جدل على هامش أضخم معرض للأسلحة قبيل عرض خطة أوباما

دعوات متزايدة للتحقق من الخلفية الجنائية للمشترين وحظر البيع للمختلين عقليا وحراسة المدارس

حضور داخل «معرض الرماية والصيد» السنوي في لاس فيغاس أول من أمس (رويترز)
TT

كان عشرات الآلاف من محبي الأسلحة والبائعين والمصنعين الذين شاركوا في أضخم معرض للأسلحة النارية في العالم على دراية بالمعركة السياسية الدائرة في واشنطن حول وضع ضوابط أكثر صرامة لامتلاك الأسلحة الهجومية ومتعددة الطلقات. لم يبد أي منهم علامات على القلق أو الاطمئنان.

كان أحد تجار الأسلحة من إنديانا سعيدا بعرض وجهة نظره حول ما يدور في واشنطن قبل إعلان الرئيس باراك أوباما ما يتوقع أن يشكل خطة طموحة لتقنين امتلاك الأسلحة. وقال ستيف دراك، مالك متجر «غان دين» في شلبيفيل بولاية إنديانا، خارج مدخل المعرض شديد الحراسة: «الأمر مثير للسخرية. ما جرى في نيوتاون مأساة، لكن من يقوم بهذه الأعمال أشخاص مختلون عقليا، تصعب السيطرة عليهم. نحن بحاجة لأن نوفر الأسلحة للأشخاص الأصحاء عقليا حتى لا يتمكن المختلون عقليا من الحصول عليها».

جاءت تصريحات دراك تأكيدا لتصريحات مسؤولي اتحاد الأسلحة الوطني وجماعات الدفاع عن الأسلحة الذين أكدوا على ضرورة تركيز الجهود على تسجيل الأشخاص المعاقين عقليا ووضع حراس مسلحين داخل المدارس وعدم وضع قيود على امتلاك أسلحة هجومية.

وكان الرجل، 63 عاما، الأب لأربعة أبناء، واحدا بين 60.000 من مصنعي الأسلحة والصيادين وتجار الأسلحة ومدافعين عن امتلاك الأسلحة يتوقع حضورهم المعرض السنوي «معرض ومؤتمر الرماية والصيد»، والمعروف في المهنة باسم «شوت شو».

احتوى المعرض الذي شغل طابقين في معرض ومركز مؤتمرات «ساندز» الذي امتد حتى فندق «فينيتيان» المجاور، أكثر من ألف قطعة تمثل أحدث وأكثر الأسلحة تعقيدا؛ بدءا ببنادق «بوشماستر» نصف الأوتوماتيكية والدروع، إلى أدوات تنظيف الأسلحة ولباس الصيد. اقتصر المعرض على الجمهور والصحافة المحلية على الرغم من تجول مراسلين من مطبوعات مثل «الأسلحة والذخيرة» و«المسلح الأميركي» بحرية بين أروقة المعرض.

كان مراسلو صحيفة «واشنطن بوست» قد حضروا المعرض في دورتيه عامي 2010 و2011 ووجهت إليهم الدعوة العام الحالي، لكن بعد وقوع مذبحة راح ضحيتها 20 طفلا وستة بالغون في مدرسة ابتدائية نيوتاون بولاية كونيكتيكت قام بها رجل يحمل بندقية «بوشماستر» نصف الأوتوماتيكية التي تتسع لخزنة متعددة الطلقات، فإن منظمي المعرض رفضوا السماح لأي مؤسسة إعلامية بدخول المعرض.

كان كثيرون من رواد المعرض خجولين من الظهور إعلاميا ورفضوا الحديث بشأن النقاش الجاري. وحتى رؤساء الشركات الذين تحدثوا إلى الصحافيين طلبوا عدم ذكر أسمائهم. ويعتقد أحد رؤساء هذه الشركات وكثيرون غيره أن الكونغرس لن يوافق على فرض أي قيود جديدة، فيما قال مسؤول تنفيذي آخر إنه يشعر بخيبة أمل بسبب النقاش في واشنطن.

وقال المدير التنفيذي في جناحه بالفندق، حيث وقف حارس مسلح بالخارج: «ينبغي للمشرعين أن يبذلوا جهدا أكبر في وضع عقوبات أكثر تشددا ضد المشترين بأسماء مستعارة وإجراء مزيد من المحاكمات لمنتهكي قوانين السلاح القائمة ومشاركة أكبر للمعلومات بشأن المرضى العقليين».

أقيم المعرض الذي تم الترويج له باعتباره «الحدث الذي يواصل العطاء»، تحت رعاية رابطة رياضة الصيد الوطنية، التي يقع مقرها على بعد ثلاثة أميال من مدرسة «ساندي هوك» الابتدائية في نيوتاون. وقال رئيس الرابطة ستيف سانيتي، أحد المدافعين عن امتلاك الأسلحة الذي التقى جو بايدن نائب الرئيس الأميركي، الأسبوع الماضي، إن الصناعة قوبلت بسوء فهم، خاصة في أعقاب حادثة نيوتاون. وقال سانيتي، في تصريحات نوى مسبقا إلقاءها خلال عشاء مغلق الليلة قبل الماضية: «ينبغي لنا جميعا أن ندرك أن من لا يتفقون معنا يشاركوننا رغبتنا في التخلص من مثل هذه الأعمال الوحشية وينبغي لهم أن يدركوا أننا لسنا أشرارا. إننا صناعة مسؤولة تصنع وتبيع منتجات قانونية إلى مواطنين ملتزمين بالقانون». عرضت هذه المنتجات داخل صالة عرض حيث صممت أروقة ضخمة لتحل بدلا من القمرات البسيطة ومقاطع فيديو لصيادين يطلقون الرصاص في غابات أفريقيا. حضر المعرض بعض المشاهير مثل الممثل جوي مانتيغنا وتجول بين أروقة المعرض، وقام المدافعون عن حقوق حمل السلاح بتوزيع ملصقات حملت شعارات مثل «أميركا مسلحة وحرة»، و«الأسلحة لا تقتل الأفراد.. الأفراد هم من يقتلون الأفراد».

ويقول أحد المسؤولين من مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالحديث نيابة عن الوكالة: «يمثل المعرض الحالي الأصل لكل معارض الأسلحة، حيث يحتوي على أحدث الأسلحة والأكثر تعقيدا، والأكثر إقبالا عليه من جميع أنحاء الولايات المتحدة».

حضر مسؤولو مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية ومسؤولو تطبيق القانون الآخرون، المعرض، وأقام مسؤولو المكتب جناحا كبيرا بجوار مصنعي الأسلحة. كما أقام مكتب التحقيقات الفيدرالي جناحا قريبا وزعوا فيه منشورات تروج لنظام التحقق من الخلفية الجنائية. وعقد العملاء الفيدراليون حلقات دراسية لتجار الأسلحة حول كيفية الالتزام بالقانون الذي يحكم مبيعات الأسلحة وكيفية الحذر من مشتري الأسلحة الذين يشترونها لآخرين بصورة غير قانونية.

كان من بين أشهر أجنحة المعرض خلال السنوات الماضية الجناح الذي تعرض فيه بندقية «بوشماستر»، إحدى البنادق التي استخدمت في تنفيذ مذبحة نيوتاون وفي عمليات القتل في منطقة واشنطن في عام 2002. الأفراد هنا لا يطلقون على «بوشماستر» أو أي بندقية «AR-15» اسم بنادق هجومية، فقد أعاد مسؤولو الرابطة تسميه هذه الأسلحة النارية بالبنادق الرياضية الحديثة.

كان معرض «شوت شو» السابق قد أقيم بعد 11 يوما من إطلاق الرصاص على عضو مجلس النواب غابريلا غيفوردز في 8 يناير (كانون الثاني) خارج متجر للبقالة في توكسون، وقتل خلاله ستة أفراد وأصيب أكثر من عشرة. استخدم مطلق الرصاص بندقية متعددة الطلقات تشبه تلك المستخدمة في نيوتاون. وركز حضور المعرض في ذلك العام على ممارسة التجارة والحيلولة دون ما يخشونه من تراجع حريتهم في امتلاك الأسلحة.

وقال لورانس كين، المستشار العام لرابطة رياضة الصيد الوطنية بعد حادثة غيفوردز: «ما حدث في توكسون لم يكن فشلا لقوانين السيطرة على الأسلحة، بل فشل في نظام الصحة العقلية».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»