الحكومة اللبنانية ترصد نفقات للانتخابات

سليمان يدعو النواب لمناقشة صيغة النسبية

TT

عادت المشاورات والاتصالات بشأن صيغة قانون الانتخاب المقبل في لبنان إلى المربع الأول، بعد الاستبعاد المبدئي لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» لعدم فوزه بإجماع كل القوى السياسية اللبنانية، بالتزامن مع إعلان الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس أن «الحكومة رفعت مشروع قانون للانتخابات ينص على النسبية إلى مجلس النواب الذي عليه مناقشته، وعلى الوزراء عدم الخروج عن الإجماع الحكومي حول قانون الانتخاب».

وأكد الرئيس اللبناني أمس، وفق ما نقله عنه وزير الإعلام وليد الداعوق بعد جلسة لمجلس الوزراء، أن «الانتخابات في مواعيدها، ولذلك وقّعت مرسوم فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لتسهيل إقرار قانون جديد من صنيعة اللبنانيين وليس مفروضا من أحد»، مستغربا اتهامه بأنه «خرج عن الإجماع المسيحي، وهذا غير صحيح، إذ كيف يخرج عن إجماع وطني لم يستشر فيه؟».

وأقرت الحكومة اللبنانية أمس الموافقة على منح وزارة الداخلية الاعتمادات المطلوبة لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية، عدا عن نقل اعتماد بقيمة 600 مليون ليرة (400 مليون دولار) إلى موازنة وزارة الداخلية تحضيرا للعملية الانتخابية، في تأكيد منها على جديتها في إجراء هذه الانتخابات.

وكان وزير الداخلية والبلديات مروان شربل قد أرسل في وقت سابق إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للتوقيع عليه، قبل نحو ستة أشهر من موعد الانتخابات، انطلاقا من قانون الستين المعمول به والذي ينص على أن يدعو وزير الداخلية الهيئات الناخبة قبل 3 أشهر. وقد أثارت هذه الخطوة حفيظة عدد من الوزراء، إذ رأوا فيها تبنيا لقانون الستين. وبحسب ما يقوله مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط» فإن «القانون الانتخابي هو الذي يحدد الوقت القانوني لدعوة الهيئة الناخبة إلى الانتخابات»، وبالتالي «متى تم التوافق على صيغة قانون الانتخابات المقبل، وفي حال كانت مهلة دعوة الهيئات الناخبة أقصر فإنه على وزير الداخلية التقيد بها وإعادة إرسال المرسوم إلى ميقاتي لتوقيعه».

في موازاة ذلك، لا تزال الأحزاب المسيحية الرئيسية متمسكة باقتراح القانون الأرثوذكسي، مطالبة في الوقت عينه بتقديم بديل ينصف التمثيل المسيحي. وقال عضو تكتل التغيير والإصلاح، الذي يرأسه النائب ميشال عون، النائب حكمت ديب لـ«الشرق الأوسط»: «نحن في انتظار بلورة مشاريع قريبة من اقتراح (الأرثوذكسي) تؤدي إلى النتيجة عينها لناحية التمثيل المسيحي». وأكد أنه «لا عودة إلى الوراء في هذا السياق أو الرجوع لقانون الستين»، موضحا «اننا لن نقبل بالتهميش المسيحي تحت أي ظرف كان أو مسايرة لأي كان»، معربا عن اعتقاده أن «الكرة اليوم في ملعب المجلس النيابي ورئيسه والكتل والقوى السياسية الممثلة فيه لناحية إنتاج مقاربة عصرية لقانون انتخابات يضمن حسن التمثيل، لا سيما المسيحي»، مبديا عتبه على «تيار المستقبل» الذي «كنا نتوقع منه أن يتفهم المطالب المسيحية، وأن يكون موقفه مماثلا للاستجابة التي لقيناها من حلفائنا في الطائفة الشيعية».

واتهم ديب تيار المستقبل برفضه اقتراح «الأرثوذكسي» انطلاقا من رفضه لـ«كسر أحادية التمثيل داخل الطائفة السنية». وقال «هو يرفض النسبية وكل اقتراح آخر قد يأتي بنواب سنة من خارج تياره، وكذلك الحال بالنسبة للنائب وليد جنبلاط»، موضحا أن «لكل رافض لهذا الاقتراح أسبابه لكن هناك شبه إجماع مسيحي عليه، باستثناء بعض الأصوات المتضررة منه شخصيا».

ويعد حزب الله أقل المتضررين من اعتماد أي صيغة انتخابية نظرا للأكثرية الشعبية التي يتمتع بها مع حليفه «حركة أمل» برئاسة بري، داخل الطائفة الشيعية. ويقول الخبير الانتخابي كمال فغالي، إن «النظام الأكثري الحالي هو الأفضل بالنسبة لحزب الله، لأنه يمكنه من السيطرة التامة على كل دوائره كما هو حال تيار المستقبل». ويوضح أنه «في حال إقرار قانون النسبية، وتحالف حزب الله مع حركة أمل، فهو قد يخسر ثلاثة مقاعد من أصل 27 مقعدا شيعيا، إذ إن النسبية ستتيح حسن التمثيل للمعارضة الشيعية الحقيقية الفاعلة على الأرض».

ويشير فغالي إلى أن «لدى حزب الله وحركة أمل حاليا 24 نائبا، فيما ثلاثة نواب شيعة آخرين منتخبون من قبل السنة (نواب 14 آذار: عقاب صقر، غازي يوسف وأمين وهبي) ويتبعون كتلة المستقبل، في حين أن النسبية قد تتيح وصول معارضين شيعيين يتمتعون بحيثية شيعية». لكنه يلفت إلى أن «ما يخسره حزب الله من خلال النسبية يربحه على صعيد فريق 8 آذار».

وكان حزب الله أعلن على لسان نوابه في وقت سابق عدم معارضته لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي»، مبديا تفهمه لـ«هواجس» حلفائه المسيحيين، علما بأن إقرار هذه الصيغة يفقده مقعدين مسيحيين.

وكان عضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيّب قد أعلن أمس أن «الطرح الأرثوذكسي لن يمر في المجلس النيابي، وكلام رئيس مجلس النواب نبيه بري واضح منه أنه إذا لم يكن هناك توافق لن يعرض المشروع على الهيئة العامة، وهذا التوافق غير موجود اليوم».