الجزائر: هجوم على منشأة نفطية واحتجاز 20غربيا ضمنهم 7 أميركيين.. ومقتل بريطانيين

مسؤول في «الموقعون بالدماء» يؤكد لـ «الشرق الأوسط» تبنيها العملية انتقاما من فتح الأجواء أمام الطيران الفرنسيط

صورة لمنشأة الغاز في منطقة عين أمناس جنوب شرقي الجزائر (رويترز)
TT

ألقى التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي أمس بظلاله على الوضع في الجزائر، إذ دخلت المنطقة حرب الرهائن بعدما احتجزت مجموعة مسلحة تنتمي لتنظيم القاعدة 20 غربيا، بينهم 7 أميركيين، رهائن في منشأة غاز جنوب شرقي الجزائر، إلى جانب مقتل بريطانيين وجرح ستة أشخاص، وذلك انتقاما من فتح الجزائر أجواءها أمام الطيران الفرنسي لقصف شمال مالي.

وقالت وزارة الداخلية الجزائرية أمس، إن مجموعة إرهابية «مدججة بالسلاح» هاجمت فجر أمس منشأة نفطية بأقصى جنوب البلاد.

وأسفر تبادل إطلاق نار بين المعتدين وحراس المنشأة، عن مقتل بريطانيين وجرح ستة أشخاص. وتبنت مجموعة تطلق على نفسها «كتيبة الموقعون بالدماء»، العملية التي وقعت بالقرب من الحدود الليبية. وفي سياق ذلك، قال الحسن ولد خليل المسؤول الإعلامي لكتيبة «الموقعون بالدماء» لـ«الشرق الأوسط»، إن فدائيين تابعين للكتيبة قاموا بعملية الجزائر.

وأضاف المسؤول الإعلامي الملقب «جليبيب»، الذي سبق لمراسل «الشرق الأوسط» أن التقاه عدة مرات في وقت سابق في تمبوكتو وغاو، أنهم يحتجزون 41 غربيا ما بين المنشأة النفطية ومقر سكن العمال فيها. وذكر أن الجيش الجزائري قام بمحاولة لتحرير المحتجزين فقصفه الفدائيون بالمدفعية، مما أجبر الجيش على التراجع. وأضاف جليبيب أن العملية جاءت انتقاما من الجزائر لفتحها مجالها الجوي أمام الطائرات الفرنسية. مشددا على القول إن هذه العملية هي مجرد بداية، وتوعد بعمليات أخرى قريبا.

وذكرت وزارة الداخلية الجزائرية، في بيان أن الإرهابيين حضروا إلى المنشأة داخل ثلاث سيارات، وأن الاعتداء وقع في حدود الرابعة صباحا بالتوقيت العالمي.

وأضاف البيان أن المنشأة، وهي حقل نفطي، تتبع لشركة المحروقات «سوناطراك» المملوكة للدولة، وتقع في منطقة تسمى «تيقنتورين» بالمنطقة الصحراوية الكبيرة عين أمناس، التي تبعد عن الحدود الليبية بنحو 100 كلم، وعن العاصمة الجزائرية بـ1600 كلم.

وقال البيان إن «الاعتداء استهدف أولا حافلة عند خروجها من هذه المنشأة، وهي تقل أجانب نحو مطار عين أمناس»، مشيرا إلى مقتل مواطنين بريطانيين، خلال الاعتداء، وجرح ستة أشخاص من بينهم فنيون أجانب ودركي وعون أمن جزائريون. وأضاف البيان: «لقد وصل ركاب الحافلة بمن فيهم الجرحى إلى عين أمناس، وتم التكفل بهم من طرف السلطات المحلية».

وأفاد البيان أن «الجماعة الإرهابية توجهت بعد هذه المحاولة الفاشلة، إلى المنشأة النفطية فهاجمت جزءا منها، واحتجزت عددا غير محدد من العمال، من بينهم أجانب». وتابع البيان أن «قوات الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن، وصلت إلى عين المكان واتخذت على جناح السرعة كافة الإجراءات قصد تأمين المنطقة، وإيجاد حل سريع لهذا الوضع الذي يبقى محل متابعة عن قرب من طرف سلطات البلاد». وذكرت مصادر من ورقلة بالصحراء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجيش الجزائري حاصر الحقل النفطي وبداخله المسلحون والرهائن الذين ينتمي بعضهم لشركة النفط البريطانية «بريتش بيتروليوم»، وبعضهم الآخر لشركة نفط نرويجية.

وقالت المصادر إن عدد المسلحين المعتدين يفوق الـ20. ونقلت عن ضابط عسكري جزائري قوله إن الجيش «لن يتركهم يفلتون». وأفادت مصادر أخرى أن الإرهابيين اشترطوا فدية مقابل الإفراج عن المحتجزين الذين يفوق عددهم الـ30.

وأطلقت الجماعة المسلحة على العملية اسم «غزوة عبد الرحيم الموريتاني»، وهو موريتاني يدعى الطيب ولد سيدي عالي، توفي قبل بدء الأحداث الحالية خلال حادث سير. يشار إلى أن «الموقعون بالدماء» أنشأت قبل شهرين، على يدي الجهادي الجزائري المعروف، مختار بن مختار الملقب «خالد أبو العباس»، ويتحدر من منطقة غرداية بالصحراء الجزائرية. وقال حينها إنه يستهدف مصالح الدول الغربية التي تؤيد الحرب في مالي، بواسطة هذا التنظيم.

وبن مختار من قدامى حرب أفغانستان، حاولت الحكومة الجزائرية استمالته إلى «مشروع المصالحة» دون جدوى.

إلى ذلك، التزمت باريس حتى مساء أمس الحذر إزاء العملية. وجاء رد الفعل الفرنسي الأول من خلال إعادة تشغيل خلية الأزمات في وزارة الخارجية التي تفادت الإدلاء بأي تصريح حول العملية وتحديدا بشأن وجود مواطنين فرنسيين بين الرهائن. وجاء التعليق الرسمي الأول من الرئيس فرنسوا هولاند شخصيا، الذي أعلن على هامش استقباله أعضاء مجلسي النواب والشيوخ بمناسبة العام الجديد في قصر الإليزيه أن «عملية احتجاز رهائن لأشخاص، لا نعرف بعد عددهم، حصلت في موقع نفطي في الجزائر ونحن لم نتأكد (حتى الآن) من هذه المعلومات، وكذلك بخصوص مواطنين فرنسيين قد يكونون معنيين» (بهذه العملية)، مضيفا: أنه على اتصال دائم مع السلطات الجزائرية «التي تقوم وستقوم بواجبها إزاء الرهائن».

ومن جانبها، قالت السفارة الفرنسية في الجزائر إنها «غير قادرة» على تأكيد الأخبار الخاصة بالرهائن ولا بخصوص وجود فرنسيين بينهم. والتزمت وزارة الخارجية الخط نفسه، إذ قالت إن الصورة «لم تتضح بعد جراء غياب المعلومات المؤكدة». ويفسر الموقف الفرنسي بالرغبة في تحاشي كل ما من شأنه أن يعقد وضع الرهائن.

وقال ماتيو ديدير، الخبير في الحركات الإرهابية، إنه يعتبر أن القاعدة والحركات الأخرى «حضروا سابقا لعملياتهم من أجل الرد على العملية العسكرية الفرنسية»، وأنه «لا يستبعد عمليات أخرى وفي أماكن أخرى». ويتخوف خبراء أمنيون من «طريقة معالجة وتعاطي السلطات الجزائرية» مع هذه العملية التي ترفض عادة التفاوض مع الإرهابيين وتلجأ إلى القوة لوضع حد لمثل هذه العمليات.