وزير التنمية السياسية الأردني لـ «الشرق الأوسط»: مصلحة الحكم والحركة الإسلامية التفاهم

بسام حدادين: من يقاطع الانتخابات سيخسر

TT

يرى وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية في الحكومة الأردنية، بسام حدادين، أن الأحزاب التي قررت مقاطعة الانتخابات المزمعة في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، هي التي ستكون خاسرة. وقال: «كسياسي ومن موقع المسؤولية أعتقد أن خيار المقاطعة سيجعل هذا التيار يخسر أهم ساحة وميدان ومنبر للتأثير على مخرجات العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى محطات الإصلاح السياسي القادمة». وأضاف: «في نفس الوقت، غيابهم عن البرلمان فيه خسارة عامة لأننا نريد أن نتقدم معا كقوى سياسية بغض النظر عن أصولها الفكرية».

ويؤكد حدادين في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أن مصلحة الحكم والحركة الإسلامية التي اعتبرها تيارا مهما، وقررت المقاطعة، تستدعي أن تكون هناك تفاهمات بينهما. ومن وجهة نظر الوزير حدادين فإن «المقاطعة لا شك أنها تلقي بظلالها على العملية الانتخابية ونتائجها».

وقال حدادين، إن الملك عبد الله الثاني يعد بانتخابات نزيهة حرة وشفافة، وتشدد على ذلك أيضا الحكومة التي نأت بنفسها عن الاقتراب من العملية الانتخابية برمتها، وألقت بالعبء على الهيئة المستقلة للانتخابات برئاسة عبد الإله الخطيب التي تم استحداثها عقب التعديلات الدستورية صيف العام الماضي.

ويوضح حدادين أن الحكومة الحالية انتقالية مهمتها الرئيسية تسهيل إجراء الانتخابات النيابية، من خلال توفير كل الاحتياجات اللوجيستية للهيئة المستقلة للانتخابات كي تقوم بعملها على أكمل وجه. وقال: «كحكومة نحن معنيون بتحفيز الرأي العام للمشاركة في الانتخابات والدلالة على أهمية العملية الانتخابية في تتويج الإصلاحات التي تحققت وذلك بتشكيل برلمان جديد وشرعي بمعنى غير مطعون بتشكيلته».

ولا يرى حدادين أن الانتخابات سوف تنهي المسيرات الاحتجاجية في الأردن، مؤكدا أن «تيارا راديكاليا سيبقى في الشارع وهذا طبيعي ولكن سيخف تأثير المسيرات على الأوضاع السياسية».

وفي ما يلي نص الحوار:

* في ظل وجود الهيئة المستقلة للانتخاب ما دور الحكومة في الانتخابات النيابية؟

- حكومة الدكتور عبد الله النسور انتقالية، وفي ظل وجود الهيئة المستقلة للانتخاب باعتبارها الهيئة الدستورية مهمتها الإشراف وإدارة العملية الانتخابية، فتقتصر مهمتنا كحكومة على توفير كل الاحتياجات اللوجيستية للهيئة كي تقوم بعملها على أكمل وجه. ونحن فخورون بما أنجزته الهيئة حتى الآن وفي المراحل التي مرت، إذ نجحت في عملية تسجيل قوائم جديدة للناخبين دقيقة وخالية من أي عورات انتخابية وهذا ليس برأي الحكومة فقط وإنما رأي كل الجهات المستقلة والمتابعة محليا وعالميا بالإضافة إلى هذا الدور نحن كحكومة معنيون بتحفيز الرأي العام للمشاركة في الانتخابات والدلالة على أهمية العملية الانتخابية في تتويج الإصلاحات التي تحققت وذلك بتشكيل برلمان جديد وشرعي بمعنى غير مطعون بتشكيلته ما يوفر ساحة وميدان موثوق يمكن أن يدير حوارا وطنيا بين القوى البرلمانية وأيضا القوى التي قاطعت الانتخابات لأسبابها الخاصة.

* كوزير في الحكومة وخبير برلماني هل تعتقد أن تجربة إدارة الانتخابات من قبل هيئة مستقلة أفضل من إدارة الحكومة؟

- بالتأكيد وجود هيئة مستقلة لإدارة الانتخابات والإشراف عليها سيكون أنجع في حراسة الصندوق الانتخابي من أي مؤثرات خارجية لأن الهيئة تضم نخبة من الشخصيات الوطنية المحترمة التي لن تقبل أن ترضخ لأي ضغوط من أي جهة كانت وعملها أيضا مفتوح وتحت رقابة الرأي العام والإعلام والمؤسسات الدولية.

* لكن أجهزة الحكومة موجودة في العملية الانتخابية؟

- ليست أجهزة الحكومة إنما موظفون عامون جرى انتدابهم بصفتهم الفردية وليس بصفتهم ممثلين لأي وزارة أو جهة ويخضعون إلى التدريب ويقسمون على الحيادية التامة.

* الحركة الإسلامية قررت مقاطعة الانتخابات النيابية.. هل سيكون هناك تأثير سياسي على المشهد الأردني عقب الانتخابات؟

- للأسف هناك تيار مهم في الساحة السياسية قاطع الانتخابات ولن يذهب مع الأغلبية الأردنية إلى صناديق الاقتراع وأعني تيار الإخوان المسلمين وحلفاءهم. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تقاطع الحركة الإسلامية الانتخابات ولكن في الظرف السياسي الراهن وفي ظل وجود حراكات سياسية ناشطة في البلاد تطالب بالإسراع في عملية الإصلاح، فالمقاطعة لا شك أنها تلقي بظلالها على العملية الانتخابية ونتائجها.

كنا نرغب أن يحدث توافق وطني بمشاركة تيار الإسلام السياسي لكن للأسف هذا التيار تشدد في مطالبه الإصلاحية الراديكالية ولوجود خلافات داخل صفوفه كان من الصعب بناء توافق وطني معه، خاصة أنه قد قاطع أكثر من محطة للحوار الوطني وكان يضع شروطا تعجيزية غير واقعية للحوار.

* كسياسي كان دائما في صفوف المعارضة، هل تعتقد أن الحركة الإسلامية خذلتك بقرارها عدم المشاركة في الانتخابات؟

- كسياسي ومن موقع المسؤولية أعتقد أن خيار المقاطعة سيجعل هذا التيار يخسر أهم ساحة وميدان ومنبر للتأثير على مخرجات العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى محطات الإصلاح السياسي القادمة، وفي نفس الوقت غيابهم عن البرلمان فيه خسارة عامة لأننا نريد أن نتقدم معا كقوى سياسية بغض النظر عن أصولها الفكرية، فالمشاركة تجعلنا نسير بأوسع توافق وطني نحو الإصلاح السياسي، وكنت أتمنى–وما زلت–أن يكونوا تحت قبة البرلمان وأنا سعيد بأن القوى اليسارية والقومية المعارضة غادرت التردد وقررت المشاركة في الانتخابات النيابية.

* هل ستكون الانتخابات النيابية محطة مهمة للأردن باتجاه إنهاء الأزمة السياسية بين المعارضة والحكومة؟

- شخصيا وبحكم خبرتي السياسية والبرلمانية أتوقع أن يكون مجلس النواب القادم بداية مرحلة سياسية جديدة في الدولة الأردنية ليس فقط بسبب ما تحقق من إصلاحات، بل لأن هناك إرادة عليا يجسدها الملك في كل مداخلاته وحواراته لإحداث تغيير حقيقي في أساليب إدارة الحكم والدولة وسيؤدي ذلك إلى تجديد في بنية الطبقة السياسية الحاكمة باتجاه توسيع القاعدة السياسية والاجتماعية للحكم، ما يهيئ فرصا أفضل لتوسيع قاعدة التوافق الراهن.

* عقب الانتخابات هل ستكون الأوضاع الداخلية أفضل وهل ستتلاشى المسيرات؟

- سيبقى هناك تيار راديكالي في الشارع، وهذا طبيعي ولكن سيخف تأثير المسيرات على الأوضاع السياسية.

* كيف ستكون علاقة الحكومة مع الحركة الإسلامية عقب الانتخابات؟

- الحركة الإسلامية الأردنية حركة راشدة حتى في ظل وجود تعددية سياسية طارئة عليها. وأعتقد أن تغيير قواعد اللعبة السياسية المستقبلية سيكون عاملا إيجابيا في تحقيق تواصل وتفاعل إيجابي. فمن مصلحة الحكم والحركة الإسلامية أن تكون هناك تفاهمات تؤدي إلى تطوير النظام السياسي، لكن بمرحلية وفي سياق الاستقرار والأمن، فالنظام السياسي الأردني يستند إلى دستور مرن وهناك قيادة متسامحة مستقبلية تطمح إلى أن يكون متلاقيا مع روح العصر.

* الملك عبد الله الثاني قبل أيام قال: «لن تكون الملكية التي سيرثها ولدي نفس الملكية التي ورثتها».. كيف تفهم هذه المقولة؟

- النظام السياسي الأردني هو نظام نيابي ملكي وراثي، والركن البرلماني ركن أساسي في النظام، فكلما تعمق هذا الركن أصبح دور البرلمان أفعل وصلاحيات الملك محكومة بعملية دستورية تستند إلى مؤسسات ديمقراطية تحقق أوسع مشاركة شعبية تجسيدا للمبدأ الدستوري الأمة مصدر السلطات.

* فكرة وجود وزارة للتنمية السياسية هل هي ضرورية في الدول التي يوجد فيها تحول إصلاحي؟

- هناك فهم مغلوط في الوسط السياسي والشعبي يعتبر أن التنمية السياسية هي مهمة وزارة أو جهة بعينها، فالتنمية السياسية بالأصل تعني الإصلاح السياسي كترجمة بلغة اللحظة السياسية والإصلاح السياسي عملية شاملة تشترك فيها كل مؤسسات الدولة وسنعلن خلال الأسبوع المقبل عن استراتيجية وطنية للتنمية السياسية لتحفيز كل قطاعات الدولة والمجتمع لتأخذ دورها في الإصلاح السياسي ولدينا قرار بدمج وزارة التنمية السياسية بوزارة الشؤون البرلمانية تحت اسم وزارة الشؤون البرلمانية والسياسية، وأعتقد أنه يمكن أن يكون لوزارة التنمية السياسية دور فاعل إذا ما توفرت الإرادة السياسية ويمكن أن تكون الوزارة مؤسسة ديكورية إذا لم تكن هناك إرادة، فالأساس هو الإرادة السياسية للإصلاح ونحن سننشئ أيضا مركزا للحوار الوطني تحت مظلة الوزارة هدفه خلق حوار وطني مستمر بين كل مكونات الشعب الأردني حول مختلف القضايا.

* أنت اليوم وزير في الحكومة وكنت قبل دخولك الوزارة تصنف سياسيا بأنك نائب يساري معارض فهل غادرت المعارضة؟

- أنا كجزء من المعارضة البرلمانية السابقة لم تتغير نظرتي للأشياء وعلى العكس أحاول من موقعي الجديد أن أدعم الآراء التي أتبناها وأعتقد أن وجود رئيس وزراء من المعارضة البرلمانية وأنا أيضا من المعارضة البرلمانية هو عنوان يؤشر على المرحلة الجديدة التي تحدثت عنها واعتراف عملي بأن المعارضة شريك في العملية السياسية ومؤشر على قبول فكرة التداول السلمي للسلطة وعلي أن أعترف بأن تجديد أساليب الحكم لن يتم مرة واحدة وفق كتالوجات جاهزة ولكنها عملية متجددة ومتطورة.

* كيف تأثر الأردن بالربيع العربي؟

- الربيع العربي انعكس بربيع أردني خالص لأن الدعوة إلى الإصلاح بدأ الحديث الرسمي عنها قبل الربيع العربي.. لكن الربيع العربي أسرع في عملية الإصلاح وأعطاه دفعة جديدة.

* هل سيشهد الأردن أغلبية حاكمة وأقلية معارضة؟

- أرى أن هذه الساعة اقتربت وهي قادمة وأنا بائع أحلام طول عمري ومتفائل في لعبة برلمانية ديمقراطية فيها أكثرية تحكم وأقلية تعارض ونحن في الطريق وهناك إرادة سياسية قوية للوصول إلى هذا الهدف.

* حكومتكم اتخذت قرارات اقتصادية كان لها تأثير على الأوضاع السياسية.. هل ستسهم هذه القرارات في تخفيف الأزمة الاقتصادية؟

- انعكست الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الأردني كما أن ارتفاع تكلفة فاتورة المشتقات النفطية أرهقت الموازنة العامة للدولة كما أن حجم المساعدات الخارجية انخفض ووصلت إلى حدود أقل مما كانت عليه في أي مرحلة سابقة لذلك اتخذنا إجراءات تقشفية على أمل تخفيف الضغط على الموازنة لكن ما زالت الموازنة تحت ضغط كبير، كما أن المساعدات التي ستقدمها دول الخليج لمشاريع في الأردن ستساعدنا ونأمل من دول الخليج التي كانت دائما السند الحقيقي للأردن الاستمرار في تقديم المساعدات المالية.

* كيف تقييم أداء الحكم في الدول التي وصل فيها الإسلاميون إلى السلطة؟

- أدعو كل الأحزاب العقائدية الإسلامية واليسارية إلى التحلي بالواقعية السياسية وأن يشقوا الطريق نحو تطوير الفكر السياسي وتبني فكرة التدرج والتوافق للوصول إلى التغيير.

* أوضاع اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري صعبة ما المطلوب من أجل التخفيف عنهم؟

- ألقت الأزمة السورية بأعباء كبيرة على الأردن أبرزها قضية اللاجئين الذين يتدفقون على الأردن يوميا هربا من جحيم الأزمة السورية وفي ظروف أجواء الشتاء القاسية تلقي على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية إضافية للمساعدة في تخفيف أعباء اللجوء لأكثر من ربع مليون لاجئ سوري في الأردن وتوفير مقومات الحياة والصحة والتعليم للاجئين وعائلاتهم.