الرئاسة المصرية تؤكد التزامها بدعم الحرية الدينية وتعزيز التسامح

معارضو الرئيس يبثون مقاطع فيديو له في البرلمان

TT

يبدو أن سوء الحظ يلاحق الرئيس الإسلامي محمد مرسي، فالرجل بالكاد أكمل نصف عامه الأول في حكم مصر. ويواجه اليوم عاصفة من الغضب بسبب ما وصفه مراقبون بـ«ارتباك» قراراته ومواقفه السياسية والاقتصادية. ولم يجد معارضو مرسي وسيلة أفضل من أن يواجهوا الرئيس الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين بمقاطع فيديو تتضمن آراءه السياسية قبل وصوله لكرسي الرئاسة، ومنها «التحريض ضد اليهود»، وهو أمر أثار غضب الولايات المتحدة، فيما يحاول مساعده لشؤون لعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، الدكتور عصام الحداد، عبر بيانات باللغة الإنجليزية تصحيح أخطاء الرئاسة الصادرة باللغة العربية.

وأصدر الحداد، بيانا باللغة الإنجليزية أمس بشأن ما أثير حول تصريحات مرسي عن اليهود شدد فيه على أن الرئيس يؤكد أنه لا يقبل أو يتغاضى عن أي تصريحات مهينة لأي مجموعة بسبب الدين أو العرق ويؤكد احترامه للأديان السماوية الثلاثة وأتباعها، ويؤكد على ضرورة الاحتفاء بإنسانيتنا المشتركة وتقديسها. البيان حمل عنوان «بشأن التزام الإدارة المصرية بدعم الحرية الدينية وتعزيز التسامح بين الأديان». وجاء هذا البيان في أعقاب انتشار فيديو قديم للرئيس مرسي يصف فيه «اليهود والصهاينة» بعبارات أدانتها الإدارة الأميركية بحدة قبل يومين.

وجاء في بيان الحداد أنه في ضوء التصريحات الأخيرة للرئيس مرسي، فإنه يؤكد على احترامه الثابت لجميع الأديان السماوية، وأن الإدارة المصرية تكرر تأكيد التزامها بدعم الحرية الدينية وتعزيز التسامح بين الأديان. وأضاف البيان أن حرية الدين والمعتقد حق من حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في الدستور المصري الجديد الذي تنص المادة 43 منه على أن حرية الاعتقاد مصونة وأنه يجب على الدولة حماية هذا الحق.

واعتاد الحداد إصدار بيانات باللغة الإنجليزية موجهة إلى وسائل الإعلام الغربي للدفاع عن الرئيس، كان آخرها دفاعه عن موقف الرئاسة من أزمة حصار كوادر الإخوان المسلمين للمحكمة الدستورية العليا التي كان من المفترض أن تصدر حكما في بطلان تشكيل الجمعية التأسيسية ذات الأغلبية الإسلامية لكتابة الدستور قبل نحو شهرين.

وقال بيان الحداد أمس إنه «فيما يتعلق ببعض التقارير الإعلامية التي تشير إلى أن الرئيس المصري قد استخدم لغة التشهير والكراهية ضد اليهود قبل انتخابه رئيسا، فإن الرئيس يؤمن بقوة أنه يجب علينا أن نحترم بعضنا البعض ونحتفي بإنسانيتنا المشتركة ونقدسها، وأن الرئيس لا يقبل أو يتغاضى عن أي تصريحات مهينة لأي مجموعة دينية أو عرقية».

ولم ينتبه نشطاء المواقع الإلكترونية إلى فعالية سلاح «مقاطع الفيديو» القديمة لآراء الرئيس مرسي، الذي كان نائبا معارضا في البرلمان، إلا على وقع مأساة قطار أسيوط الذي راح ضحيته عشرات التلاميذ قبل نحو شهرين، حيث قرر مرسي قبول استقالة وزير النقل، وهو ما اعتبره معارضوه تجاوبا ضعيفا مع كارثة سبق لنظام الرئيس السابق حسني مبارك أن واجهها بقرار مماثل، وطالبوا بإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، مثلما كان مرسي يطالب في برلمان 2002.

وبينما كان حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين يستعد للدفاع عن مرسي، كان مقطع فيديو للنائب محمد مرسي أمام البرلمان في استجواب للحكومة بشأن حادث قطار العياط بالصعيد قبل عقد من الزمان يملأ الإنترنت، ويتسلل منه إلى شاشات الفضائيات، وهو ما تجدد خلال اليومين الماضيين على وقع حادث قطار البدرشين جنوب القاهرة الذي راح ضحيته 19 جنديا من الأمن المركزي كانوا في طريقهم لمعسكراتهم.

وخلال مقطع فيديو لجلسة البرلمان في 2002، مدته نحو دقيقتين، ظهر مرسي أمام البرلمان يطالب باتهام «جهة الإدارة العليا» بالإهمال الجسيم وعلى رأس الإدارة العليا رئيس مجلس الوزراء في عهد مبارك، قائلا: «ليس على الحساب كبير».

وحققت استراتيجية مقاطع الفيديو القديمة نجاحا في إحراج الرئيس، فدشن النشطاء ما يمكن وصفه بـ«علم المواقف الرئاسية المقارنة»، وأوصوا بتدريسها في مناهج العلوم السياسية، وبدأت رحلة البحث على الشبكة العنكبوتية لجمع مزيد من مقاطع الفيديو، وهو أمر يعكس أيضا النشاط الكبير لـ«النائب مرسي» أثناء معارضته للنظام السابق.

وأتى البحث بثماره فما أن انهار أول من أمس عقار جديد في محافظة الإسكندرية حتى بث النشطاء مقطع فيديو يظهر الرئيس مرسي متحدثا كنائب في البرلمان عام 2005 وهو ثائر إثر حادث سقوط عقار، متسائلا في استنكار: «أين رئيس مجلس الشعب؟ ولماذا ننتظر حتى يقع العقار ونوقع الخطأ على الذي لم ينفذ قرار الإزالة».

سيل من المقاطع الشبيهة في معظم القضايا بدأ يغزو الواقع الافتراضي لحصار الرئيس مرسي وملاحقته عقب قرارات يعتبرها النشطاء لا تلبي مطالب ثورة 25 يناير، بداية من اعتراض المرشح الرئاسي مرسي على منح الضبطية القضائية لضباط القوات المسلحة، وحتى إصداره قرارا مماثلا وهو رئيس، قبيل الاستفتاء على الدستور الجديد، مرورا بسلسلة الوعود التي قطعها على نفسه ضمن خطة المائة يوم الأولى ولم يتحقق منها، وفقا للمراقبين، إلا القليل.