سيف الإسلام القذافي يمثل أمام القضاء الليبي للمرة الأولى

الحكومة تتجه لفرض حظر تجول في بنغازي للسيطرة على الانفلات الأمني

وزير الداخلية الليبي عاشور شوايل يشارك في مؤتمر صحافي وإلى يساره اللواء يوسف المنقوش في طرابس أمس (أ.ف.ب)
TT

وسط حراسة أمنية مشددة وفي أجواء غلب عليها طابع السرية، بدأت السلطات الليبية محاكمة سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي في محبسه بمدينة الزنتان الجبلية غرب البلاد. ومثل المتهم سيف الإسلام القذافي أمس لأول مرة أمام محكمة الجنايات بتهمة المساس بأمن الدولة، ومحاولة الهروب من سجنه بمساعدة وفد المحكمة الجنائية الدولية أثناء زيارته له في السجن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفقا لما بثته وكالة الأنباء الليبية الرسمية.

وقال طه بعرة الناطق الرسمي باسم النائب العام إن المحكمة التي أجَّلت الجلسة إلى الثاني من شهر مايو (أيار) المقبل لإبلاغ وفد المحكمة الجنائية الدولية المفرج عنه للمثول أمام المحكمة، ولتوكيل محام عن نجل القذافي، اتهمت سيف الإسلام بالمساس بأمن الدولة ومحاولته الهروب وإهانته لعلم الدولة الليبية الجديدة الذي يرمز إلى حقبة الاستقلال إبان حكم العاهل الراحل إدريس السنوسي.

لكن بعرة أوضح في المقابل أن هذه المحاكمة لا تشمل الاتهامات الأخرى المتعلقة بالدور السياسي الذي لعبه نجل القذافي خلال الانتفاضة الشعبية ضد نظام والده قبل سقوطه ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011، مضيفا: «محاكمة المتهم ليس لها علاقة بالتهم الأساسية المنسوبة إليه، والتي سيحاكم عليها خلال الفترة القادمة».

ويشار إلى أن السلطات الليبية قد أوقفت وفد محكمة الجنايات الدولية، الذي زار نجل القذافي بمحبسه في مدينة الزنتان ووجهت له تهمة المساس بأمن الدولة، بعد اكتشافها قيام المحامية الأسترالية مليندا تايلور أحد أعضاء الوفد بتبادل مستندات مع سيف الإسلام، وزعمت أنها أحضرت أجهزة تجسس ورسالة مشفرة من محمد إسماعيل مدير مكتبه وأبرز مساعديه لمساعدته على الهروب.

من جهة أخرى، وفيما بدا أنه محاولة للسيطرة على التدهور الأمني الذي تشهده البلاد منذ عدة شهور، أكد الدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا اعتزام حكومته فرض حظر تجول ليلي في مدينة بنغازي شرق البلاد، والتي كانت عاصمة الثورة ومهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد القذافي.

وقال زيدان في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس في طرابلس التي عاد إليها أمس عقب زيارة دامت يومين إلى قطر، إذا تم فرض حظر التجوال سيكون في بنغازي فقط، لن تكون منطقة عسكرية لكن ستتخذ إجراءات أمنية قد يكون من بينها حظر أمني في الليل بعد التشاور مع المؤتمر الوطني العام (البرلمان). وتابع زيدان قائلا: «ليست لدينا نية ولم نتخذ أي قرار في هذا الصدد وإن شاء الله لن تكون بنغازي منطقة عسكرية وستعود قريبا إلى طبيعتها».

وأعلن زيدان أن الحكومة قد تقدم على إعلان فرض حظر التجول ليلا في مدينة بنغازي، إذا اقتضت الضرورة ذلك وأننا قد نصل إلى فرض حظر التجول ليلا في بنغازي، لافتا إلى أن قوات الجيش والشرطة ستنزل إلى الشوارع لفرض الإجراءات الأمنية المشددة خاصة في المدينة بنغازي واتخاذ التدابير اللازمة لاستتباب الأمن، وأكد زيدان أن حكومته التي تولت مهام منصبها في شهر نوفمبر الماضي تسير بخطى حثيثة لإعادة هيبة الدولة من خلال تقوية الجيش الوطني ووزارة الداخلية وهذا يثير حفيظة من لا يريد الأمن والأمان لليبيا، على حد قوله.

وجاءت تصريحات زيدان عقب تصاعد العمليات الإرهابية التي شهدتها على مدى الأشهر القليلة الماضية بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية، والتي كانت أول مدينة ليبية تنتفض ضد نظام القذافي، علما بأن هذه العمليات استهدفت مواقع للشرطة ومسؤولين سابقين وحاليين في جهاز الأمن والجيش.

ولقي ضابط شرطة مصرعه في وقت سابق من صباح أمس بالمدينة في حادث تفجير سيارة ملغومة هو الثاني من نوعه خلال يومين، فيما قال مصدر أمني ليبي إن صلاح الوزري قتل بقنبلة زرعت في سيارته لدى عودته إلى منزله.

وطالب عدد من شباب بنغازي بتفعيل الجيش والأمن الوطني وحل جميع الكتائب، وإعادة النظر في آمري الكتائب الذين يخدمون مصالحهم الشخصية والعناية بأسر الشهداء والمفقودين والجرحى.

كما طالبوا خلال اعتصام نظموه مساء أول من أمس بميدان الشجرة في وسط المدينة بسحب شرعية المجلس المحلي لبنغازي، وتعليق عضوية أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) عنها، ودعوا وفقا لما بثته وكالة الأنباء المحلية إلى تطهير جميع المؤسسات العسكرية والمدنية من أزلام النظام السابق، ومحاسبة كل من اختلس أموال الشعب الليبي، وتطبيق قانون العزل لكل من ثبت إهداره للمال العام.

وتجد الحكومة الليبية صعوبة بالغة في السيطرة على الفصائل المسلحة هناك منذ الانتفاضة، حيث ما زالت الأسلحة منتشرة بشدة في بنغازي شأنها في ذلك شأن باقي أنحاء البلاد.

وتبرز الهجمات التي استهدفت ممتلكات وأفرادا من بريطانيا وإيطاليا والصليب الأحمر والأمم المتحدة العام المنصرم خطورة الوضع الأمني في ليبيا.

وعلقت إيطاليا قبل يومين فقط العمل في قنصليتها ببنغازي ثاني أكبر المدن الليبية وسحبت عامليها لأسباب أمنية بعد حادث إطلاق نار استهدف القنصل في مطلع الأسبوع.

ولتحقيق قدر من النظام تعتمد الحكومة الليبية على ميليشيات كثيرة تتألف من آلاف الليبيين الذين حملوا السلاح للإطاحة بالراحل معمر القذافي. وبينما تقدم تلك الميليشيات خدمات أمنية فإنها في الوقت ذاته تمثل أكبر خطر أمني على أمن الدولة.

وأعلن زيدان أنه اتفق مع المسؤولين في دولة قطر التي زارها قبل يومين على أن يكون التعامل بينهما فقط في إطار التعاون الذي تحدده الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول، مضيفا: تعامل دولة لدولة بما يخدم مصلحة البلدين.

وتأتي هذه التصريحات على ما يبدو ردا على ما يثار في الشارع الليبي منذ العام الماضي عن وجود تدخل قطري في الشؤون الداخلية للبلاد.

وأوضح زيدان أن قطر تعاملت في السابق مع السلطات الجديدة في ليبيا عقب انهيار نظام القذافي ومقتله وزار مسؤولون قطريون طرابلس والتقوا قيادات من الثوار والمسؤولين، ولكن الآن سيتعاملون مع الدولة فقط. وشدد على أن علاقتنا مع قطر ندية ونحن نمثل بلادنا بحم الديمقراطية والشرعية، معلنا عن وجود اتفاق ثنائي على تبادل لقاءات لاحقة بين المسؤولين والوزراء في الجانبين لتعزيز العلاقات المشتركة.