أوباما يتجه لتعيين أقرب مساعديه رئيسا لموظفي البيت الأبيض

ماكدونو اشتهر بالتواصل مع مسلمي أميركا وكان ضمن الدائرة الضيقة التي أعدت للهجوم على بن لادن

دنيس ماكدونو (رويترز)
TT

كشف مسؤولون في الإدارة الأميركية أن الرئيس باراك أوباما يعتزم تعيين نائب مستشار الأمن القومي البارز دنيس ماكدونو في منصب رئيس موظفي البيت الأبيض، وبذلك سيصبح أقرب مستشاري أوباما للسياسة الخارجية حارس بوابة المكتب البيضاوي.

وعلى الرغم من أن أوباما لم يتخذ قرارا نهائيا بهذا الشأن، فإن بعض مساعديه قد أشاروا إلى أنه سوف يعلن عن هذا القرار مطلع الأسبوع المقبل. ويعكس تعيين ماكدونو في هذا المنصب استمرار أوباما في تعيين الأشخاص الذين يثق بهم في المناصب الحساسة. وسيشغل ماكدونو هذا المنصب خلفا لجاكوب ليو، وهو أحد المساعدين المقربين من الرئيس وكان أوباما قد أعلن عن ترشيحه لمنصب وزير الخزانة.

وسوف يضع هذا القرار خبيرا في مجال الأمن القومي في منصب يتطلب مواجهة عدد من القضايا المحلية الشائكة، بما في ذلك الميزانية والعنف المسلح والهجرة، وكذلك التعامل مع الكونغرس - وهو شرط كان يسبب مشكلات لواحد على الأقل ممن سبقوه.

وقال السيناتور الديمقراطي السابق توم داشل، الذي عمل معه ماكدونو قبل أن ينضم للعمل مع أوباما عام 2007، عندما كان عضوا في مجلس الشيوخ: «إنها مجموعة جديدة من التحديات بالنسبة له»، غير أنه أشار إلى أن ماكدونو لديه مؤهل أكبر من خلفيته السياسية، هو «علاقته الوثيقة للغاية بالرئيس». وأضاف داشل: «ما يسعى إليه الرئيس هو تكوين فريق متماسك للغاية يثق به، بدلا من تعيين أشخاص بحاجة إلى تعلم أسلوبه ومواقفه من جديد».

وفي هذا الصدد، قد لا يكون لماكدونو، وهو شخص صارم وزاهد يبلغ من العمر 43 عاما، نظير في الإدارة الأميركية. ونظرا لولائه الشديد للرئيس أوباما، فإنه دائما ما كان يتم الاستعانة به لحل أي أزمة تتعلق بالسياسة الخارجية خلال الولاية الأولى لأوباما، وهو ما جعله يتمتع بدرجة كبيرة من الثقة التي تتجاوز كثيرا عمره أو مسماه الوظيفي. ويُعرف عن ماكدونو، حسب تصريحات زملائه في البيت الأبيض، أنه يتعامل مع المشكلات التي تستعصي على أي شخص آخر، فقد قام، على سبيل المثال، بالتنسيق فيما يتعلق برد فعل الإدارة الأميركية على الهجمات على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية، وتداعياتها الفوضوية.

وعلاوة على ذلك، دائما ما يدافع ماكدونو عن أوباما بقوة، وهو ما يمكن أن يشهد به الصحافيون الذين يتلقون منه رسائل غاضبة عبر البريد الإلكتروني أو الهاتف. وغالبا ما يعبر ماكدونو عن غضبه أثناء قيادته دراجته ليلا في طريقه إلى منزله في تاكوما بارك بولاية ماريلاند، حيث يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة. ومع ذلك، دائما ما كان ماكدونو لطيفا في تعامله مع وسائل الإعلام، ولكنه عبر عن أسفه لتحول تركيزه إلى المداولات السياسية الداخلية عام 2010.

ونظرا لأنه يشغل منصب النائب الأول لمستشار الأمن القومي توماس دونيلون، فقد لعب ماكدونو دورا محوريا في تشكيل فريق الأمن القومي في إدارة أوباما خلال الفترة الرئاسية الثانية، وفي إقامة علاقات مع المرشحين مثل تشاك هيغل، المرشح لحقيبة الدفاع.

وعلاوة على ذلك، يعد ماكدونو من الشخصيات المقربة لجون برينان، مستشار الرئيس أوباما لمكافحة الإرهاب، والذي تم ترشيحه في الآونة الأخيرة ليشغل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية.

وجنبا إلى جنب مع برينان، كان ماكدونو أحد أفراد الدائرة الصغيرة للمساعدين الذين خططوا للهجوم على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مخبئه في باكستان. وفي صورة تم تداولها على نطاق واسع لأوباما وموظفيه وهم يشاهدون الهجوم في غرفة العمليات، كان ماكدونو يجلس على الطاولة، إلى جانب وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون.

وعقد ماكدونو سلسلة من الاجتماعات لإعادة تعريف المهمة الأميركية في أفغانستان، وهو ما ساعد في تشكيل طموحات أوباما الآخذة في التضاؤل من التدخل الأميركي، والتي طرحت للنقاش الأسبوع الماضي عندما أعلن عن خطة سريعة لنقل مسؤوليات الأمن إلى القوات الأفغانية. وخلال العام الماضي، اقترح ماكدونو على أوباما القيام برحلة مفاجئة إلى أفغانستان، والتي تضمنت خطابه في وقت الذروة إلى الأمة بشأن نهاية الحرب، والذي تم إلقاؤه من قاعدة باغرام الجوية. ويستمد ماكدونو معظم قوته من علاقته الوثيقة بأوباما، ويقول زملاؤه إن لديه شعورا قويا بما يريد الرئيس القيام به، وليس لديه جدول أعمال منفصل عن الرئيس.

ويقول جيمس مان، وهو مؤلف كتاب «الأوباميون» (The Obamians) الذي يتحدث فيه عن فريق السياسة الخارجية الخاص بالرئيس أوباما: «لقد اكتشف الناس في جميع أنحاء جهاز السياسة الخارجية سريعا أنه عندما كان مستشار الأمن القومي يتصل، فإنه ربما كان يتصل من أجل نفسه أو من أجل الرئيس. أما إذا اتصل دنيس ماكدونو، فإنه يتصل حقا من أجل الرئيس». وعلى الرغم من أن ماكدونو كان يمارس تأثيره في الغالب من وراء الكواليس، فقد اضطلع بدور رفيع المستوى في تنسيق التجاوب الأميركي مع الزلزال المدمر الذي ضرب هايتي أوائل عام 2010، بعدما أعرب أوباما عن إحباطه من البطء في انطلاق هذا الجهد. وبينما كان يتحرك مهرولا داخل مقر مؤقت في مطار بورت أو برنس عاصمة هايتي، كان ماكدونو ينظم عمل وكالات المساعدات ويقدم إحاطة بالوضع إلى المسؤولين الذين ينتقلون إلى مسرح الكارثة مثل هيلاري كلينتون.

ينحدر ماكدونو من مدينة ستيل ووتر بولاية مينيسوتا، وقد نشأ في أسرة كاثوليكية مكونة من 11 ابنا، صار أحدهم قسا فيما بعد. وقد مارس كرة القدم في «جامعة سان جون» بولاية مينيسوتا، التي صار معروفا داخلها باسم الشهرة الذي لازمه في طفولته وهو «الفتى». وبلغ من التزامه الديني بالمذهب الكاثوليكي أنه أبلغ أحد المراسلين الصحافيين مرة بأنه كان يوزع القهوة والحلويات في موسم الصوم الكبير. وقد اعتمد ماكدونو على إيمانه الديني عندما تم انتدابه للحديث إلى المسلمين داخل أحد المساجد في شمال فرجينيا عام 2011، حيث نقل رسالة مصالحة إلى المسلمين الأميركيين في وقت كان يشهد توترات بسبب الهجمات التي يرتكبها متشددون مسلمون من الخارج. ويقول ماكدونو بنبرته الواقعية المميزة له: «هذا هو المنطلق الأساسي: عندما يتعلق الأمر بمنع التطرف والإرهاب الذي يستخدم العنف في الولايات المتحدة، فإن المسلمين الأميركيين ليسوا جزءا من المشكلة، بل أنتم جزء من الحل». وفي حالة نادرة من التدخل في السياسة الداخلية، اتصل ماكدونو بمسؤولي الكنيسة الكاثوليكية بعد اضطرابات نتجت عن إصرار الإدارة الأميركية على أن تقدم خطط التأمين الصحي - بما في ذلك تلك الخطط التي تقدمها المؤسسات الكاثوليكية - خدمات تنظيم النسل للسيدات مجانا.

وربما يفتقر ماكدونو كرئيس للموظفين إلى الحيوية السياسية التي كان يتمتع بها رام إيمانويل، أو المودة المجاملة التي كان يتمتع بها ويليام دالي، أو الحنكة في ضغط الميزانية التي كان يتمتع بها ليو، إلا أن أصدقاءه يقولون إنه يتفوق في دقة المواعيد، وهي بالضبط نوعية الكفاءة التي يحتاج إليها الرئيس أوباما في فترته الثانية. ويقول جون بوديستا، الذي عمل رئيسا للموظفين في الفترة الثانية من ولاية الرئيس بيل كلينتون: «رئيس الموظفين في فترة الولاية الأولى ينتهي به الحال إلى أن يكون أشبه بالبديل في المبادرات التشريعية الكبرى. الشيء الهام في فترة الولاية الثانية هو جعل الحكومة بأكملها تسير على نفس الاستراتيجية التي وضعها الرئيس».

* خدمة «نيويورك تايمز»