طائرات تركية تقصف 50 موقعا للمتمردين الأكراد في شمال العراق

البيشمركة: أمن الحدود شأن سيادي.. والخارجية العراقية تدين استمرار العمليات

TT

أكدت مصادر عسكرية تركية أمس أن الطائرات التركية قصفت أول من أمس أكثر من 50 موقعا للمتمردين الأكراد في شمال العراق، من دون الإشارة إلى وقوع ضحايا. وكانت الطائرات التركية قد استهدفت الاثنين 18 موقعا على الأقل لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق، في أول غارات تنفذ منذ أسابيع، وبعد أن بدأت تركيا الشهر الماضي مفاوضات مع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجنه.

وقال مصدر عسكري فضل عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية: «أقلعت 16 مقاتلة (إف 16) مساء الثلاثاء من قاعدتها في ديار بكر (جنوب شرقي تركيا) وقصفت أهدافا في جبل قنديل شمال العراق على بعد 90 كلم من الحدود» التركية.

وأضاف: «تمت إصابة أكثر من 50 هدفا خلال العملية التي استمرت ثلاث ساعات».

وبرر الفريق جبار ياور أمين عام وزارة البيشمركة بحكومة إقليم كردستان العراق والمتحدث الرسمي باسمها أسباب سكوت الحكومة المحلية عن تلك العمليات التي تكاد تكون يومية ضد مناطق الإقليم، والتي تتسبب بأضرار مادية كبيرة، قائلا: «نحن لا نسكت عن قصف الطائرات التركية، ولا عن أي هجمات أخرى سواء كانت بالمدفعية أو الطائرات، فنحن نراقب حدودنا المشتركة مع تركيا وإيران وسوريا، وأي خرق لحدودنا أو عمليات قصف مدفعي أو جوي تستهدف مناطقنا نوثقها بمذكرات رسمية ونبعثها إلى وزارتي الخارجية والدفاع العراقيتين، ونوزع نسخا منها على القنصليات والسفارات، وكذلك على مكتب الأمم المتحدة، كما نوثق خلالها جميع الخروقات اليومية التي تحدث»، مشيرا إلى أن «مسألة الرد على هذا القصف ليس من صلاحياتنا، فهو شأن سيادي حسب الدستور العراقي».

وأضاف ياور: «إن المادة 110 من الدستور العراقي تنص على أن أمن الحدود وكل ما يتعلق بها من معاهدات واتفاقات توقع مع البلدان المجاورة هي من صلاحيات الحكومة العراقية، أي أنه شأن سيادي، والحكومة العراقية هي المسؤولة عن حماية الأجواء العراقية وحدودها البرية والبحرية، ولا يحق لنا التدخل في هذا الشأن السيادي، حتى الطائرات المدنية التي تدخل المجال الجوي العراقي هي من مسؤولية السلطة الاتحادية، وبذلك نحن لا نستطيع أن نطلق النار أو نرد على تلك الهجمات المتكررة، وهذا شأن الحكومة العراقية التي لها أن تتحرك سواء عبر قنواتها الدبلوماسية أو الوسائل الأخرى لوضع حد لتلك الهجمات».

واعتبرت وزارة الخارجية العراقية استمرار قصف الطائرات التركية للقرى الحدودية الكردية شمال العراق عملا مدانا ومرفوضا ولن يجدي نفعا.

وقال وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا العمل بالنسبة لنا مدان ومرفوض ولن يجدي نفعا؛ لأنه يطال قرى حدودية يقطنها مواطنون أبرياء، وبالتالي فإنه لن يحقق ما تدعيه السلطات التركية من هدف بقصف عناصر حزب العمال الكردستاني».

وأضاف عباوي: «لقد سبق أن عبرنا أكثر من مرة عن رفضنا لمثل هذه الأساليب، سواء من خلال إصدار بيانات احتجاج، أو إرسال مذكرات رسمية للجانب التركي بضرورة إيقاف هذا القصف؛ لأنه عمل مرفوض ويعتبر خرقا للسيادة الوطنية العراقية»، موضحا «أننا ننظر إلى التفاصيل على صعيد ما جرى اليوم (أمس) وسوف نتعامل معه طبقا للأعراف الدبلوماسية».

وكانت الطائرات التركية قد اخترقت أول من أمس الثلاثاء أجواء إقليم كردستان وقصفت عددا من القرى الحدودية في سفح قنديل. وذكر المكتب الإعلامي للاتحاد الوطني الكردستاني أمس أن «أربع طائرات حربية تركية قصفت عددا من القرى في منطقة قنديل»، مبينا «أن الطائرات اخترقت أجواء إقليم كردستان عند الساعة 23:00 ومن ثم قصفت عددا من القرى في المنطقة».

وأضاف أن «القصف تسبب في تدمير سبعة منازل في قرية سلي»، مشيرا إلى أن «القصف لم يتسبب في إحداث خسائر بشرية؛ لأن أهالي القرية كانوا قد غادروا إلى القرى المجاورة».

من جهتها أكدت عضو البرلمان عن القائمة العراقية وعضو لجنة العلاقات الخارجية ندى الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي نعانيها في العراق هي عدم وجود موقف حقيقي من هذه الأمور»، مشيرة إلى أن «الحكومة ليس لديها موقف محدد وواضح من هذه القضايا السيادية، كما أن البرلمان هو الآخر ليس لديه موقف، وهو ما يجعل الآخرين يستسهلون مسألة التدخل في الشؤون الداخلية للعراق».

وكانت العلاقات العراقية - التركية التي شهدت طفرة تجارية كبرى، سواء بين الحكومة الاتحادية في بغداد أو مع حكومة إقليم كردستان، شهدت العام الماضي انتكاسة سياسية حادة على أثر تبادل الاتهامات بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ونظيره العراقي نوري المالكي.

وتتهم حكومة المالكي تركيا الآن بالضلوع في تحشيد أبناء المناطق الغربية من البلاد ذات الغالبية السنية والتي تشهد موجة من الاحتجاجات الجماهيرية منذ نحو ثلاثة أسابيع، وذلك على خلفية قيام بعض المتظاهرين برفع صور رئيس الوزراء التركي أردوغان.