المعارضة المصرية تتهم «الشورى» بالعصف بنتائج حوار وطني يرعاه مرسي

الرئاسة قالت إنها «غير مسؤولة».. والأحزاب تتجه للتراجع

مصريون لم يجدو وسيلة للسفر إلا فوق وعلى جانبي القطار المزدحم (رويترز)
TT

اتهمت قوى المعارضة بمصر أمس مجلس الشورى (البرلمان) بالعصف بنتائج الحوار الوطني الذي يرعاه الرئيس محمد مرسي، وذلك بعدما أقر المجلس مواد بقانون الانتخابات البرلمانية بالمخالفة لما تم الاتفاق عليه خلال جلسات الحوار الـ«7» التي جرت خلال الشهر الماضي، برعاية الرئيس محمد مرسي، وقالت مؤسسة الرئاسة: إنها «غير مسؤولة عن قيام المجلس بتغيير بعض نصوص مشروع القانون، لأن الشورى هو فقط صاحب السلطة التشريعية وهو الجهة الوحيدة المنوط بها إقرار القانون».

وأثار هذا الموقف، الذي جاء على لسان الدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة، غضب الأحزاب والقوى المدنية المشاركة في الحوار، والتي اعتبرت جلساته وفقا لهذا المنطلق بلا جدوى حقيقية. وأعلن الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة، تعليق مشاركة حزبه في جلسات الحوار، في حين وصف محمد أنور السادات رئيس حزب الإصلاح والتنمية، موقف الرئاسة بـ«المتناقض»، كاشفا في اتصال مع «الشرق الأوسط» عن «نية حزبه مراجعة موقفه من حضور الحوار بسبب هذه التصريحات المزعجة»، على حد قوله.

ومن المعروف أن أحزاب المعارضة الرئيسية، التي يقودها الدكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، وغيرهم تقاطع جلسات الحوار الوطني احتجاجا على قرارات «ديكتاتورية» اتخذها الرئيس مرسي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وواصل مجلس الشورى المصري في جلسته أمس (الخميس) برئاسة الدكتور أحمد فهمي، مناقشة مشروع قانون الانتخابات البرلمانية المقدم من الحكومة، وقد شهدت الجلسة جدلا شديدا، بسبب مطالبة بعض النواب إدخال تعديلات على مواد القانون بما يخالف ما تم الاتفاق عليه في جلسات الحوار الوطني.

وانتهى المجلس، الذي يتولى سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس جديد للنواب بموجب الدستور الجديد، من إقرار الصيغة النهائية لعدد من القوانين، وأهمها، النص على إلزام أي قائمة عدد مقاعدها أكثر من أربعة بأن تتضمن مرشحة امرأة، يكون ترتيبها في النصف الأول من القائمة، كما اشترط القانون أداء الخدمة العسكرية للمرشح؛ كما أن المجلس ألغى نصا يمنع النواب من تغيير انتمائهم الحزبي خلال فترة عضويتهم، بما يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال الحوار.

وقال علي إن «الرئاسة غير مسؤولة عن تغيير مجلس الشورى لبعض النصوص في مشروع قانون الانتخابات»، مؤكدا أن الرئيس ليست له مصلحة في دعم رأي محدد فيما يتعلق بهذا القانون.

وأضاف أنه «لا يعلم شيئا عن اعتراضات مجلس الشورى على مواد أخرى بمشروع القانون»، موضحا أن الجهة المنوط بها إقرار القانون فقط هي مجلس الشورى صاحب السلطة التشريعية، وأن الحوار الوطني في حد ذاته هدف لجمع القوى السياسية والاجتماعية المؤثرة على مائدة واحدة وفتح جميع الملفات، وليس الهدف من الحوار أن نملي على أي أحد شيئا.

وقلل علي من تأثير مخالفة الشورى لمشروع قانون الحوار الوطني على إقبال القوى السياسية على إرسال مقترحاتها بشأن وثيقة المواد الخلافية بالدستور الجديد، مضيفا أن «الحوار سيستمر لحين التوصل إلى هذه الوثيقة وعرضها على مجلس النواب المقبل».

وفي تعقيبه على موقف الرئاسة مما يدور داخل مجلس الشورى، قال السادات إن «الحوار دعا إليه رئيس الجمهورية، باعتباره رئيسا لكل المصريين وبحضور رؤساء عدد من الأحزاب، يجب أن يكون ما يخرج منه من اتفاق أو توافق هو إلزام لهذه الأحزاب، التي عليها أن توجه أعضاءها وممثليها في مجلس الشورى لتنفيذ ما تم التوافق عليه وإلا فلا جدوى من حضور الحوار أصلا».

وأضاف السادات لـ«الشرق الأوسط» أن «تصريحات المتحدث الرئاسي متناقضة مع ما تم الاتفاق عليه ومزعجة.. ولا تشجع انضمام الآخرين إلى الحوار الوطني.. كما تجبر الموجودين به على مراجعة موقفهم منه».

وأكد السادات أنهم في الحزب يراجعون موقفهم من حضور الحوار، في انتظار الشكل النهائي الذي سيخرج عليه قانون الانتخابات البرلمانية من مجلس الشورى»، وأضاف «إذا كانت البداية هكذا في قانون الانتخابات.. فماذا سنفعل في باقي الموضوعات مثل تعديل الدستور».

وأشار إلى أن الجلسة القادمة من الحوار الوطني التي ستعقد يوم الاثنين المقبل ستناقش ما تم تقديمه من مقترحات لتعديل بعض مواد الدستور الجديد والمقدمة من عدد من الأحزاب، وذلك من أجل تحديد الآلية التي سيتم في ضوئها مراجعة وتعديل هذه المواد.

وواصلت جبهة الإنقاذ الوطني، والتي يتزعمها البرادعي وتضم عدة أحزاب ليبرالية ويسارية منها (الدستور، الوفد، التيار الشعبي، التجمع)، مقاطعة جلسات الحوار الوطني.

ومن جانبه، أعلن نور وهو زعيم حزب غد الثورة تعليق مشاركة حزبه في الحوار الوطني لما وصفه بمحاولة البعض الالتفاف على ما تم الاتفاق عليه، معلنا رفضه لقانون الانتخابات الجديد، والذي جاء مغايرا لما اتفقت عليه الأحزاب في الحوار الوطني.

وأكد نور خلال مؤتمر صحافي أمس أن «مواد قانون الانتخابات الجديد اصطدمت بالنصوص الدستورية وغير مناسبة لما اتفقت عليه»، مشترطا تقديم ضمانات ملزمة قبل العودة للمشاركة في الحوار الوطني. وقال نور إن «مشروع القانون يتيح للحزب الحاكم ضم أعضاء مستقلين بعد نجاحهم في الانتخابات».

وحمل نور الأطراف التي شاركت في الحوار، ولم تكن مخلصة فيما اتفقت عليه على حد قوله، مسؤولية فشل الحوار.