعات السياسية القائمة بين التيار الديني بشقيه (الإخوان والسلفيين) والقوى الليبرالية المناوئة لهم.

ويعتزم الرئيس محمد مرسي في نهاية شهر فبراير (شباط) المقبل، دعوة اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات للبدء في إجراءات انتخاب مجلس نواب جديد، وفقا للجدول الزمني الذي حدده الدستور الجديد. ومن المتوقع أن تجري هذه الانتخابات خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل.

وعقد أول من أمس اجتماع بمقر حزب الوسط لمجموعة من القوى السياسية والشخصيات العامة لبحث تشكيل تحالف انتخابي وسطى، شمل عدة أحزاب منها (غد الثورة، والحضارة، والتيار المصري). وقال المهندس أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط، خلال الاجتماع، إنه يسعى لتشكيل تحالف يتجاوز به أي استقطاب في المجتمع المصري، بحيث يضم قوى سياسية من آيديولوجيات مختلفة استعدادا للانتخابات البرلمانية، خصوصا في ظل برلمان سيكون له دور كبير، وفقا للاختصاصات التي كفلها الدستور الجديد. إلا أن إسلام لطفي، وكيل مؤسسي حزب التيار المصري، أكد أن الاجتماع كان تشاوريا بالدرجة الأولى وليس إعلانا نهائيا عن التحالف، موضحا أنه لن تتضح رؤية التحالفات كاملة إلا بغلق باب الترشح للانتخابات، وأكد أن حزب التيار المصري يسعى للجلوس والتشاور مع مختلف القوى السياسية، إلا أنه لم يقرر الدخول في أي تحالف انتخابي أو سياسي بعد.

وقال لطفي في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إنه تم الاتفاق على تشكيل لجنتين واحدة لبحث التواصل مع قوى سياسية أخرى ذات اتجاهات مختلفة، وأخرى تبحث نوعية القضايا التي يمكن الاتفاق عليها، مشيرا إلى أنهم يهدفون لجذب أعضاء آخرين خارج التيار الإسلامي، وإيجاد برنامج مشترك من القضايا التي تهم الناس مثل العدالة الاجتماعية.

وشدد لطفي على أن حزبه يرفض فكرة الاستقطاب، كما يعمل على محاربة كل المنتمين إلى النظام السابق الذين يطلق عليهم لقب «الفلول»، ولذلك فهو متحفظ على الانضمام لجبهة الإنقاذ الوطني، مضيفا أنه «لا يمكن التحاف مع جماعة الإخوان المسلمين التي تعد طرفا أصيلا في الاستقطاب من أول لحظة وبشكل متواصل، وهي الآن سلطة حاكمة ونحن نطرح أنفسنا كمعارضة رشيدة، وليس ضمن ائتلاف حاكم نختلف معه في توجهاته الاقتصادية والسياسية».

وفي السياق نفسه، أكد حزب مصر القوية، الذي يرأسه المرشح الرئاسي السابق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، أنه لم يتفق على أي تحالف انتخابي حتى الآن، وأنه لم يصل لمرحلة مفاوضات كاملة حول شكل ذلك التحالف، وأشار الحزب إلى أنه التقي برؤساء أحزاب وبشخصيات عامة وتناقشوا حول إمكانية التعاون في الانتخابات المقبلة، وأن الحزب اشترط في أي تحالف انتخابي ألا يكون فيه شخصيات محسوبة على النظام السابق أو على المجلس العسكري، أو أن يكون التحالف تحت اسم «ضد إسلامي أو ضد مدني».

وقالت مصادر بالحزب لـ«الشرق الأوسط»، إن الأقرب إلى التحالف الذي سيشكله الحزب سيكون حزب مصر الذي أسسه الداعية الإسلامي الشهير عمرو خالد، ويضم مفكرين وطنيين، حيث يوجد تناغم كبير في مواقفهما، خاصة بعد رفضهما الانضمام إلى جبهة الإنقاذ الوطني.

وتضم جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة أحزابا مثل (الدستور، التيار الشعبي، التجمع، الوفد، المؤتمر، المصري الديمقراطي الاجتماعي، التحالف الشعبي الاشتراكي)، وترفض بعض القوى الثورية الانضمام إليها بسبب وجود بعض الشخصيات بها محسوبة على النظام السابق.

لكن الدكتور محمد أبو الغار، القيادي بـالجبهة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الجبهة تعتزم النزول بقائمة موحدة خلال الانتخابات البرلمانية القادمة، وإنها ترفض أن تستغني عن أي من أعضائها بدعوى أنهم فلول، مضيفا أن من يقال عليهم فلول في الجبهة فئتان فقط هما: حزب المؤتمر برئاسة عمرو موسى، وحزب الوفد برئاسة السيد البدوي، وفي الحقيقة فإن عمرو موسى لم يكن طوال تاريخه «فلولا» ولم يكن أبدا عضوا بالحزب الوطني المنحل والحاكم سابقا، كما لم يثبت عليه موقف سلبي أو شبهة فساد، أما «الوفد» فهو حزب عريق في الحياة السياسية منذ عام 1919 ويشكل ضلعا رئيسيا في المعارضة.

وفي المقابل، تسعى بعض القوى الإسلامية إلى تشكيل تحالف موحد يجمعها، ووفقا للمراقبين فإن الأحزاب الإسلامية الرئيسية ستنضوي خلال الانتخابات في إطار قائمتين رئيسيتين إحداهما بقيادة حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وأخرى لأحزاب سلفية منها «الوطن» بقيادة الدكتور عماد عبد الغفور المنشق عن حزب لنور، وحركة «حازمون» التي يتزعمها المرشح المستبعد في الانتخابات الرئاسية حازم صلاح أبو إسماعيل تحت اسم «وطن حر».

من جهتها، أطلقت «الحركة الشعبية لاستقلال الأزهر» مبادرة تحت اسم «وإنك لعلى خلق عظيم»، دعت فيها كل القوى السياسية المختلفة للبعد عن التناحر والاستقطاب والبدء في الاتفاق على مشروع وطني موحد، وذلك في ذكرى ميلاد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، والتي توافق يوم الخميس المقبل.