باريس لم تعد وحدها في حرب مالي.. وفابيوس لا يستبعد دعما ميدانيا أوروبيا

خبير في «تشاتام هاوس» في لندن: الجزائر جزء لا يتجزأ من الأزمة.. ولا يمكن إيجاد حل لها دون مشاركتها

TT

في اليوم السابع من العملية العسكرية الفرنسية في مالي، بدأت باريس تحصد دعما أفريقيا وأوروبيا ودوليا هي في أمس الحاجة إليه للخروج من حال «العزلة» التي عانت منها في الأيام الأولى. وفي حين استمرت فرنسا في ضخ الرجال والسلاح والعتاد، بدأت طلائع القوة الأفريقية بالوصول إلى باماكو. وبموازاة ذلك، أكد شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي عزمهم على دعم باريس. وبعد المساندة السياسية والدبلوماسية، فإن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «لم يستبعد» أن تمد بلدان أوروبية يد المساعدة الميدانية بإرسال جنود لها إلى مالي. ولكن أيا من الدول الأوروبية لم تكشف عن خطط واضحة بهذا الشأن. وفي هذا الخصوص، عبر فابيوس عن «أسفه» لمحدودية السياسة الدفاعية الأوروبية المشتركة.

وإلى جانب التعبير الإجماعي عن الدعم التام للعملية العسكرية الفرنسية، فإن ما تحقق يدور حول ثلاثة أمور: الإسراع في تشكيل البعثة العسكرية الأوروبية لتدريب وإعادة تأهيل الجيش المالي، غير أن فرنسا نجحت في دفع شركائها الأوروبيين الذين اقتصر دعمهم حتى الآن على توفير بعض وسائل النقل الجوي للإسراع في نقل الوحدات الأفريقية إلى مالي، للتعجيل في تشكيل وحدة الدعم العسكرية الأوروبية لإعادة تأهيل وتدريب الجيش المالي وعلى توفير التمويل اللازم لعملية إرسال القوة الأفريقية إلى مالي التي أقرها القرار الدولي رقم 2085 وأخيرا على توفير دعم أكبر للعملية العسكرية الفرنسية.

وفي هذا الخصوص، علم أن بريطانيا وبلجيكا والدنمارك وألمانيا بدأت بوضع مجموعة من طائرات النقل العسكري بتصرف باريس للمساعدة على إيصال التعزيزات الفرنسية إلى مالي من جهة، وللإسراع في نقل القوة الأفريقية إلى هذا البلد. كذلك أخذت فرنسا تستفيد من الدعم الأميركي الوجيستي والاستخباري الأميركي.

وأناط قرار مجلس الأمن الأخير بالجيش المالي وبالقوة الأفريقية مهمة استعادة السيطرة على شمال البلاد الواقع حتى الآن تحت سلطة مقاتلي الشمال، الذين يتشكلون من القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وأنصار الدين.

وفي غضون ذلك، قال رئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ووزيرا الخارجية والدفاع أكثر من مرة، إن فرنسا «لا تريد أن تبقى في مالي كما أنها لا تريد أن تكون عملية استعادة الشمال من مسؤوليتها وحدها».

وسيكون لفرنسا دور أساسي في البعثة العسكرية الأوروبية التي ينتظر أن يصل عددها إلى 450 رجلا من عشرة بلدان على الأقل. وعلم أن قيادتها ستوكل لجنرال فرنسي. ويراد لها أن تنجز مهمتها خلال شهر. غير أن خبراء عسكريين يشككون في هذا «السيناريو المتفائل جدا» مستندين إلى التجربة السابقة مع القوات الحكومية التي تراجعت من مواقعها في الشمال دون قتال، فضلا عن ذلك، فإنها تعاني من الانقسامات العميقة داخل صفوفها. وتتحفظ أوروبا على إيكال أي دور قتالي لهذه البعثة.

وعلى الصعيد الأفريقي، نجحت باريس في «تعبئة» أصدقائها الأفارقة لمد الحملة العسكرية بالرجال نظرا للحاجة الماسة لذلك. وتتوقع باريس أن ينتشر ما لا يقل عن 2500 رجل ممن القوة الأفريقية الدولية قبل نهاية الشهر الحالي.

بموازاة ذلك، استمرت باريس بتعزيز قدراتها القتالية الميدانية. أرسلت قيادة الأركان الفرنسية طوافات قتالية أخذت الحاجة إليها تظهر أكثر فأكثر. وأرسلت طوافات قتالية من طراز «تايغر»، وهي أحدث ما تملكه القوات الفرنسية، وستعمل إلى جانب طوافات غازيل وكوغار. وتريد القيادة الفرنسية أن تقيم مقرين للقيادة واحد في باماكو والآخر قريب من جبهة الشرق.

إلى ذلك، قال أليكس فينز، الخبير في القانون الدولي ورئيس مشروع أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» في لندن، إن الصراع يتطور بالفعل على المستوى الإقليمي.

وأضاف فينز في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الجزائر جزء لا يتجزأ من أزمة مالي. ولا يمكن إيجاد حل لأزمة مالي دون مشاركة الجزائر، وبالتالي هناك صلة بين حادث مصفاة الغاز في الجزائر والوضع في مالي.

أما الدكتورة جوسلين مودسلي، المحاضرة في السياسة الأوروبية بجامعة نيوكاسل البريطانية، فترى أن الاتحاد الأوروبي فوجئ بما يجري منذ أيام في مالي، حيث تقول: «بصراحة، أعتقد أن فرنسا فاجأت الجميع بتدخلها. أعمال التخطيط من أجل عمليات السياسات الأمنية والخارجية المشتركة تستغرق وقتا طويلا، وهذا ما لم يكن يخططون له».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تفاجأ الجميع. عندما تولى هولاند منصبه. كان يقول إنه لن يستمر في سياسات (فرنسا تجاه أفريقيا)، ولكن هذا التدخل يعد نموذجا مثاليا على تدخل فرنسا في الشؤون الأفريقية».

وخلصت إلى القول إنه «إذا ساءت الأمور، أشك في أنهم مستعدون لتقديم مزيد من الموارد من أجل هذا العمل، ولكني أعتقد أنهم ما زالوا يعتبرونها عملية قصيرة إلى متوسطة الأجل، وليست عملية سوف يشتركون فيها على المدى الطويل».