الكيب لـ «الشرق الأوسط»: لم نبرم أي صفقة مالية مع نواكشوط لتسلم السنوسي

محامي رئيس المخابرات الليبية السابق: طرابلس دفعت 200 مليون دولار لمنع تحويل موكلي إلى المحكمة الجنائية الدولية

TT

عاد ملف تسليم عبد الله السنوسي، رئيس المخابرات الليبية الأسبق، وصهر العقيد الراحل معمر القذافي، بقوة إلى واجهة الأحداث في موريتانيا وليبيا، وذلك حين تحدث محامي رئيس المخابرات الليبي السابق عن منح السلطات الليبية مبلغ 200 مليون دولار لنظيرتها الموريتانية مقابل تسليم السنوسي، وتجاهل مذكرة دولية صدرت في حقه.

ونفى الدكتور عبد الرحيم الكيب، رئيس الحكومة الانتقالية السابق في ليبيا، أن تكون بلاده قد أبرمت خلال توليه منصبه أي صفقة مالية أو سياسية على الإطلاق مقابل تسليمها السنوسي.

وقال الكيب لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أمس في تصريحات خاصة: «لم يكن هناك أي نوع من الصفقات مطلقا، بالعكس عندما أوفدت نائبي الأول الدكتور مصطفى أبو شاقور إلى نواكشوط حصلنا على وعد قاطع بأن السنوسي لن يسلم إلا إلى ليبيا باعتباره مواطنا ليبيا».

وأضاف الكيب: «أنا أعلن عبر صحيفة (الشرق الأوسط) أن من لديه أدلة أو مستندات مزعومة عن إبرامنا أي صفقة في هذا الإطار مع الإخوة في موريتانيا فليتفضل بنشرها، ولكن لا توجد وثائق لأنه أساسا لا توجد أي صفقة من أي نوع».

وكان الكيب يرد بهذه التصريحات على وثائق للحكومة الليبية قال محامي السنوسي أمس إنها تثبت أن ليبيا أجازت دفع نحو 200 مليون دولار تقريبا لموريتانيا بعد أشهر من تسليمها السنوسي ليحاكم في ليبيا في تجاهل لمذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه.

وقال محامي السنوسي لوكالة «رويترز» إنه يعتقد أن مبلغ الـ200 مليون دولار، الذي يعادل نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لموريتانيا، دفع لضمان إعادة السنوسي إلى ليبيا بعد فراره إلى موريتانيا العام الماضي.

وزعمت الوكالة أنها اطلعت على ما وصفته بوثائق للحكومة الليبية تؤكد أن المبلغ دفع، لكن رئيس الحكومة الليبية السابق نفى لـ«الشرق الأوسط» الأمر برمته، وقال: «هذا ليس صحيحا».

وأوضح الكيب أنه جرى خلط بين أمرين، بين قضية تسليم موريتانيا السنوسي إلى ليبيا، والعلاقات الاقتصادية بين الطرفين، لافتا إلى أن ليبيا تعتبر أن علاقتها مع مصر ودول المغرب العربي علاقات استراتيجية يجب أن تقوم على التعاون والتكامل الاقتصادي والتجاري المفيد لشعوب المنطقة.

وتابع الكيب قائلا: «أنا أستغل الفرصة لكي أحيي الإخوة المسؤولين في موريتانيا، هذه الدولة العزيزة الشقيقة، على استجابتهم لطلبنا بشأن تسلم السنوسي..كان هذا موقفهم المبدئي منذ اللحظة الأولى».

وكشف الكيب النقاب للمرة الأولى عن أن حكومته تلقت طلبا من الحكومة الموريتانية لتقديم مساعدات لها في الجانب العسكري، لكنه رفض الإفصاح عن فحواها. وقال: «هذه مساعدات تحتمها علاقات التاريخ والجغرافيا، وموريتانيا بلد عربي شقيق يجب أن نمد إليه يد العون والمساعدة في كل الأوقات»، مؤكدا أن الشعب الليبي يقدر لموريتانيا رئيسا وحكومة وشعبا موقفهم بشأن تسليم السنوسي. وأضاف قائلا: «علاقاتنا كانت قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون الصادق، وتسلمنا السنوسي من دون أي مقابل».

ومن جهته نفى حسن زقلم، وزير المالية في حكومة الكيب، لـ«الشرق الأوسط» أن تكون بلاده قد دفعت أي أموال مقابل تسلم السنوسي، وأضاف: «هذا مجرم قاتل في حق الشعب الليبي، وتم جلبه للمحاكمة والعدالة، كما سيحدث حتى مع بقية مسؤولي نظام الطاغية (القذافي) الهاربين إلى مصر أو أي مكان آخر».

وفي نواكشوط، قال يعقوب ولد أمين، النائب في البرلمان الموريتاني عن حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إن «تقرير صندوق النقد الدولي الصادر شهر ديسمبر (كانون الأول) 2012، أكدت فيه الحكومة الموريتانية حصولها على 200 مليون دولار هدية من الحكومة الليبية».

وأضاف النائب البرلماني أن الحكومة الموريتانية بررت الهدية بأنها «التزام بتعهدات سابقة للقذافي خلال طاولة عقدها الممولون في بروكسل سنة 2010 لصالح موريتانيا»، معتبرا أن «هذه الحجة مضحكة لأن تعهدات القذافي لموريتانيا كثيرة ولم يسبق أن التزم بها، فكيف يلتزم بها من خرجوا للثورة عليه وأطاحوا بنظامه؟»، وفق تعبيره.

وقال ولد أمين: «لقد طلبت من وزير المالية الموريتاني أن هذه المبالغ غير طاهرة لأنها أخذت مقابل بيع شخص، وبما أنها غير طاهرة يجب وضعها في تمويل مشروع الصرف الصحي لمدينة نواكشوط»، ولكن النائب البرلماني المعارض أشار إلى أن «الحكومة رفضت إدراج المبلغ في ميزانيتي 2012 و2013، وبالتالي فقد أصبحت مبالغ خارج القانون».

واعتبر الخليل ولد الطيب، النائب البرلماني عن حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، الحاكم في موريتانيا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عودة الحديث عن صفقة السنوسي إلى الواجهة تعني عودة من يروجون للشائعات ويلفقون الأكاذيب ضد النظام الحاكم في موريتانيا»، وذلك في إشارة إلى أحزاب المعارضة الموريتانية.

وأضاف ولد الطيب أن «من روجوا لشائعة وجود صفقة في تسليم السنوسي إلى حكومة بلاده هم أنفسهم من سبق أن روجوا لشائعات حول صحة الرئيس الموريتاني وأثبتت الأيام كذب ادعاءاتهم»، مؤكدا أنه لا يملك معلومات حول الموضوع ولكنه «واثق من أن النظام الموريتاني ليس من طبعه عقد الصفقات، وموقفه من الأزمة الليبية كان موقفا مشرفا وبعيد جدا عن الصفقات».